قبل العاصفة

> كتب / مها صبري عبدالباري

> في لحظة صرت طريحة الفراش، أرى الناس كلهم من حولي يترددون علي، يشفقون علي، أيامي الأخيرة باتت تنقضي وفي الليل أسمع أصوات الكلاب وخطوات اللصوص وفي النهار أرى ألمي في وجوه الناس، شيء بسيط صار كفيلا ببقية حياتي، أملي بالشفاء بات ينفد، والناس من حولي مرعوبة من اقتراب الموت.
صرت منتظرة القطار وفي أي محطة سيتركني، واليأس بات يفتك بجسمي، والناس ليس بيدهم شيء سوى الدعاء، ومر بي القطار سريعا، وكنت أرى من النافذة جثثاً هامدة على هيئة بشر، ينتظرون قطار حياتهم الذي سيغير مجراها، وهم على حافة المحطة، وفي هاوية النسيان وخلف أسوار الكتمان، فمي صار جامدا، ولساني لا ينطق بأي شيء، ويدي تلوح لهم، والذكريات تعرض أمامي بسرعة، ورأيت محطات الحياة (الحرية، الأمل، النسيان، الظلم، الانتظار، الحب، العدل، الفراق)، وكانت آخر محطة أوقفني بها هي محطة الوداع.
بكل تلك المحطات الناس لا يعلمون قدرهم، والفرق بيني وبينهم أنني أعلم أن الموت صار يطرق بابي بهدوء، وينتظر أن أفتح له واحتضنه، صار شيئا يصعب نيله، واليأس أول رفيق يسير في دربي.
مر زمن.. قبل أن توقظني أصوات فرحة الأهل، وعيناي صارتا تبحثان عما وراء هذه الفرحة وذاك الأمل اللذين يتفرعان في جسدي، والابتسامة ظهرت على شفتي، وبعد طول انتظار تغلبت على المرض، وصار مجرد ذكرى، وأيقنت أن الحياة فآنية، والموت لا يستأذن، ولولا الألم لكانت الحياة قصيرة، وأنا الآن أعيش على أمل في المستقبل.
كتب / مها صبري عبدالباري

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى