أهمية النقل البحري والموانئ للاقتصاد اليمني

> إبراهيم محمد دادية

>
إبراهيم محمد دادية
إبراهيم محمد دادية
يعتمد الاقتصاد اليمني بدرجة كبيرة علي حركة التبادل التجاري مع العالم الخارجي، وتمثل الموانئ البحرية حلقة الوصل بين اليمن والعالم، وينعكس تأثيرها بشكل كبير على الجانب والمستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والعمراني في البلد، ومع علاقة الترابط والتكامل والتأثير التي تجمعها فإن تأثيرها القوي والمباشر ينعكس على حركة ونمو القطاعات الاقتصادية الأخرى مثل: قطاع التجارة والصناعة والزراعة والنقل والخدمات والسياحة والثروة السمكية، وغيرها من القطاعات الاقتصادية.
كان انخفاض النشاط الملاحي لميناء عدن بمثابة الضربة القوية للاقتصاد الوطني، فبعد تحول نشاط الترانزيت وهروب الخطوط الملاحية العالمية ونفور السفن والبواخر وعدم توفر خدمات الشحن البحري التنافسية التي تربط اليمن بالعالم أصبحت اليمن في شبه عزلة اقتصادية عن العالم الخارجي رغم وقوعها على خط الملاحة الدولي، وأصبح من الصعب الحصول على خدمة الشحن البحري المناسبة من أي من موانئ العالم المختلفة إلى ميناء عدن، وإن وجدت فالخيارات محدودة والمنافسة معدومة، ويتعذر الحصول على الخدمة المناسبة فارتفعت أسعار الشحن البحري بصورة جنونية لتصبح ثلاثة أو أربعة أضعاف أجور الشحن إلى الموانئ المجاورة، وتراجعت الخدمات لتطول فترة الترانزيت والانتظار لوصول البضائع إلى الموانئ اليمنية بصورة غير معقولة وصلت في بعض الأحيان إلى 120 يوما، ولم يعد من السهل الحصول على خدمة شحن للبضائع من موانئ العالم المختلفة إلى الموانئ اليمنية في الوقت المناسب أو بالكمية المطلوبة أو بأسعار معقولة.
وقد حذر الاقتصاديون من انعكاسات المؤشرات الاقتصادية السالبة التي ظهرت نتيجة التراجع الخطير لنشاط الميناء الذي انعكس بتأثيره السلبي على القطاعات الاقتصادية، وامتد بتأثيره على الاقتصاد القومي بصورة خطيرة.
ويؤكد الخبراء الاقتصاديون أن تأثير زيادة تكاليف النقل مع ثبات العوامل الأخرى من أهم الأسباب التي أدت إلى تراجع حجم الاستثمار الخارجي، وانخفاض معدلات الادخار، وتراجع فرص الحصول على التكنولوجيا، وانخفاض معدلات التوظيف، وانخفاض معدل النمو الاقتصادي وارتفاع معدل التضخم وتدني مستويات دخل الفرد.
ومع انخفاض النشاط الملاحي لميناء عدن فقد انخفضت القيمة الإجمالية للواردات وانخفض معدل نمو الصادرات وحقق الميزان التجاري مزيدا من العجز مقارنة بالسنوات السابقة، كما ساهم انخفاض النشاط الملاحي في انخفاض الإيرادات العامة للدولة، وانخفض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية ومساهمة القطاعات الاقتصادية في الناتج المحلي الإجمالي.
كان مستوى الأداء للاقتصاد الكلي والبيانات والمؤشرات الاقتصادية توكد انخفاض في معدل النمو في القطاعات الاقتصادية بتأثير مباشر من قطاع النقل الذي تراجع معدل نموه في السنوات الأخيرة بصورة خطيرة، فقد سجل معدل النمو لقطاع النقل في العام 2009م نموا منخفضا بمقدار (28.01)، ثم في العام التالي 2010م سجل نموا منخفضا بلغ (17.77) أي بمقدار تغير (10.24) نقطة، وازداد الأمر سوءا لهذا القطاع في العام 2012م حيث سجل معدل نمو منخفضا بلغ ( 8.8 )، ومزيدا من التراجع والانكماش، حيث سجل نموا منخفضا في العام 2013 بلغ (5.2)، ويعتبر هذا المعدل أدنى مستويات التراجع والانخفاض على الإطلاق في هذه الفترة بين قطاعات النقل في المنطقة والإقليم والعالم كله.
أما مساهمة هذا القطاع الهام في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية فقد تراجعت مرتبة هذا القطاع من المرتبة الثالثة إلى المرتبة الرابعة في العام 2013م، حيث انخفضت مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية من (13.1) في العام 2009م ثم إلى (12.9) في العام 2010م بتراجع (0.2) نقطة، أما في العام 2012 فقد سجل مزيدا من التراجع والانخفاض إلى (11.02) ثم انخفضت بصورة خطيرة في العام 2013م إلى (10.68).
انعكس التراجع الخطير والانكماش الذي تأثر به قطاع النقل على القطاعات الاقتصادية الأخرى بصورة مباشرة وقوية، حيث تأثرت كل الأنشطة والقطاعات الاقتصادية وتراجع نموها بمعدلات منخفضة وخطيرة، وكان القطاع التجاري هو أكثر القطاعات تضررا بينها.
**القطاع التجاري**
يعتبر القطاع التجاري من أكبر وأهم القطاعات الاقتصادية في هيكل الاقتصاد اليمني ويعتمد هذا القطاع على حركة تبادل السلع والبضائع والمنتجات مع دول العالم المختلفة، وقد شهد هذا القطاع تراجعا وانكماشا خطيرين بسبب الصعوبات والتعقيدات والعقبات والعراقيل التي وضعت أمام نشاطه التجاري.
كان الانخفاض الخطير والمفاجئ لنشاط ميناء عدن كارثة اقتصادية انعكست على مستوى الأداء الاقتصادي الكلي، وتشير البيانات والمؤشرات الاقتصادية إلى أن القطاع التجاري شهد تراجعا وانكماشا كبيرين بسبب التأثير المباشر لتدهور النشاط الملاحي لميناء عدن، والذي وضع جملة من الصعوبات والتعقيدات والعقبات والعراقيل أمام حرية وسهولة التبادل التجاري والتي شكلت نسبة 80 % من مجمل الإشكاليات الواقفة، مما يعرقل دوره الاقتصادي.
ورغم أن معدل نمو هذا القطاع الهام احتل المرتبة الأولى بين معدلات نمو القطاعات الاقتصادية لسنوات، إلا أنه تراجع في السنوات الأخيرة إلى المرتبة السادسة، وقد بدأت الموشرات الاقتصادية في تسجيل العد التنازلي لانخفاض النمو في هذا القطاع الهام منذ العام 2009م، حيث سجل معدل نمو هذا القطاع نموا منخفضا بمقدار (45.88) وتراجع في العام 2010 ليسجل نموا منخفضا بمقدار (42.58) أي بنسبة تغير (0.3) نقطة، ثم جاء العام 2012م ليكون أسوأ الأعوام التي مر بها النشاط التجاري بسبب ارتفاع أجور النقل البحري، وعدم توفر الخدمات بصورة تنافسية والمشاكل المينائية والاضرابات وارتفاع أسعار أجور النقل البري، حيث سجل معدل النمو نموا منخفضا بلغ (7.6) ثم سجل نموا منخفضا في العام 2013م بمقدار (3.9)، أما مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية فقد تراجعت في العام 2013 إلى المرتبة الثانية.
وتراجعت نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي في العام 2012م إلى (15.93)، ثم تراجعت نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي في العام 2013م إلى (15.27).
حيث يعتبر هذا الانكماش والتراجع الكبير مؤشرا خطيرا ينذر بكارثة اقتصادية حقيقية، وتعتمد الخزينة العامة علي إيراداته التي تعتبر ثاني مورد بعد النفط من خلال إيراداته الجمركية والضريبية.
**قطاع الصناعة**
كان قطاع الصناعة يأتي في المرتبة الثانية، حيث سجل في العام 2009 معدل
نمو منخفض بمقدار (20.78) إلا أن معدل نمو هذا القطاع تراجع في عام
2012م إلى (13.3)، ثم انهار معدل نمو هذا القطاع عام 2013م ليسجل
معدل نمو منخفض (3.1)، أما مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية فيأتي في المرتبة السادسة، حيث انخفضت نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية من (8.3) عام 2009 فقد انخفضت إلى (8.1)عام 2010م بفارق يتراوح بـ(0.2) نقطة، وتراجعت مساهمته في عام 2013م إلى (8.07).
مع التأكيد على أن التدهور والانكماش الاقتصادي الذي نعاني منه اليوم ليس إلا حصاد السنوات السابقة من الضعف الاقتصادي الذي خلفه وجود جسور مهدمة وقنوات مسدودة مع العالم الخارجي، وارتفاع أسعار النقل البحري والنقل البري، حيث انعكست على الحركة والنشاط التجاري، وشجع التهريب وأحدث ضعف وهشاشة في القاعدة الاقتصادية بحيث لم يستطع الاقتصاد الصمود أمام الأزمة الاقتصادية الحالية، ورغم خطورة المؤشرات الاقتصادية السالبة التي ظهرت من وقت مبكر إلا أنها قوبلت بالتجاهل وعدم الاهتمام رغم إشارتها الواضحة إلى تخلخل في القاعدة الأساسية، وتأثير سلبي على البناء الاقتصادي.
* منسق الموانئ والنقل البحري بالاتحاد العام للغرف التجارية - عدن
عضو مجلس الأمناء لميناء ومطار عدن والنقل البري

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى