تعز أم الدنيا .. وعدن توأم الروح

> محمد العزعزي

>
 محمد العزعزي
محمد العزعزي
ماتزال الساحة اليمنية في مرمى التداعيات الخطيرة التي تهدد الأمن والسلم الاجتماعي جراء الممارسات الخاطئة التي يصدرها المركز المقدس في إشعال الفتن والحروب في كل مكان حتى امتدت إلى إقليم الجند بشكل خطير، وهذا يتطلب من الجميع الوقوف صفا واحدا في وجه الطغيان والاستبداد المستمر من عام 1918م حتى اليوم.
إن ما يحدث من انقلاب وانفلات في شتى مناحي الحياة اليمنية لا يمكن القبول به بالمطلق، كونه لا يؤسس لبناء دولة يمنية مدنية ديمقراطية حديثة تقوم على العدل واحترام الحقوق والحريات، وما يلاحظه المواطن من عدم الاستقرار ونمو ظاهرة العنف والاستعلاء القائم على إرث ثقافة الفيد والفساد والنهب المنظم لكل مؤسسات الدولة، خاصة بعد استقالة حكومة الكفاءات والرئيس عبدربه منصور هادي وتمزيق النسيج الاجتماعي في عموم البلاد.
لقد كانت تعز ومازالت رائدة التعايش السلمي والسباقة إلى احتضان فكر التنوير والتجديد وحاضنة المثقفين القادمين إليها من مختلف مناطق البلاد، وترتبط تعز بقواسم مشتركة مع عدن بالانسجام الثقافي والاجتماعي والاقتصادي، حيث تجسد معاني الإخوة الوجدانية والوحدة الروحية بين كافة الشرائح بأسمى معاني التقارب والتلاحم الذي أدى بدوره إلى إذابة الفوارق الطبقية بين الناس مجسدة بذلك إلغاء الجوانب الجهوية والمناطقية، ورفض الخضوع والضغوط التي تمارس ضد أبنائها من جماعة الاسلاموفوبيا السياسي القادم من المركز المدنس في صنعاء التي لم تراع خصوصية ورمزية تعز عبر العقود الماضية، وهي اليوم تقاوم وترفض الاستكبار لتحقيق مكاسب سياسية بإهانة رموزها والانقلاب على كل جميل وتقويض الأمن والاستقرار بطرق غير مشروعة عبر وكلاء وسماسرة أقل ما يمكن وصفهم بـ“بالصنافير” وهم بحاجة إلى تنظيف وتعقيم لكي تعود تعز كما كانت جغرافية الإبداع والفكر والثقافة.
تعز الحضارة والتاريخ التي تسمى العاصمة الثقافية حرمت من أبسط الخدمات المشروعة منذ نصف قرن، ويعاني أهلها التهميش والحرمان والإقصاء، ومن حقنا رفض الوصاية التي تهدف إلى المزيد من الإذلال والتمسك بخيار الإقليم في إطار الدولة المدنية، والعمل من خلالها على تجسيد الحياة المدنية بعيدا عن الوصاية والتبعية التي يراد لها أن تكون دافعة للجبايات والأتاوات فتعطي كل شيء ولا تحصل على شيء.
ونرى المشروع العسقبلي عاد إلى الواجهة السياسية من جديد بشكل مختلف بعد أن خسرت القوى التقليدية القبلية مركزها في الحكم بعد ثورة الشباب الشعبية السلمية في 11 فبراير 2011م فأطل برأسه مجددا ليطرق الأبواب بمنظومة تحالف جديدة مع الحرس القديم التي ترفض بناء جسور الأمل نحو المستقبل بتسوية تاريخية تنصف مظلومية تعز بمنظومة قيم جديدة معاصرة تعيد الاعتبار لأبناء تعز والبدء بتنفيذ مشروع بناء الدولة الفدرالية التي تنطوي على أسس المواطنة المتساوية، وبناء عقد اجتماعي من الثقة في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية بفكر حداثي مستنير، والبدء بالتسوية التاريخية الغائبة عن منظومة القلق.
فتحية لهذه العاشقة تعز التي علمتنا وعلمت الدنيا أنها الابتسامة الصافية الزاهية تزرع فينا الأمل وحب العمل، وستظل تحمل مشروعها الثقافي الحضاري والتحرري لتعيد للوطن بسمته المسروقة بأيدي الفساد وصناع المشاكل والفتن والحروب والإفقار المنظم.
قريبا تعز سترى عدن بعين أخرى كما شاهدتها بالأمس مدينة المدائن وبهجة الزمان وأم الدنيا كما عودتنا وعلمتنا أنها عروسة العرائس وأنموذج المدن ومنارة العلم وقبلة الصحافة وعنوان الحرية ومدرسة الأحداث الثورية التي انطلق منها كل جديد في الفكر التنويري ومشروع التغيير ضد كل أشكال التخلف، ولأنها كذلك فهي لا تغادر الروح أبدا، وستظل كما هي التاريخ المدني المنير بأضواء وبهاء وجلال وآمال الحب المنقوش في جبين التاريخ الذي تقدره تعز ببالغ العرفان باعتبارها باكورة الأصالة وملاذا آمنا للتغير الناعم، والعمل الوطني المناهض للرجعية والاستعمار المحلي والعالمي، وهي ملتقى الحضارات والأرزاق ومقسمة الخير بين أبناء الأمم والشعوب على اختلاف مشاربهم.
كما أن تعز تَعِزُ علينا وهي محرومة من شربة ماء نظيفة، ومن هنا نطلق عبر صحيفة “الأيام” صيحة مدوية ارفعوا أيديكم عن تعز ليعيش الناس بأمن وحرية وسلام، وحق تقرير المصير بالانضمام إلى الجنوب، وهذا حلم يراود الجميع كون تعز عدن توأمة الروح في جسد ترفضان الذل والاستعباد، وليس ذلك على الله ببعيد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى