رجـــــــــــــال في ذاكـــــــــــرة التـــاريـــــــــــخ.. 1- فضل سعيد عاطف.. حمل مهام وهموماً تكثفت في شاربه الأبيض 2- عبدالله سالم اليزيدي.. خبر النضال والاعتقال وشتى الأعمال

> نجيب محمد يابلي

> 1 - فضل سعيد عاطف
**الولادة والنشأة
أسرة عاطف اكتسبت عراقتها في مضامير شتى منها العمل السياسي والعمل التجاري والنشاط الرياضي، وتعتبر هذه الأسرة من الأسر العريقة في مدينة الشيخ عثمان، وانتشرت مساكنها بين قسمي (C) و(D) من المدينة واللذين احتضنا عدداً كبيرا من مشاهير عدن سواء في التربية أو الفن أو السياسة أو التجارة أو الرياضة ولا يتسع المجال لحصرهم.
فضل سعيد عاطف من مواليد 16 سبتمبر 1941م في قرية الوهط المعطاءة، وفيها تلقى دراسته الابتدائية والإعدادية وكان النظام التعليمي آنذاك في ظل السلطنة العبدلية راقيا بجودة أهلها وجودة النظام التعليمي المصري، ومن زملاء دراسته عمالقة أمثال أحمد سالم عبيد ومحمد عيدروس يحيى والقاضي علي عوض ناصر.
رغم رحابة سوق العمل آنذاك إلا أن حاجة الأسرة دعت بأن يعمل فضل في خدمة العمل التجاري للأسرة إلا أن ظروفا سياسية أحاطت بالبلاد وقوضت النشاط الخاص على حساب النشاط العام، فالتحق بالوظيفة العامة.
**فضل عاطف يدور في فضاء الغذاء**
يلاحظ من محطات الوظيفة أو العمل أن فقيدنا الغالي فضل سعيد عاطف عمل في دوائر الغذاء فعمل في الثروة السمكية وعمل في المخبز الشعبي وعمل بوظيفة نائب مدير عام في مصنع معجون الطماطم بمنطقة الفيوش بلحج، نائبا لفقيد غالٍ آخر وهو المغفور له بإذن الله محمد أحمد عبده حمادي (المعروف باسم محمد حمادي) من أسرة عريقة في الشيخ عثمان ارتبط عميدها الحاج أحمد عبده حمادي بصناعة الصباغة التي اضيفت لاسمه (حمادي الصباغ).
علاقة العمل النقية التي ربطت عاطف بحمادي تمثلت في انتظام فضل سعيد عاطف بمشاركة أولاد حمادي الصباغ مجلس مقيلهم عصر كل خميس ولم ينقطع عن المجلس حتى وفاته.
**فضل عاطف وقرار علي ناصر محمد**
عمد تاريخ الرياضة في الجنوب عامة وعدن خاصة مشاركة أسرة سعيد عاطف في الحركة الرياضية وتحديدا مهدي سعيد عاطف وفضل سعيد عاطف واللاعب الشهير أحمد مهدي سعيد عاطف (شهرته الأحمدي).
ارتبط فضل سعيد بداية بنادي الشبيبة المتحدة (YCC) والذي تأسس عام 1939م بمدينة الشيخ عثمان والذي تمتع بقاعدة عريضة من الجمهور وعدد كبير من اللاعبين، ومن القيادات المجربة لقيادة هذا النادي العريق كان العزيز على قلوبنا سيف محمد عثمان شبوطي ـ متعه الله بالصحة وطول العمر ـ وكان العاطفان مهدي وفضل من قيادة النادي.
ومن لاعبي النادي الذين ارتبطوا بقيادة فضل سعيد عاطف الأعزاء: أحمد صالح قيراط وشكري صعيدي ومحسن كليب وعدنان مصطفى ونبيل عبدالعزيز وأحمد سعيد أحمد وعادل سرور وزاهر علي قاسم وماهر علي قاسم ومحمود عبيد وعلي مصطفى وأحمد مهدي الأحمدي وعزيز محمد سالم وعبده غالب وهاشم فضل.
انعقد المؤتمر العام الرياضي بعدن في 13 فبراير 1973 وأصدر الأخ علي ناصر محمد رئيس مجلس الرئاسة بالنيابة القانون رقم (30) لعام 1973م بشأن تنظيم الحركة الرياضية، ونشأ بموجب أحكام القانون المجلس الأعلى للرياضة واُسندت رئاسته للأخ فضل محسن عبدالله وزير المالية، ويحسب للأخ فضل سعيد عاطف أنه أسهم كثيراً في تأسيس وتنشيط المجلس.
**فضل عاطف من مؤسسي التجمع الوحدوي اليمني**
التجمع الوحدوي اليمني تجمع نوعي اكتسب تراكما كميا ونوعيا من خلال سجل مؤسسيه في العمل الوطني والمقاومة الوطنية (خذ مثلا حصار السبعين في صنعاء) والعمل الإبداعي مثل اتحاد الأدباء والكتاب في منظمة الصحفيين أو المنتديات والنوادي النقابية.
ولذلك تداعت قامات وهامات وطنية قبل قيام دولة الوحدة (المفترى عليها) في 22 مايو 1990 وأسست التجمع الوحدوي اليمني وصحيفته (التجمع) لتطرق باب حرية التعبير بعيدا عن شمولية الحزب في الجنوب والديكتاتورية العسكرية القبلية في الشمال، وبدا المتنفس الأول للمجتمع من خلال (التجمع) وصحيفته، ومن تلك القامات: عمر الجاوي ومحمد عبده نعمان والقرشي عبدالرحيم سلام وخالد حريري وخالد فضل منصور والدكتور عبدالرحمن عبدالله وحامد جامع وأحمد الكلز والدكتور علي عبدالكريم وحسن الحريبي وحسين السيد وفضل سعيد عاطف.
برز حزب التجمع الوحدوي اليمني منذ البدايات وانتشر الحزب ميدانيا في اعتصامات احتجاجية على تصرف معين أو اعتصامات تضامنية مع فرد أو مؤسسة تعرضت للتنكيل من قبل السلطة على المستويين المحلي أو المركزي، وكانت صحيفة (التجمع) لسان حال المستضعفين لأن قيادييه من معادن ثمينة وكان ـ بحق ـ حزب الزاهدين، وكان فضل سعيد عاطف من تلك النوعية.
**فضل عاطف حامل المهام والهموم الكثيفة بكثافة شاربه الأبيض**
ناضل فضل سعيد عاطف في كل الجبهات الرياضية والعمل الوطني والحزبي والأسرة والعمل المكتبي والميداني، وواجه التعسف لكنه صمد ولم ينكفئ أو ينكمش أو يتراجع أو يصاب بالإحباط وذلك حال الجاويين، ظل على ذلك الحال يعمل بصمت ورحل عن دنيانا بصمت حتى وفاته يوم الإثنين 15 ديسمبر 2014 عن عمر ناهز الـ (73) عاماً.
خلف فقيدنا الغالي وراءه أرملة وبنتين ودائرة اجتماعية واسعة وبصمات في حركة العمل الوطني والحزبي والرياضي والاجتماعي.
أتمنى على كل المحبين لهذه الشخصية الكبيرة أن يعملوا على إصدار كتاب عن سيرته العطرة في ذكرى أربعينيته التي تصادف 25 يناير 2015.
2 - عبدالله سالم اليزيدي
ورد في كتاب (الدولة الكثيرية الثانية في حضرموت 1845 - 1919) لمؤلفه ثابت صالح اليزيدي (ص 34): “وصلت يافع إلى حضرموت منذ عهد الدولة الحميرية الثانية في عهد الملك سيف بن ذي يزن، حيث صارت في نظر الحضارمة قبيلة حضرمية لها ما لهم وعليها ما عليهم.
أما آل الظبي فمن فخائذهم آل هرهرة وآل عفيف والبكري والمرفدي والمصلي والحضرمي والفضلي، ومن أفخاذ بني قاصد آل يزيد والبطاطي والذيباني والزغلدي والعمري وآل طاهر بالرابح ومنهم أيضا آل بن بريك وآل الكسادي، وقد استقروا في حضرموت وخاصة في مناطق الشحر والمكلا وشبام والقطن وقصيعر والقزة ووادي دوعن وليسر وغيرها وشكلوا جزءا هاما من سكان حضرموت”.
**الولادة والنشأة
عبد الله سالم عبدالله اليزيدي من مواليد المكلا عام 1938 وكان ترتيبه الأول بين أشقائه القاضي محمد سالم اليزيدي والصحفيين علي سالم اليزيدي وعباس سالم اليزيدي، ثم انتقل عبدالله اليزيدي إلى المدرسة الوسطى بغيل باوزير ومن زملائه في الدراسة المغفور لهم بإذن الله تعالى: الأستاذ فيصل عثمان بن شملان والأستاذ فرج بن غانم وعمر أبو بكر بالكديش وغيرهم.
**عبدالله اليزيدي ومغامرات جغرافية وعسكرية**
كان فقيدنا الكبير عبدالله اليزيدي صاحب قاعدة اجتماعية نوعية، ففي المدينة الجميلة المكلا (توأم عدن) ارتبط بعلاقات ودية مع عدد من الشخصيات منهم الأستاذ عيسى مسلم بلعلا، سكرتير سابق للدولة القعيطية والسيد أحمد محمد العطاس وزير السلطنة القعيطية وأخوه عمر العطاس وعمر بالكديش وأحمد عوض اليزيدي وأحمد الحوري.
انتقل بعد ذلك إلى الغيل ليعيش مع أخوال أمه آل بن شيخان ثم عاد إلى المكلا ومنها هاجر إلى السعودية في وقت مبكر، ويبدو أن هاجس “وما لذة العيش إلا بالتنقل” سيطر على اليزيدي فشد الرحال إلى قطر ولم تدم إقامته كثيرا في الدوحة عندما عاوده الحنين إلى الوطن وعمل في جيش النظام الحضرمي.
**البنك العربي مرفق عمله والسلفي رفيق دربه**
حمل عبدالله اليزيدي عصا الترحال إلى عدن عام 1964 وطرق باب الوظيفة وحصل عليها في البنك العربي ليصبح العمل المصرفي جسر تواصل مع المناضل الوطني والنقابي البارز عبدالله عبدالمجيد السلفي، أمين عام نقابة عمال البنوك الذي اغتيل يوم الخميس 28 أبريل 1966 عن (27) عاما في مسلسل التصفيات الجسدية بين فرقاء النضال، وكان السلفي ـ رحمه الله ـ أمين عام منظمة الشبيبة المتحدة التي لعبت دورا طيبا في تجنيد متطوعين للدفاع عن ثورة 26 سبتمبر 1962، وكانت توفر سبل النقل مع مساعدة مالية لمصاريف الرحلة، كما لعب السلفي دورا قوميا من خلال لجنة مقاطعة إسرائيل معنية بمقاطعة البضائع الإسرائيلية، ووجد عبدالله اليزيدي نفسه في معمعة النضال المتعدد والمتنوع مع رفيق دربه عبدالله عبدالمجيد السلفي.
**اليزيدي في صفوف جبهة التحرير**
أسس حزب الشعب الاشتراكي (وزعيمه عبدالله عبدالمجيد الأصنج) مع الرابطة (التي انسحبت لاحقا) والسلطان علي عبدالكريم والسلطان أحمد عبدالله الفضلي والسلطان محمد بن عيدروس العفيفي- أسسوا (منظمة التحرير) في العام 1965 والتي اندمجت مع الجبهة القومية في 13 يناير 1966م في إطار جديد (جبهة التحرير للجنوب اليمني المحتل).
التحق عبدالله اليزيدي بصفوف جبهة التحرير (FLosY) التي نشطت في الساحة العسكرية مع الجبهة القومية (NLF) وانضم إلى الساحة في وقت لاحق (التنظيم الشعبي للقوى الثورية) (PORF) وشارك عبدالله اليزيدي في أعمال الكفاح المسلح في عدن، وورد خبر عن استشهاده في إحدى العمليات الفدائية في كريتر، وبعد متابعات من الأهل والأصدقاء في حضرموت وعدن تبين عدم صحة الخبر.
تواصلت علاقة عبدالله اليزيدي بقادة جبهة التحرير أثناء الكفاح المسلح وبعد الاستقلال في 30 نوفمبر 1967 وعاد عبدالله اليزيدي إلى المكلا ليلة 16 - 17 سبتمبر 1967 مع عدد من رجال جبهة التحرير بهدف إسقاط المكلا قبل الجبهة القومية التي حسمت الأمر، وانتقل اليزيدي بعد ذلك إلى شبوة وعدن وعاد مرة أخرى إلى المكلا واعتقل مرتين واستقر به الحال بعد ذلك في يافع (حضرموت) وعمل بها مدرسا للغة الإنجليزية حتى تقاعده.
اليزيدي.. من النضال إلى المقال في عدن والمكلا
ساهم عبدالله اليزيدي بكتابة المقال بالصحافة في الستينات أثناء حرب التحرير ومنها صحيفة (الأمل) رئيس تحريرها عبدالله عبدالرزاق باذيب، وصحيفة «الأيام» رئيس تحريرها محمد علي باشراحيل، وصحيفتا (البعث) و(الطليعة) في المكلا.
اليزيدي.. بين رياضة كرة القدم والاصطياد
كان عبدالله اليزيدي متنوع الاهتمامات مثل قراءة الكتب والمجلات ورياضة كرة القدم، حيث لعب مع فريق نادي الكوكب وفريق نادي الريزميت برفقة علي صالح اليزيدي وعبدالله البطاطي اليزيدي، كما كان ـ رحمه الله ـ من هواة صيد السمك في سواحل المكلا وخلف.
اليزيدي في رحاب الخالدين
نشرت «الأيام» في عددها (5863) الصادر يوم السبت 8 نوفمبر 2014 خبر انتقال عبدالله سالم اليزيدي إلى رحمة ربه عن عمر ناهز (76 عاماً) بعد حياة حافلة بالنضال في عدة جبهات: وطنية وسياسية وصحفية ورياضية، وخلف وراءه سجلاً ناصعاً من الأعمال المخزونة في ذاكرة التاريخ، كما خلف وراءه أرملة وستة أولاد، الذكور منهم أربعة.
أتعشم أن تعمل الأسرة الكريمة على إعداد كتاب تأبين بمناسبة مرور عام على وفاته، يضم كتابات الفقيد في الصحف المذكورة مع كتابات عن ذكرياته، ولا شك في أنه قد كتبها.
**نجيب محمد يابلي**

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى