ولدي والـواتـس

> إبراهيم عوض الخضر

> منذ أيام قليلة مضت لم يعد ابني يقرأ كثيراً كعادته، ولم يعد يسألني - كما كان في أغلب الأحيان - إن كنت قد أحضرت معي صحيفة أو مجلة خاصة تلك التي تشبع ميوله الرياضي.. لم يعد ابني مهتمًا بما تنشره الصحف من أخبار محلية ودولية، وبنصائحي له قراءة صفحات (المنوعات) المنشورة في بعض الصحف في أوقات فراغة لِما تحتويه من طرائف مسلية وحكم وأقوال مأثورة وقصص قصيرة، لم يعد لديه وقت فراغ، أصبح كل وقته مشغولاً، لا يرد على أحد، وإذا أجاب فبكلمات مختصره: حاضر، تمام، بعدين، ولا يهمك!، كما لم يعد ينازعني ويطالبني بحصته من الوقت للجلوس أمام جهاز الكمبيوتر والدخول على الإنترنت، ولم يعد يكترث بالتلفاز لمتابعة قنواته الرياضية المفضلة.
يا إلهي! ماذا جرى له؟.. سألت وفكرت للوهلة الأولى إن كانت ثمة مشكلة تواجهه أو مرض - لا سمح الله - يعانيه؟، لكنني أدركت تماماً بأن لا مشكلة لديه ولا مرض، فحمدتُ الله على ذلك وعلى معرفتي لسر التحول المفاجئ والغريب في سلوكه، لقد كان (الواتس آب) هو المشكلة بعينها، هو من جعل ولدي ينزوي بعيداً، ويلزم الصمت طويلاً، ويقضي أوقاتاً كثيرة محدقاً فيه، تارة تراه ضاحكاً بشوشاً، وأخرى محدثاً نفسه والابتسامة على شفتيه!.
الحق يقال: إن انشغال ولدي بـ (الواتس آب) رغم نتائجه المؤسفة والمثيرة للقلق إلا أنه قد أتاح لي مجالاً واسعاً وحرية مطلقاً في متابعة الإنترنت ومشاهدة التلفاز بكل راحة ودون إزعاج.
لكنني رغم ذلك - كنت ومازلت - منزعجاً من (أفعال) المدعو (واتس آب) وتأثيره السلبي على النشاط والسلوك اليومي وقد غمرني - فجأة - شعور بالأسى والشفقة على ابني أكثر من ذي قبل، عندما تنامى إلى سمعي صوت زوجتي بعد إعدادها لطعام الغذاء، وهي تخاطب الابن بل تكاد تصرخ فيه بحنق: لم تعد أكولاً كعهدك، ولا تأبه بطعامك، ماذا حل بك؟!.. آه من (الواتس) الذي ضيعك.. خلَّي (الواتس) ينفعك!.
**إبراهيم عوض الخضر**

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى