زواج قصير المدى

> رباب محمد فرحان

> بعد تخرجه من الجامعة عمل ماهر بجد في وظائف كثيرة، وقد توصل بفضل جِده واجتهاده إلى شغل وظيفة مدير لفرع بنك خاص في عدن.
لم يبذل ماهر كل تلك الجهود بهدف الظهور بمظهر المتفوق، ولكنه فعل ذلك في سبيل تكوين أسرة سعيدة، ومن أجل تحقيق ذلك حرم نفسه من كثير من المتع، وفّر الريال فوق الريال واستطاع أن يشتري بيتاً متواضعاً، وقد أثثه بأثاث لا بأس بها، وبقي له مبلغ من المال احتفظ به من أجل أن يدفعه مهراً للعروس المنتظرة، وبالرغم من أن محيط عمله كان مليء بالفتيات الذكيات والنشيطات، وأغلبهن كن يكنين له الحب والاحترام والتقدير، ولكنه كان يفكر بفتاة جميلة وغير عاملة حتى تتفرغ لخدمته و خدمة أولادها وبيتها، وقد وجدها بالصدفة في بيت إحدى قريباته، فتاة صغيرة في السن، جميلة، مرحة، لا تعمل ومن أسرة فقيرة اعتقد أنه عثر على كنز، تقدم بسرعة مذهلة لخطبتها من أهلها، وقد وافق أهلها على الخطبة فوراً، لأنه كان بالنسبة لهم يمثل عريساً مثالياً لابنتهم، وفرحت الفتاة، وقد لاحت لها فرصة الفكاك من أسر الفقر والممنوعات.
وما هي إلا أسابيع حتى أصبح هو والفتاة عروسين يظلهم سقف واحد، وعاشا أسبوعاً من الفرح، أسبوعاً واحداً لا غير قبل أن يكتشف الزوج أن زوجته لا تجيد الطباخة، لم يكن ذلك غريباً فقد كانت من أسرة فقيرة يأكلون غالباً خبزاً تطبخه الأم مع قليل من الشاي، وقد كانت تلك الصدمة الأولى، ولكنه تجاوز ذلك مؤقتاً، وقرر كما هي عادته أن يصبر ويحاول مسايرة زوجته التي كانت بالإضافة إلى ذلك صعبة المراس، كان يأكل أغلب وجبات طعامه خارج البيت، وعندما كان يقرر الأكل في منزله كان يحضر الطعام من أحد المطاعم القريبة، ولكنه في نفس الوقت كان يجلب بعض المواد الغذائية للمنزل على أمل أن تعدل زوجته سلوكها وتحاول أن تتعلم الطباخة، ولكنها بدلا من ذلك كانت توزع تلك المواد الغذائية للجيران هروباً من الطبخ وكسباً للجيران إلى صفها في خلافات كانت تتوقع وقوعها لا محالة مع زوجها.
بدأت الزوجة بالتضايق من بقائها في المنزل فترة طويلة من اليوم، وفي فترة غياب الزوج في عمله، كانت الزوجة تخرج دون أذن من الزوج لزيارة صديقاتها وجيرانها، وقد أخذ الزوج أيضاً يتضايق من تصرفات الزوجة، وحاول توجيه النصائح لها، ولكن دون آذان صاغية من قبلها، بل زاد عنادها و تمردها، تصاعدت المشكلات فيما بينهما، اضطربت أمور الزوج المالية والعملية، وحانت لحظة الصدمة، فقد أعلنتها الزوجة مدوية و دون خجل (طلقني)، ذهل الزوج لم يكن يتوقع وهو من هو في نظر نفسه وأحبائه أن يسمع وبصفاقة كلمة خبيثة مثل تلك، شعر بالإهانة، وفي ثورة غضب كاد أن ينطقها كما أرادت الزوجة، ولكنه تمهل كعادته، فلم يكن لينهزم من أول جولة، وقرر أن يستمر في الصبر عليها لعل الله أن يهديها وينير لها طريق الخير.
وفي أحد الأيام أخبرته زوجته أنها تريد مبلغاً كبيراً من المال حتى تستطيع أن تذهب إلى حفلة عرس قريبتها، وعندما رفض وأخبرها أن ديونه كثرت ولن يستطيع أن يوفر لها المبلغ تصرفت الزوجة بطريقتها ووفرت المبلغ، وذهبت إلى حفلة العرس دون رضاه، وعندما تأخرت عن العودة إلى المنزل ذهب إلى مكان العرس لإحضارها، وهنا كانت المفأجاة، لقد وجدها في منظر مزري تلبس ثياباً خليعة وترقص بتفاعل على أنغام موسيقى صاخبة مع أحد أقربائها، ماسكة يده بيدها، وعندما شاهدته أختها ذهبت إليها لتنبهها، ولكن الزوجة ازدادت عناداً، نظرت باتجاه زوجها بتحدٍ واستمرت بالرقص، لم يجد الزوج بد من اختيار أحد الشرور إما ارتكاب جريمة أو إثارة فضيحة أو الطلاق.
انسحب الزوج بدون أن يثير أي جلبة، وذهب على الفور لأقرب مأذون شرعي، وبالرغم من أن المأذون حاول أن يؤجل أمر الطلاق إلى الصباح، ولكن الزوج أصر أن يتم الأمر حالاً، و قد تم له الأمر بعد أن وضع في يد المأذون مبلغاً من المال، أخذ الزوج ورقة الطلاق وعاد إلى مكان العرس، ولكنه لم يدخل واكتفى أن يقف أمام الباب حيث استدعى أخا زوجته وسلمه ورقة طلاق أخته.
و هكذا انتهت قصة زواج فاشل لم يستمر أكثر من ثلاثة أشهر.
**رباب محمد فرحان**

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى