شقصة برصد يافع..منطقة لم تدرج بعد في خارطة اهتمامات وخدمات الدولة

> استطلاع/ معين الصبيحي - تصوير/ محمد غرامة

> وأنت في هذه المناطق تشاهد كثيراً من المواقف المؤلمة، طرقات وعرة، وحياة بدائية قديمة يعيشها الأهالي وسط منازل تحكي عن أصالة الفن المعماري اليافعي، وعبق الماضي والحاضر، موزعة على جبال وقفار خالية إلا من أهلها وقرى قديمة تفتفقر لأبسط مقومات الحياة الإنسانية العامة إنها منطقة شقصة رصد يافع بمحافظة أبين، والتي تؤكد بأنها لم تدرج بعد إلى خارطة اهتمامات الدولة.
«الأيام» زارت هذه المنطقة وتلمست هموم أهلها وخرجت بالمعاناة الإنسانية الآتية.
منطقة شقصة إحدى المناطق الريفية التابعة إدراياً لمديرية رصد بمحافظة أبين، وتبعد عن مركز مديرية رصد بمسافة تقدر بأكثر من 10كيلو متر مربعا، وقبلياً تتبع أحد مكاتب يافع وهو مكتب الكلدي، رغم أن مديرية - رصد وفقاً للتقسيم الجغرافي والإداري الرسمي المعروف - مقسمة على محافظتي أبين ولحج لمساحتها الكبيرة ولعوامل أخرى كثيرة.
وهي إحدى المرتفعات الجبلية الشاهقة بنسب عالية فوق سطح البحر، كما أنها تمتاز بكثير من الميزات السياحية، وكذا تتمتع بطبيعة خلابة وساحرة ومناخ جميل، كما أنها منطقة زراعية تتنوع وتكثر فيها المزروعات، ومنها البُن اليافعي الشهير على مستوى الوطن وخارجه، وعلى مر التاريخ وتعتبر الزراعة من أهم وأبرز مصادر الرزق والدخل الأساسي في الحياة بالنسبة لكثير من الأهالي، إلا أن قلة تساقط الأمطار فيها أدى إلى تضاعف معاناة الأهالي ولم يعد اعتماد الأهالي على الزراعة كما كان.

ويقطن شقصة الآلاف من السكان في منازل حديثة وعتيقة تحكي عن أصالة الفن المعماري اليافعي وعبق الماضي والحاضر وسط قرى بدائية قديمة موزعة على جبال ومرتفعات وقفار خالية إلا من أهلها، وجميعها تفتقر لأبسط مقومات وضرورات الحياة الإنسانية العامة، لاسيما خدمات الأساسية، وتقع في إطار منطقة شقصة عدد من الأحياء أبرزها المجرور، والمضمار وعيشة، وذراع الحبيل، وقروى أخرى.
وتقطن هذه المنطقة منذ الأزل عدد من القبائل كقبيلة المخيري، وبن غرامة، والمقفلي، وبيت الحربي، وآل شملان.
**حرمان من الخدمات**
عدد من الأهالي عبروا عن معاناتهم في هذه المنطقة لـ«الأيام» عن مدى الحرمان الذين يعانونه من افتقار للخدمات بالقول: “الدولة وخدماتها في منطقتنها ليس لها تواجد ألبتة، فليس هنا من شيء يدل بتواجد الدولة، منذ الثورة الأكتوبرية حتى اليوم، حيت تفتقر لخدمات المياه، والمستشفيات، والطرقات، والبريد، وغيرها من الخدمات الأساسية”، موضحين بأن “الخدمة المتوفرة في المنطقة هي خدمة الكهرباء، والتي باتت تنعم بها المنطقة منذ فترة وجيزة يعود الفضل في توفرها إلى جهود أبناء المنطقة المغتربين والخيرين”.
**معاناة الصحة والتعليم**
يعاني أبناء هذه المنطقة كثيراً في مجالي الصحة والتعليم، حيث لاتتوفر فيها من المدارس سوى مدراس قديمة غير صالحة للتدريس ألبتة، مع ثلاثة فصول حديثة فقط لا تفي ولو بنسبة يسيرة من الغرض.
أما في المجال الصحي، ونتجية لانعدام المستشفيات فيها يضطر الأهالي إلى إسعاف مرضاهم حملاً على الأعناق وعلى سرير، لا سيما حالات الولادة حيث يقطعون مسافات كبيرة، وهو ما يعرض بعضهم إلى الموت نتيجة لتأخر عملية الإسعاف ومعالجته.
المعاناة هذه أيضاً شملت جانب التغذية، حيث لايستطيع الأهالي إيصال موادهم الغذائية نتيجة لوعورة الطريق إلا من خلال الحمير.
**وعود كاذبة**

ويوكد الأهالي أن “وعود الحكومة والمجالس المحلية بخصوص الدفع بأوضاع المنطقة المقلقة نحو الأفضل وإيصال المشاريع الخدمية إليها ليست سوى وعود عرقوبية”.
محمد خالد غرامة، أحد أبناء المنطقة تحدث عن جانب من معاناتهم لـ«الأيام» بالقول: “إننا محرومون من جميع الخدمات الأساسية، ولولا تضافر وتكاتف المواطنين لما نعمت منطقتنا في الفترة القليلة الماضية من خدمة الكهرباء”، مضيفاً “ولهذا فنحن لا نطالب الدولة بتوفير طريق معبدة، كل ما نطالبه منها هو توفير طرق بسيطة تمكنا من نقل مرضانا وتوصيل حاجياتنا بأقل المتاعب، وهذا لن يكلفها الكثير مقارنة بما تنفقه في مجال التخريب ومجالس القات، وغيرها من الأمور التي ينفق فيها أموال الدولة دون أي فائدة”.
**غياب تام للدولة**
أبو شائف غرامة تحدث عن الحرمان الذي تعاني منه هذه المنطقة وأبناؤها بالقول: “الدولة وخدماتها غير متواجدتين في هذه المنطقة، وكأن منطقتنا ليست من مناطق البلاد، ولهذا نحن نحاول بجهودنا الذاتية أن نكسر حاجز العزلة والحرمان التي حرمنا منها، وهنا ندعو كل الخيرين من أبناء هذه المنطقة لمساندتنا والوقوف معنا لنتجاوز بعضاً من المعاناة التي نذوق مرارتها باستمرار نتيجة للغياب التام للدولة”.
**الطريق حلم الجميع**

أكد لـ«الأيام» كثير من الأهالي أن “إنجاز طريق معبد بالاسفلت يربط المنطقة بعاصمة المديرية ومختلف مدن وعواصم البلاد يُعد حلم الجميع منذ عهد الأجداد، غير أن هذا الحلم لم يتحقق لأبناء هذه المنطقة حتى يومنا هذا”.
**جهود ذاتية**
ونتيجة للمعاناة الكبيرة التي يعانيها أبناء هذه المنطقة في مجال الطرقات وما تسببه لهم من مشكلات عدة لجأ الأهالي منذ أشهر قليلة لمحاولة شق الطريق، وإنجازها بجهود ذاتية من قبل أبناء المنطقة، وكذا المغتربين، غير أنهم يخشون تعثر هذا المشروع بسبب نقص الإمكانات، الأمر الذي أضطر فيه أبناء المنطقة بالتوجه بدعوة أبناء المنطقة في الداخل والخارج إلى ضرورة التبرع، وتضافر الجهود لإنجاز الطريق، والتي يجرى حالياً العمل فيها، والمسمى بطريق شعاب عامر ـ شقصة والمقبلة، بالإضافة إلى المشروع المقبل والمتمثل بطريق شقصة ــ عصور ــ عمران، والذي قد بدأ اعمل فيه من جهة منطقة رخمة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى