خروج هادي إلى عدن ضربة معلم والسيناريوهات المفتوحة

>
د. محمد علي السقاف
د. محمد علي السقاف

أعاد الرئيس هادي للعقل الجنوبي مكانته على المستوى السياسي.. إنها ضربة معلم.. وأمام الرئيس ثلاثة سيناريوهات من وجهة نظري.
السيناريو الأول: تبني القضية الجنوبية ليصبح زعيمها وقائدها برغم تقولات الكثيرين عليه من الجنوبيين فهو أثناء مدة رئاسته خدم القضية الجنوبية أكثر من القادة الجنوبيين السابقين، وعليه الآن أمام التركيز الإعلامي على خبر خروجه من صنعاء إلى بلده عدن والجنوب أن يوجه عدة رسائل إلى الداخل والإقليم والدولي:
1 - إلى الداخل إلى اليمنيين وقواه السياسية والمجتمعية إنه حاول بقدر الإمكان العمل على محاولة الحفاظ على الوحدة التي كان للجنوبيين المبادرة بإطلاقها عبر خيار النظام الفيدرالي للتأسيس للدولة المدنية وسيادة القانون، ولكن اتضح له وأمام الشعب اليمني أن هذا المشروع قد تم إفشاله من قبل القوى التقليدية والعسكرية والدينية المتطرفة والقوى المدنية المقابلة في الشمال بسبب ضعفها ونواتها المبتدئة لن تتمكن في وقت قريب التغلب على تلك القوى المتحالفة، والشعب اليمني في أغلبه الذي وضع في حالة من الأمية المتعمدة يتجاوب مع تلك القوى المتخلفة ضد مصلحته، وعليه يرى أن وجود دولة جنوبية قوية على حدوده ستساعده في المستقبل في تحقيق تطلعات الشعب اليمني الذي لا تستطيع غالبية الأحزاب اليمنية الكبرى مساعدته كما أظهرت الأزمة الأخيرة استعدادهم في المناورة والبحث على مكاسب لأحزابهم ولو كان ذلك على حساب المصلحة الوطنية لليمن.
2 - إلى القوى الإقليمية
عليكم دعم تطلع شعب الجنوب في استعادة دولته بحكم موقعه الاستراتيجي ومساحته وثروته ووجود جالية جنوبية كبيرة في أراضي دول مجلس التعاون الخليجي التي أظهرت طيلة وجودها في الخليج احترامها للدول وأنظمتها السياسية المتواجدة فيها وستكون همزة الدعم.. والتكامل مع الدول الخليجية وليست ضدها استعداد الجنوب في مواجهة القاعدة والدواعش قبل أن تتطور وتنمو في الجنوب وتشكل خطرا على الخليج بحكم إيمان الجنوبيين بمفهوم الوسطية للدين الإسلامي والذي لم يشهد طيلة تاريخه أنه كان مصدرا وموطنا لجماعات التطرف الديني كما هو الحال في الشمال.
المخاوف المشروعة عند بعض الدول مثل المملكة والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان من إمكان منافسة ميناء عدن ومنطقته الحرة لجدة ودبي ومسقط يمكن معالجة ذلك عبر مشاريع متكاملة بين الأطراف الثلاثة، ولدينا تجارب دول الاتحاد الاوروبي كنموذج يمكن الاقتداء به.
3 - إلى القوى الدولية
تأمين الملاحة الدولية من خلال سيطرة الجنوب على المواقع الاستراتيجية الهامة من باب المندب وخليج عدن وبحر العرب وإطلالها على المحيط الهندي.. العمل بجدية وفعالية في محاربة الإرهاب والحيلولة دون انتشار داعش إلى هذه المنطقة واستئصال القاعدة بالتعاون مع القوى الكبرى الدولية التي تحارب الإرهاب على مستوى العالم.. التخلي عن ازدواجية المعايير عند الغرب من تأييد حق الشعوب في تقرير مصيرها ودعمها لاستقلال أوروبا الشرقية وفي مناطق أخرى من العالم في الوقت الذي تتحفظ على ممارسة هذه الحقوق نفسها لشعب الجنوب.
أظهرت الأحداث الأخيرة في اليمن أثناء إعداد مخرجات الحوار الوطني وبعد الانتهاء منه أن اليمن ليس جاهزا لتقبل الدولة المدنية وسيادة القانون وببناء التجربة في الجنوب الذي بحكم الاستعمار البريطاني قد عمل بنجاح على إقامة الدولة المدنية وإعطائه الفرصة الآن بتكرار التجربة سيخلق نموذجا لليمن والقوى المدنية فيه إلى السعي بالاقتداء بالنموذج لتحقيقه في بلدهم في المستقبل وأهمية النماذج كبيرة للشعوب كلها.
السيناريو الثاني:
- استقلال الشرعية الدستورية في العمل على تنفيذ مخرجات الحوار
- تجميع المناطق التي اعترضت على انقلاب الحوثيين تحت قيادته كرئيس شرعي منتخب من قبل الشعب ومعترف به من المجتمع الدولي والإقليم.
- العمل وفق المبادرة الخليجية والقرارات الأممية وإلغاء اتفاق السلم والشراكة الذي يقيد صلاحياته وفق الدستور.
السيناريو الثالث - الحل بين السيناريو الأول والثاني:
- التأكد من قدرة النخب السياسية في التلون وتغيير مواقفها حسب مصالحها الآنية الأنانية بغض النظر عن مصالح اليمن نفسه.
- التنبه أن الدعوة إلى التدخل الخارجي سلاح ذو حدين فإذا تدخلت قوى خليجية في اليمن سيؤدي إلى تدخل مفتوح أيضاً من قبل إيران لدعم الحوثيين وإذا كان تدخلا دوليا وليس إقليميا قد يكون شرا أقل، ومع ذلك سيخلق وضعا خطيرا في المنطقة ويدخلنا في صراعات خطيرة.
- السيد الرئيس أدرى بمعرفته كعسكري وسياسي أنه إذا أراد استغلال الفرصة من اجل استقلال الجنوب، قد يواجه في التوقيت الحالي إلى تناسي الشمال لخلافاتهم وتجمعهم للحفاظ على الجنوب ليس حبا في الوحدة وإنما من أجل الحفاظ على ثروة الجنوب وموقعه الاستراتيجي الذي يهم العالم.
ولكن إذا تبنى استقلال الجنوب فهو الأفضل في كيفية تعبئة القوى العسكرية والأمنية الجنوبية في مواجهة الوضع ومعرفته بعناصر القوة والضعف لدى الجيش اليمني لمواجهته.. إذن حساسية الوضع قد تجعل الرئيس إما الشروع في إعلان استعادة الجنوب لدولته أو تأجيل هذا الأمر لفرصة أخرى وفق موازين القوى وتهيئة ظروف إقليمية ودولية أكثر مناسبة لتقبل استقلال الجنوب.. الرئيس وحده هو الذي يستطيع تقييم ذلك حاليا.
في حالة اختياره السيناريو الثاني عليه هذه المرة اتخاذ القرارات المناسبة دون تردد من أجل زرع الكفاءات الجنوبية في جميع مفاصل الدولة.
الخلاصة:
إنها لحظة تاريخية ومنعطف خطير أمام الرئيس هادي في دراسة الخيارات المختلفة بدقة وبصيرة.. والله المعين لشعب الجنوب والمنطقة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى