أين نحن من ذكرى التصالح والتسامح ؟

> طه محمد المالكي

> قدم شعبنا الجنوبي الكثير من الشهداء والجرحى والمعتقلين من خلال مسيرته النضالية التي انطلقت في 7/7/2007م والتي يأمل هذا الشعب من خلالها أن ينال حريته واستقلاله على كامل تراب وطنه الجنوبي الغالي، لقد أسمع هذا الشعب العظيم والمناضل الداخل والخارج وأثبت أن لديه قضية عادلة ومركزية تتعلق بأساس حياته وهويته الوطنية إلا وهي قيام دولته التي دخل بها وحدة مع الشمال (الجمهورية اليمنية) عام 90م أملاً منه أن يسير نحو بدء وحدة عربية شاملة.
لقد ضحى هذا الشعب بخيرة شبابه، وقدم الكثير من دمه وماله، وتحمل ويلات القمع والتنكيل والتعذيب من قبل نظام صنعاء بسبب عمله النضالي السلمي لأجل استعاده دولته ووطنه.
وبرغم ظروفه المعيشية الصعبة إلا أنه حرص على أن يشارك في كل الفعاليات التي تقوم أثناء المناسبات الوطنية لكي يظهر للعالم من خلال مليونياته أنه شعب لديه قضية، ويجب على كل من يهمه الأمر أن يلتفت إليه ويتضامن معه ويساعده على استعادة وطنه كونه قد استبعد من الشراكة في الوحدة بسبب حرب ضالمة شنت عليه في صيف 94م، وقد عمل نظام صنعاء على إخراج أبناء الموسسة العسكرية والمدنية الجنوبية من أعمالهم ومعسكراتهم ونهب كل مؤسسات الدولة وصادر الأرض والثروة لصالحه في صنعاء.
واليوم ونحن في ذكرى التاسعة للتصالح والتسامح يوجه شعبنا الجنوبي العظيم رسالته إلى كل العالم وأولهم النظام في صنعاء والجامعة العربية ومجلس الأمن الدولي، وأيضا مجلس التعاون الخليجي، ويناشدهم بأن يتحملوا مسؤولياتهم تجاه هذا الشعب وقضيته العادلة، ويعملون على حلها حلاً عادلاً بما يرتضيه شعب الجنوب ويتناسب مع تضحياته الجسيمة التي قدمها ولا زال يقدمها منذ 2007 لكي ينال استقلاله واستعادة دولته كاملة السيادة، كونه لن يهدأ ولن يستكين ولن يقبل بغيرها.
ويوجه اليوم حراكنا العظيم رسالة أخرى إلى قياداته في الداخل والخارج لحثهم على توحيد صفوفهم إذا كانوا يحترمون قضيتهم وشعبهم حسب ما يزعمون، لقد جعلونا كشعب نضع عليهم علامة استفهام كبيرة خاصة قيادات الخارج لأن خلافاتهم تنعكس على الداخل، وخاصة على رؤساء المكونات الذي كل منهم يتبع طرفا من هذه القيادات، أما الشعب بأكمله - والحمد لله - لا يؤمن بالمكونات ولا بالقيادات، بل يتركز إيمانه بشكل كبير على قضية وطنه، وعلى نيل حريته، وينجرف وراء من هو أجدر ويراه الشعب قادرا على أن يتحمل مسؤولية قضيته ويقودها إلى النجاح.
لقد أجبر مضطرا بالاعتراف بهذه القيادة بسبب ظروف معينة فرضتها المرحلة والزمن، فنحن نتساءل هل تعدد المشاريع حول طريقة الوصول إلى الهدف يمنع الالتقاء والوفاء في ما بينهم، كونهم أشخاص لهم باع طويل في السياسة - إذا صدق ظني - بالعكس نحن نرى أن تعدد الحلول شيء إيجابي وممتاز، ويوفر فرصا كبيرة للحل بشرط أن يتم التنسيق حولها، بحيث لا تتعارض هذه الأدوار مع دور ومساعي الاخرين، بل تعززها وتخدمها وتساعدها على الوصول إلى الهدف الأكبر، وأعتقد أن أي إنجاز يتحقق ولو بحده الأدنى يعتبر رصيدا يضاف لصالح القضية وخطوة أولى للسير بها إلى الهدف المنشود.
قبل حدوث المتغيرات الهامة والكبيرة في صنعاء ودخول الثوار اليها كنا نعتقد أن القيادات الإخوانية والمؤتمرية السابقة لها علاقة في التأثير على دول الجوار، وهذه الدول تعمل على عرقلة وتعقيد لقاءات قيادات الحراك في الخارج، لكن تبين لنا بعد هروب بعض القيادات وتشتت البعض الآخر في صنعاء أن قياداتنا في الخارج عاجزة عن عمل أي شيء للأسف، وغير مستعدة أن تلتقي حول هدف ورأي واحد حتى ولو تعددت أساليب الوصول إلى الهدف.
كوننا اليوم نقف أمام مرحلة هامة ومفصلية من تاريخ نضالنا يتطلب من هذه القيادات التحرك الجاد على المستوى السياسي والميداني في الداخل والخارج لكي تثبت قدرتها على تحمل مسوليتها أمام الوطن والشعب أو تعلنها بصراحة أنها غير قادرة أن تلتقي، وأن تقدم أي شيء للقضية وتترك الشعب يختار قيادات بديلة، أما إذا ظلت على هذا الحال كل واحد يسلك طريقا منفردا فلن تثمر جهودهم ولا نضالات الشعب وتضحيات الشهداء، ويعتبرون هم بقصد أو بغير قصد معرقلين لتقدم الحلول السريعة للقضية.
لقد دُمرنا كثيراً في الجنوب وبدأ الشعب يشعر بالإحباط من تصرف هذه القيادات التي يسعى كل منهم على حدة لإيجاد حل مع الأطراف الدولية، فلماذا لم يبادر أحدهم بالاتصال بالاخرين لجمعهم أو حتى الذهاب لكل فرد منهم وإقناعه ليجتمعوا في أي بلد وبأسرع وقت، وخاصة القيادات والرموز الأربعة في الخارج ومعاونيهم.
ومن يرفض أو يعرقل اللقاء يفصحوا عنه بأنه هوا الرافض بحيث يكون اللقاء لصالح تحرير واستقلال الوطن ومفتوحا لكل الآراء والحلول الممكنة التي تؤدي إلى الهدف الأكبر ولو كانت هذه الحلول على مراحل.
هل من يسعى لجمع القيادات يعتبر ذلك منه تنازلا أو انتقاصا من شأنه؟ بالعكس سيكبر وستكبر وطنيته، وإخلاصه لوطنه ولشعبه أمام شعب الجنوب والعالم كله المتابع لقضيتنا وسيكسب فضلاً عند الله وأجراً كبيرا.
أرجو من هذه القيادات أن تحترم التصالح والتسامح الذي جسده الشعب في الساحات والميادين، فهذا يعكس مدى الروح الثورية والوطنية التي يتمتع بها شعب الجنوب ويعكس مدى إصرارهم وتمسكهم باستعادة وطنهم ودولتهم، فهل تفهم هذه القيادات الرسالة الوطنية التي يقدمها الشعب في كل المناسبات، وتعمل على لم شملها وتوحيد مطالبه وتوزيع أدوارها.
فهم اليوم وفي هذه المرحلة الحساسة أمام امتحان حقيقي وجاد من قبل الشعب، هل هم قادرون على التوحد وعمل شيء للشعب وقضيته أو أنهم سيثبتون فشلهم بشكل غير معلن للشعب وللحراك الجبار والعظيم، وأنهم ليسوا جديرين بقيادته.
أما ثورة الجنوب وقضيته فستستمر إن شاء الله، وستوجد قيادات لأنها قد احتلت مكانها في قلب كل جنوبي ولن تنتهي.
**طه محمد المالكي**

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى