لطمة العصر

> أحمد باحماله

> يبدو العنوان غريباً من أول وهلة، ولكن سيعرف معناه عند قراءة فحوى المقال المنبثق من قصة قديمة تنبه لها عقلي في ذات يوم، حيث كانت تلك القصة إشارة لمستقبل يوحي ويندد بكارثة بيئية واقتصادية واكتفاء ذاتي يتحدث عنه كثير من الباحثين في مؤتمرات وندوات عالمية، لكن لا حياة لمن تنادي.
قصة هذا المقال حدثت في عام 2001م، وإن كنتُ لا أتذكر الشهر بالضبط وكل من كان في تلك الرحلة، لقد كنت في الرحلة برفقة جدي الذي أخذني معه في زيارة تقام في حوطة أحمد بن زين بوادي حضرموت، وإن كان هذا ليس هو المقصود، ولكن نخوض في لب موضوعنا، وهو ذلك الرجل العجوز الذي شدني حيث كان قاعداً بالقرب وباكياً على طول الرحلة، في البدء حسبته فقد حبيباً أو ولداً له، وبشيء من التركيز على ما يقوله ويردده في حديثه مع نفسه
“النخيل.. النخيل مَن هؤلاء الذين يقتلون النخيل؟ من هؤلاء الظلماء؟ سيحاسبون أمام الله، يقتلون النخيل، ألا يعلمون مدى منفعة هذه الشجرة في ماضينا وحاضرنا”، مضيفاً “اللهم احفظ عسالة، وغندورة، والصومعة، وبلحاج، وباعشرق” سألته عن سبب الدعاء لهذه المناطق فقال: “ياولدي إنها آبار في تريم بها نخيل، وهي تقع في مناطق تربيت وترعرت فيها”.
وفي عام 2004م توفي ذلك الرجل، ولكن وفقني الله أن أزوره قبلها وقال لي في تلك الزيارة: “ياشباب.. الله الله في النخيل، لا تقتلوه اهتموا به، وستدركون قيمته لامحالة، إنني عندما أرى النخيل يتساقط كأنه يُعتدى عليّ”، خرجت ولم أدرك كثيراً، ولكنني أخذت تلك النصيحة وجعلتها نصب عيني، تمر الأيام ويموت ذلك الرجل مخلفاً وراءه همًا لا أعلم كيف أبلغه، ووصية لا أستطيع تنفيذها، كونني لست مختصاً في هذا الجانب، ولا أعرف شيئا عن النخيل.
بالأمس القريب جلست مع كثير من المهتمين لعل أهمهم رجل أمريكي مهتم بجانب الاكتفاء الذاتي، شرح لي تلك الثروة التي نملكها وهي النخيل، وما ينتجه من أنواع جمة من التمور التي تحمل فوائد لا تعد ولاتحصى.
وفي هذه الأيام زاد اجتثاث النخيل في حضرموت تحت مسميات التطور والتنمية الاقتصادية، وهم لا يعلمون أنهم يهدمون اقتصاد زرعه الأجداد لينفذوا مبدأ الاكتفاء الذاتي، أقول اقرأوا كُتب الزراعة اقرأوا كتاب بسقه الخريف، وغيره لتعلموا تلك الفوائد وهذه الثروة التي تهدموها بأيديكم.
ختاما أقول (أكرموا عمتكم النخلة).
**أحمد باحماله**

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى