الجامع وحل القضية الوطنية الجنوبية

> عبدالرب أحمد درويش

> لكي يتجنب الجميع مخاطر السير منفرداً في طريق ومحاور صنعاء المبهمة، وخطيئة التفرد بمصير ومقدرات شعب الجنوب وأجياله القادمة، وشراك الخديعة ثانية، ولعنة التاريخ والأجيال القادمة، أو الوقوع تحت تأثير أوهام تحقيق الإجماع المطلق وامتلاك الحقيقة المطلقة لإقناع وجذب أكبر قدر ممكن من الجنوبيين إلى صفه ورؤيته أو اعتبار وتصوير عقد المؤتمر الجامع بأنه نهاية المطاف وبالعصا السحرية لجلب الجنوب على طبق من ذهب، لابد من القول إن رهن حل القضية الوطنية الجنوبية بعقد واختتام هذا المؤتمر أو سواه أو برفع هذا الشعار أو بخلافه أو بهذا المسمى أو بغيره.. إنما هو الخطأ والخطيئة بعينهما.
ولكي يتجاوز الجميع أيضاً حدود التسطيح والترف والعصف الذهني - النظري الملتبس تارة والمتناقض والممل تارة أخرى حول طبيعة وأسباب وأطراف القضية الوطنية الجنوبية، ومرتكزات ومقتضيات وضمانات وآليات حلها لأبد من الكف عن هزيج التبرير المكشوف لتبرير صوابية رؤيتي وسلوكي وخطأ وإدانة رؤية وسلوك غيري.
ما يجري في الشارع الجنوبي وبين الأوساط الحراكية والسياسية والنخبة المثقفة الجنوبية إنما هو في حدود الطبيعي والممكن غير أن إطالة أمد الحديث في شكل وأعراض القضية عبثي ومضيعة للوقت والجهد معاً، بينما الإفراط في تبرير الرؤى والآليات يندرج تحت طائلة قصور الفهم لسنّة الله في خلقه وسنن الحياة المعتادة للبشر، والتي حولتها ثقافة الأنظمة الاستبدادية على مدى عقود طويلة إلى فتنة وعداء وخروج وما إلى ذلك، وتحاول اليوم الشعوب إعادة الأمور إلى نصابها ومازال الأمر في طور التشكل والانبعاث ويحتاج إلى مزيد من الجهد والصبر والرعاية.
بُعيد انطلاق الحراك الوطني السلمي الجنوبي طفت على السطح صيغتان وآليتان جنوبيتان لحل القضية الوطنية الجنوبية: الأولى تنادي بإعادة صياغة وحدة 22 مايو 90م الاندماجية السلمية الطوعية التي فشلت في الواقع والنفوس وسقطت سلميتها وطوعيتها ومشروعيتها بالحرب على الجنوب، ومشروطة بحدود عام 90م وتقرير المصير لشعب الجنوب أي بآلية (الفدرالية المزمّنة من إقليمين)، والأخرى تنادي بالعودة المباشرة إلى حدود 21 مايو 90م (بآلية التحرير والاستقلال)، بينما صنعاء ترى وكعادتها أحقيتها في السيطرة على جغرافية ومقدرات سيادة الجنوب عبر آلية وحدة الواحد الأبدي أو آلية الفرض والإخضاع بالقوة.
وبالتالي هل يُعقل أن تكون آلية الوصول إلى الهدف مدعاة للجحود والمكايدة والفرقة والسجال والعبث وغيره بين الجنوبيين؟ وهل يعقل أيضاً أن يكون الاختلاف بوجهات النظر مانعاً لجلوس الأطراف الحراكية والسياسية، والمجتمعية الجنوبية على طاولة حوار واحدة أو مؤتمر وطني واحد؟.
إن اختلاف وجهات النظر في المسألة التكتيكية لايعطي الحق لأي طرف كان لاستبعاد وشتم ونعت الآخر بالمفردات غير المشذبة، بل علينا النظر إلى أبعد من ذلك إذا كنا نجيد استخدام السياسة ونميز بين ماهو طبيعي وممكن وخلافهما، وبين الحاجة والرغبة والسمسرة وبين الجزء والكل، وأنا ونحن.. حتى نستطيع أن نضع الفواصل في مكانها الصحيح والمعلوم، وبالتالي سيلاحظ الجميع أن الجلوس معاً أسهل بكثير مما كان يتصوره.
وأخيراً، ليس من المحرّم أو المنوع طرح (الجنوب العربي) أو غيره باعتباره دولة، وليس نظام كان وما يجب رفضه هو توظيف هذا الطرح أو ذاك للتحقيق مكاسب أو مآرب شخصية وسياسية وشعبية ومادية غير مشروعة وعلى حساب الآخر لأنها تضر أشد الضرر في النسيج الوطني الاجتماعي الجنوبي وبثقافة التصالح والتسامح التي يجب عدم المساس بها وتجذيرها وترسيخها في السلوك والممارسة السياسية والاجتماعية والعلاقات البينية أو تهدف إلى صهر وتقاسم مكونات الحراك الوطني السلمي الجنوبي في الطيف السياسي الجنوبي، وعلى الجميع أن يضع في الحسبان أن الحراك هو وجه الجنوب الجديد والمنشود وكيان مستقل، وهو من فجر هذه الثورة السلمية وواجه وما زال كل صنوف الظلم والإقصاء والتهميش من نظام صنعاء، وأن إرادة شعب الجنوب هي الحكم والفيصل في كل الأمور ابتداءً من اخضاع الحلول للاستفتاء وانتهاء بتحديد النظام السياسي الجديد للجنوب، وأن الوطن والمصلحة الوطنية العليا فوق كل اعتبار.
**عبدالرب أحمد درويش**

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى