قصتي مع فقيد الجنوب عمر الجاوي

> أحمد عمر المرقشي

>
أحمد عمر المرقشي
أحمد عمر المرقشي
قال الله تعالى: “من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا”.
قرأت في صحيفة «الأيام» منبر الأحرار مقال الأخ د. هشام محسن السقاف في العدد 5904 بعنوان (عمر الجاوي في ذكرى وفاته).. وقد شدني لكتابة هذه الأسطر قول الشاعر القديم: سيذكرني قومي إذا جد جدهم ** وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر.. وقول الدكتور: “لقد كان عمر الجاوي عنوانًا بارزًا لمرحلة تاريخية هي الأكثر إثارة في تاريخ شعبنا شهدت ما شهدته من تنامي الوعي الوطني والقومي والثوري بالخروج المتزامن من حقبة الاستعمار والإمامة والدخول في المرحلة الثورية ثم الدولة الوطنية التي اكتنفت حالاتها كثير من الإخفاقات وقليل من الإنجازات”.
لقد كانت لي حكاية مع فقيد الوطن عمر الجاوي، رحمه الله وطيب ثراه، ففي عام 1989م تقريبًا كنت في شمال الوطن في تعز العز بسبب 13 يناير المشؤوم الذي سنحتفل فيه بالتصالح والتسامح بين الإخوة في جنوب الوطن بعد أيام قليلة إن شاء الله، تعرفت على الأخ الأستاذ سعيد عبدالله الرجاعي من أبناء محافظة لحج القمندان لحج الخضيرة ضمن مجموعة آل قطيب في تعز، وفي يوم من الأيام كنت ذاهبا إلى صنعاء لمتابعة بعض القضايا الخاصة بي مع مجموعة (الزمرة) فقال لي الأستاذ سعيد الرجاعي معي أمانة أُريدك أن توصلها للأخ الأستاذ عمر الجاوي في صنعاء وهي مهمة جداً، فقلت ما هي، قال لي “صحف جنوبية” فقلت بكل سرور، وهذا شرف لي أن أقابل المناضل الوحدوي عمر الجاوي، أعطاني الأمانة وهي صحف (صوت العمال) و(الثوري) وبعض الصحف، وكانت ممنوعة التداول في صنعاء حينها، وأعطاني تلفون الفقيد عمر الجاوي وقال عندما تصل صنعاء اتصل به وهو سوف يقابلك لاستلام الصحف.
وصلت صنعاء واتصلت بالأستاذ عمر الجاوي فقال لي من أنت قلت له أنا أحمد عمر العبادي مرسل من الأستاذ سعيد عبدالله الرجاعي، فعرفني وقال لي الحمدلله على السلامة أين أنت الآن قلت له أنا في بير عبيد في فندق البحر الأحمر، فأرسل لي سيارة أخذتني إلى اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين بصنعاء، وجدت الأخ المناضل فقيد الجنوب العربي الحر الأستاذ عمر الجاوي رحمه الله وطيب ثراه، وكان بجانبه كثير من الأشخاص، منهم الأستاذ الشهيد حسن الحريبي والشهيد محمد عبد الملك المتوكل وكثيرون لا تسعفني الذاكرة لتذكرهم. فرحب بي ترحيبا حارا وأخذني في حضنه وتعانقنا عناقا أخويا جنوبيا، وسألني عن اسمي الكامل فقلت له أنا أحمد عمر العبادي المرقشي، هنا صرخ بأعلى صوته وقال أنت من معدن أصيل وأسرة مناضلة تاريخها مشرف في النضال في ثورتي 14 أكتوبر و26 سبتمبر، شكرته على ذلك المديح أمام أصدقائه، أتذكر عندما طلبت منه المغادرة من الاجتماع الذي كان فيه فقال لي أجلس عندي واعتذرت له وطلبت المغادرة، أدخل يده في جيبه كي يعطيني مبلغا من المال رفضت ذلك وأقسمت له أني لن أخذه فقال أنت في صنعاء وتحتاج إلى المال فقلت له الحمدلله معي ما يكفيني. لن أنسى ذلك ما حييت فرحمة الله عليك وطيب الله ثراك يا ابن الجاوي، يكفيني شرفًا التعرف عليك وجهًا لوجه والتحدث معك وإيصال صحف الجنوب إليك رغم الخطر الذي سأواجهه إذا تم كشفي من قبل النظام آنذاك.
واليوم أنا أكتب هذه الأسطر أخاطب روحك الطاهرة أنت وحسين الحريبي والمتوكل وكل شهداء الديمقراطية والوحدة من خلف قضبان الظلم والطغيان بسجن صنعاء المركزي منذُ الاعتداء الغاشم على مبنى ومسكن آل باشراحيل ومقر صحيفة «الأيام» ، حين حاولوا قتل رئيس تحرير “الأيام” (أبو المظلومين والمستضعفين والبسطاء والمساكين صاحب القلب الكبير الأستاذ الشهيد هشام محمد علي باشراحيل) في نفس المكان الذي تم فيه محاوله قتلك أنت والمهندس حسن الحريبي، الذي سقط شهيدا فرحمة الله عليكم جميعًا وطيب الله ثراكم.
واليوم أنا محكوم علي بالإعدام بحكم سياسي جائر وظالم بدرجة عالية من الامتياز وأنا بريء.
من خلال هذه الأسطر أتوجه بتحية حارة من القلب لكل من تضامن معي في الوقفات التضامنية أيام المحاكمات وإلى كل من في ساحات الشرف والكرامة شعب الجنوب العظيم المطالب بالحرية والاستقلال واستعادة دولة الجنوب المغتصبة.
ومن خلالكم أوجه كلمة عتاب لإخواني الجنوبيين في سلطة الاحتلال وأقول لهم ياعيباه ويا أسفاه.. أين وثيقة مخرجات الحوار الوطني؟ أين النقطة التاسعة من النقاط العشرين والنقطة السابعة من النقاط الإحدى عشرة من وثيقة مخرجات الحوار، والمرقشي يحاكم اليوم وقد شملته تلك النقاط، فكفى كذبًا على الله ثم على أنفسكم وشعبكم الجنوبي.
ولا أنسى ذكر 13 يناير 2015م أدعو للزحف إلى عدن ليوم التصالح التسامح وطي صفحة الماضي البغيض الذي كان سببه مطبخ النظام السابق، وشكرًا للدكتور هشام محسن السقاف الذي شجعني وذكرني بذكرياتي مع المناضل الجاوي والحريبي والمتوكل.. فرحمة الله عليكم جميعًا ولا نامت أعين الجبناء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى