معلمو اليمن.. وجزاء “سنمار”

> محمد أحمد فرحان

> لأن التعليم في بلادنا يعاني من إهمال كبير فإن البلاد قد لحق بها كم هائل من الفساد، ولا مخرج لنا من هذا المأزق الخطير إلا بتحسين التعليم و تطويره، وذلك لن يتم إلا من خلال الاهتمام بالمعلم محور العملية التعليمية الأساسي.
وفي المجتمعات المتقدمة فإن للمعلم المكانة المحترمة والرفيعة عند الدولة وفي المجتمع، أي أن المعلم يعيش حياة طيبة أثناء تأديته لواجبه التعليمي .. ويعيش حياة مريحة عند تقاعده، حيث يتوفر له الراتب التقاعدي المناسب لمستوى معيشي مرتفع، بالإضافة إلى الامتيازات الأخرى كالمواصلات المجانية والعلاج المجاني وغيرها من الامتيازات.
فهل جزء من ذلك يتحقق للمعلم في بلادنا؟!، على العكس هو ما يحدث للمعلم هنا في اليمن.. فالمعلم أثناء الخدمة يعيش في ضنك معيشي حقيقي، وعند تقاعده يعتبر في عداد الأموات، قبل أن يختاره الله إلى جواره.
وخير دليل على ذلك، ما يحدث الآن حيث تم إحالة آلاف من المعلمين إلى التقاعد قبل صرف مستحقاتهم من العلاوات السنوية والتي يستحقونها منذ العام 2005م، حسب قانون المرتبات والقرارات الملحقة بشأنه، كما لم تصرف الكثير من استحقاقات المعلمين المحالين للتقاعد بتسوية أوضاعهم الوظيفية نتيجة لحصولهم على شهادات بعد قانون المرتبات أو لحصولهم على ترقيات إدارية بحكم سنوات الخدمة وضرورة أن تنعكس تلك العلاوات والتسويات في كشوفات رواتبهم قبل إحالتهم للتقاعد، وذلك على أقل تقدير، وذلك لأن مؤسسة الضمان الاجتماعي لن تعترف إلا بكشوفات الراتب الأخير الذي يصل إليها، أي دون احتساب العلاوات والتسويات، وعلى المعلم المتقاعد بعدها أن يدوخ سبع دوخات في البحث عن علاواته المستحقة وتسوية درجته وراتبه بين وزارة التربية والخدمة المدنية والمالية والضمان الاجتماعي في عدن وفي صنعاء، وقد يطول الأمر شهوراً وسنينا، ذلك لأن كل جهة تبحث عن مصلحتها وليس عن مصلحة المعلم المتقاعد، وغالبا لا يحصل المتقاعد على حقه القانوني في التسويات والعلاوات.
إن ظل هذا الأمر على ما هو عليه سيكون إجحافا أيّما إجحاف بحق المعلم المظلوم الذي أفنى زهرة شبابه في خدمة التربية وأبناء المجتمع اليمني، وسيكون ذلك مثل جزاء سنمار، ذلك المهندس المعماري الذي بنى قصراً عظيماً للملك النعمان وقد جازاه الملك بأن قتله حتى لا يبني قصراً مثله لغيره.. فيا تربية، ويا حكومة، أيها الرئيس: ما جزاء الإحسان إلا الإحسان، و ليس الإساءة، و قديما قال الشاعر:
جزتنا بنو سعد بُحسن فعالنا... جزاء سنمار وما كان ذا ذنب
في الأخير.. نقول لمسئولي التربية: اتقوا الله في مُعلميِكم لأن الظلم ظلمات يوم القيامة، فما هكذا يكون التكريم للمعلم الذي تحتفلون سنوياً بعيده وتبيعونه كلاماً لا يُسمن ولا يُغني من جوع، بينما أنتم تذبحونه يومياً من الوريد إلى الوريد.
ونقول للنقابات المختلفة، وذات التسميات المتنوعة: أين دوركم النقابي في الدفاع عن حقوق منتسبيكم من المعلمين، أم أنتم لا تجيدون إلا الاشتغال بالسياسة.
ونقول للمعلمين المحالين للتقاعد أن لا تتنازلوا عن حقوقكم القانونية في استلام مستحقاتكم كاملة وبأثر رجعي منذ العام 2005م.
كما نقول للمعلمين الذين ما زالوا في الميدان: قفوا إلى جانب إخوانكم فإن الدور حتماً قادم إليكم لأن المثل يقول: “أكلت يوم أُكل الثور الأبيض”.
فهل ستصلح حكومة السلم والشراكة ـ وقد أعلنت عام 2015 عاماً للتعليم ـ ما أفسدته حكومة التوافق؟.. نسأل من الله التوفيق وأن يهدي الجميع إلى الحق والعدل.
**محمد أحمد فرحان**

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى