اليمن يواجه التفكك بعد رفض الجنوب أي أوامر عسكرية من صنعاء

> صنعاء «الأيام» يارا بيومي

> لم يكد الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي يعلن استقالته حتى بدأ تمزق النسيج السياسي الضعيف في البلاد.
وقالت محافظات في مختلف أنحاء اليمن الذي تربط أجزاءه شبكة معقدة من التحالفات القبلية والدينية إنها لن تقبل أي أوامر عسكرية من صنعاء بعد أن حاصرت جماعة الحوثي المتحالفة مع ايران بيت الرئيس هادي وقصره الاسبوع الماضي.
وأثارت احتمالات تفكك اليمن مخاوف من تحوله إلى صومال آخر حيث يوجد فيه فرع نشط من تنظيم القاعدة بالإضافة إلى مجاورته للسعودية أكبر مصدر للنفط في العالم.
وبالنسبة لواشنطن سيجعل تقسيم اليمن من الصعب تنفيذ استراتيجية مكافحة الارهاب التي تنتهجها لمحاربة مقاتلي تنظيم القاعدة الذين يستهدفونها ويستهدفون السعودية كما أنهم أعلنوا مسؤوليتهم عن الهجوم على صحيفة شارلي ابدو في باريس في السابع من يناير.
وكان اليمن في ظل رئاسة هادي - الذي يؤيد الضربات الجوية الامريكية التي تستهدف القاعدة - حليفا رئيسيا للولايات المتحدة في حربها على التشدد الاسلامي.
أما بالنسبة لجيران اليمن ولاسيما السعودية فإن صعود نجم الحوثيين يمثل سقوط عاصمة جديدة في أيدي حلفاء ايران المنافس الاقليمي للمملكة بعد أن أصبح أنصار طهران يتولون السلطة في كل من دمشق وبيروت وبغداد.
وكان الحوثيون قد بسطوا سيطرتهم على العاصمة صنعاء في سبتمبر. وتنتمي جماعة الحوثي للاقلية الشيعية التي حكمت البلاد في مملكة استمرت ألف عام حتى 1962.
ومنذ سبتمبر استطاع الحوثيون التعايش مع الرئيس هادي وحكومته حتى الأسبوع الماضي عندما سحق مقاتلو الجماعة الحرس الجمهوري ونشروا قواتهم خارج بيت الرئيس.
ورغم أن هادي وقع اتفاقا سلم فيه بكثير من مطالب الحوثيين فقد فشلت تلك المحاولة لنزع فتيل الأزمة واستقال الرئيس فجأة من منصبه عقب ذلك.
**غاضبون وخائفون**
قوات أمنية وعناصر من الحوثيين داخل جامعة صنعاء أمس
قوات أمنية وعناصر من الحوثيين داخل جامعة صنعاء أمس

وأثارت خطوة الاستقالة سلسلة من ردود الفعل من الأقاليم - ويوجد في بعضها وحدات قوية من القوات المسلحة - التي نأت بنفسها عن صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون حتى وإن كانوا لم يتوصلوا حتى الآن إلى طريقة للحكم.
وقال مصدر دبلوماسي “الناس غاضبون وخائفون. أسوأ ما في الأمر أنها يمكن أن تتحول إلى حرب أهلية”.
ووصف دبلوماسي آخر الوضع بأنه حالة من الفوضى.
وفي مدينة عدن الجنوبية التي كانت عاصمة لدولة اليمن الجنوبي المستقلة قالت اللجنة الأمنية المحلية إنها لن تتلق أوامر بعد الآن من صنعاء.
وكانت دولتا اليمن الجنوبي واليمن الشمالي اتحدتا عام 1990 لكن حربا أهلية تفجرت وانتهت باجتياح الرئيس علي عبدالله صالح الجنوب.
أما الآن فقد أعلن عدد من القيادات في الحراك الجنوبي انفصال الجنوب. ولا يتحدث أحد باسم الجنوب كله الذي يتألف من ثماني محافظات الأمر الذي يثير المخاوف من نشوب اشتباكات بين الجنوبيين أنفسهم.
**نرفض الانقلاب**
في عدن رفعت جماعات محلية علم الجنوب في مبنى الأمن العام. وفي المكلا عاصمة محافظة حضرموت انتشر رجال مليشيا في مختلف أنحاء المدينة.
وفي عتق عاصمة محافظة شبوة ذكرت تقارير إعلامية محلية أن دوريات مشتركة تسيرها مجموعة جنوبية وقوى الأمن المحلية تولت مهمة الأمن في المنطقة.
وفي محافظة مأرب الشرقية الغنية بالنفط والتي برزت كنقطة ساخنة بين الحوثيين والقبائل السنية في الأشهر الأخيرة ندد مسؤولون سياسيون وأمنيون بأحداث 19 يناير ووصفوها بأنها انقلاب وقالوا إنهم لن ينفذوا أي أوامر صادرة من صنعاء.
مظاهرة مناهضة للحوثيين بصنعاء
مظاهرة مناهضة للحوثيين بصنعاء

وفي تعز وإب خرج آلاف المحتجين المعادين للحوثيين إلى الشوارع ورددوا هتافات تعبر عن رفضهم “الانقلاب” في مظاهرت أعادت إلى الأذهان ذكرى مظاهرات الربيع العربي عام 2011 التي أسفرت عن اسقاط الرئيس السابق صالح.
وحتى في صنعاء أصبح القتال بين فصائل مختلفة احتمالا قائما بعد أن تمزق الجيش بين ولاء وحدات للرئيس السابق صالح والأوامر الصادرة من الحوثيين.
ولم تبد أي بادرة على تخفيف حدة الفراغ السياسي إذ أرجأ البرلمان إلى أجل غير مسمى الجلسة المنتظر أن يبت فيها في استقالة الرئيس هادي في الوقت الذي تستمر فيه المساعي السياسية للبحث عن مخرج من الأزمة.
**شلل..
في الأيام الأخيرة شهدت صنعاء أول رفض جاد لحكم الحوثيين منذ بسط سيطرتهم عليها.
وشكا كثير من سكان صنعاء من إقامة المقاتلين نقاط تفتيش واستيلائهم على وزارات حكومية وكتابة شعار “الموت لأمريكا الموت لاسرائيل” المستوحى من شعار الثورة الايرانية باللونين الأخضر والأحمر على جدران المساجد وسور الحي القديم في صنعاء.
ففي البداية لم تشهد صنعاء تحركات عامة تذكر غير أنها شهدت هذا الاسبوع أكبر مظاهرة مناهضة للحوثيين منذ سيطرة الحركة عليها.
وقالت يمنية تدعى سمر في الخامسة والثلاثين من العمر “نقول لا للانقلاب. لا لعبد الملك الحوثي” مشيرة إلى زعيم الحوثيين.
وفي بادرة على أن الحوثيين بدأوا يفقدون صبرهم قال شهود إنهم فرقوا احتجاجا صغيرا خارج جامعة صنعاء أمس الأحد وأطلقوا النار في الهواء وألقوا القبض على ثمانية من المحتجين.
ويرى أحمد علي بائع الذرة المسن في أحد الشوارع المزدحمة بصنعاء ان الاحتجاجات لا طائل من ورائها.
ويضيف “أنا أؤيد هذه الاحتجاجات لكن ما الفائدة؟ الحوثيون يتعاملون بالقوة”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى