استقالة هادي - دعوات إثنائه والإنتقال إلى عدن

> عبدالرب درويش

> قيل لأبي العلاء المعري: “لماذا تقول شعراً لا يفهم؟” أجاب على التو: “ولماذا لا تفهمون ما أقول؟”..
اليوم وبعد أن قضي الأمر نرى ونسمع من يغرد في مهب الإعصار، وخارج نطاق العقل والمنطق والواقع المؤلم والمزري والذي لا يطاق ألبتة ولا يمكن إصلاحه من عدمه، نراهم يذرفون دموع التماسيح ويظهرون في الأقوال الحكمة وهي منهم براء تارة، والرصانة والتقى تارة أخرى زوراً وبهتاناً وخداعاً.. فيطلقون الدعوات للرئيس هادي ودولة بحاح والوزراء والبرلمانيين الجنوبيين للتريث والعدول عن استقالتيهما ومن عدم انسحابهم من جهة، والدعوة إلى الانتقال إلى عدن لممارسة مهامهم تحت مبرر رد الاعتبار لهم من جهة ثانية.. نقول لهم كفى وتمثلوا بقول أبو العتاهية: وصفة التُقى كأنك ذو تُقى – وريح الخطايا من ثيابك تسطع.
إنه لوهم قديم طلي بذهب حلم وخديعة جديدة فإذا قلنا افتراضاً إن الرئيس ودولة بحاح قبلا بالعدول عن الاستقالة.. ترى ما الذي بمقدورهما عمله وإصلاحه وتقديمه، وما الذي سيجنيان من وراء ذلك؟ أجيب وأجزم بأن لا شيء يمكن فعله وتقديمه ولا أرى إلا الإدانة لشخصهما وتحميلهما المسؤولية الكاملة عما فعله غيرهم برضاهم واختيارهم، وتلفيق تهم تمزيق بلادهم وانفصال الجنوب الذي تهرب منه الجميع وصالح وزبانيته على وجه التحديد منذ 20 سنة، وأنصار الله لايريدون أن يتحملوا ما لم تفعله أيديهم خصوصاً خطيئة نحر الوحدة وما حدث في الجنوب، وما ستؤول إليه القضية الجنوبية، وهم محقون في ذلك ولا شك ولكنهم لن يترددوا لحظة واحدة في تحميل غيرهم ذلك في نهاية المطاف سواء كان هادي أو غيره من الجنوبيين.
أما عن الدعوة إلى الالتئام والنزول إلى عدن حتى تهدأ الأوضاع في صنعاء وهو ما لا نراه سيحدث في القريب، نقول لهؤلاء الحالمين أولاً: إن الخروج من صنعاء يعني إعلان مسبق لسقوط أي شرعية تأتي ولكم عبرة في ليبيا الشقيقة عندما نقلت السلطة إلى طبرق، وتعني بالضرورة الحفاظ على مصالحكم في صنعاء مقابل نقل المعركة إلى عدن خاصة والجنوب عامة، وهو بالأمر المكشوف والمحال، بل والانتقال منها والاحتماء بهما بدلاً لمواجهة الموقف وحسم خياراتكم.
وثانياً: ألم تقولوا بأن على مدى الدهر بأن العاصمة التاريخية صنعاء، وموطن الحكمة والإيمان؟ فإذا كان الأمر كذلك وكما توصفون وتصورون أنفسكم بذلك وتتغنون به، فهل ما حدث ويحدث وسيحدث منذ قرن من الزمن( 11 فبراير 1918م وحتى اليوم) ينم عن حكمة وحضارة؟، فإذا كان ولا بد لكم من القيام بذلك لماذا لا تنقلون السلطة إلى الحالمة وعاصمة الثقافة والأدب والتجارة تعز بدلاً من نقلها إلى بلد ودولة وعاصمة أخرى شقيقة لكم كعدن والجنوب، بلاد البدو والهجين كما تزعمون، ثم أليس مثل هكذا طلبات ودعوات مستهجنة ومثيرة لكثير من الأسئلة والكثير من الشكوك على الأقل ناهيك عما ذهبنا إليه سلفاً من تحليل منطقي.
إن شجاعة وصدق وصبر وصمود الرئيس ورئيس الحكومة وبقية الجنوبيين نعتز بهم إيمّا اعتزاز وفخر ونحن الجنوبيين ولا شك بالرغم من مرارة مما حصل وحدث لهم يؤلما للغاية ومع ذلك نقدر لهم موقفهم وتصرفهم العقلاني تقديراً عالياً، ونشاطرهم آلامهم وأحزانهم والجرح والأثر البليغ الذي علق في وجدانهم جراء ما تعرضوا له ظلماً وعدواناً، وفي الوقت نفسه نحذر من التمادي والتطاول على حياتهم وكرامتهم وشرفهم، ونناشد الأشقاء والأصدقاء والأمم المتحدة والجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي إلى سرعة التحرك بهدف الحفاظ على سلامتهم ورفع قيود الإقامة الجبرية المفروضة عليهم دون وجه حق.. وأخيراً حذاري فتحت الدعوات والمبادرات تهم وحقد وخدع، لعل الأفاعي تموت من سموم العقارب إلا إذا كان لغيرنا رأي آخر.
**عبدالرب درويش **

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى