«الأيام» زارتها وتلمست هموم أبنائها..مديرية حجر بحضرموت: واقع بائس وفقر مدقع وغياب تام للدولة

> استطلاع/ناصر محمد المشجري

> مديرية حجر هي إحدى مديريات ساحل حضرموت، وتبعد عن العاصمة المكلا بحوالي 160 كيلو متر، وتعتبر هذه المديرية هي أكثر مناطق المحافظة بكل المقاييس من حيث مستوى الفقر وانعدام مشاريع التنمية الحقيقية في كل النواحي والمجالات، فسكان هذه المنطقة جلهم واقعون تحت خط الفقر، وذلك لاعتمادهم على الزراعة الموسمية كمصدر دخل وحيد لعيشهم، بالإضافة إلى تربية الحيوانات.. ونتيجة لضعف مردوداتها وضعف الدخل لديهم لم يتمكنوا من النهوض بواقعهم وتحسين حياتهم المعيشية وبؤسها، الأمر الذي يؤكده بوضوح مدى الحرمان والتهميش الذي يعانيه سكان هذه المديرية على الرغم من وجود مقومات زراعية كبيرة تتمثل في التربة الخصبة والمياه الجارية على مدار العام.
تتميز مديرية حجر عن غيرها من المدن الحضرمية الأخرى بأن حباها الله بكثير من المقومات الطبيعية والزراعية، ففي حجر تتدفق ينابيع المياه على مساحة واسعة، واستطاع المزارعون هناك أن يحولوا المنطقة إلى غابة من أشجار النخيل المثمرة، ويقدر مهتمون بشؤون الزراعة بأن حجر يفوق تعداد النخيل فيها الثلاثة مليون نخلة، ولكن مع مرور الزمن بدأت أعداد النخيل تتقلص بفعل موت الكثير منها لعدم وصول المياه إليها للري.
ينابيع المياه الجارية
ينابيع المياه الجارية

أحمد بارجاش أوضح لـ«الأيام» بأن السبب في ذلك أن قنوات الري عطلتها مياه السيول الكبيرة التي تتدفق على مدار العام، بالإضافة إلى الطلب المتزايد على المياه وبطرق عشوائية لزراعة محاصيل أخرى كالحمضيات والليمون والمانجو والموز والحبوب المحلية”.. ويضيف: “كان أملنا في مشروع تطوير وادي حجر الزراعي وهو مشروع ممول من المجر وصندوق الإنماء العربي بأن يعمل على استصلاح قنوات ري حديثة تغطي حاجة كل الفلاحين، ولكن حرمتنا أيادي العابثين من هذه المصلحة فكل قنوات الري التي تم إنشاؤها جرفتها السيول والبعض الآخر ليس له جدوى بسبب عدم مراعاة تداخل الأراضي الزراعية وطبيعة نظام الري التي يتعامل بها المواطنون في مديرية حجر الزراعية”.
**أبناء المديرية في ظلام دامس**
تعاني منطقة حجر من إهمال حكومي غير عادي فمشاريع التنمية الحقيقية لا توجد على الأرض في مجالات مختلفة، وكما أظهرته آخر الإحصائيات السكانية فإن عدد سكان مديرية حجر يصلون إلى 30 ألف نسمة، ومازالوا يعيشون على وسائل العيش البسيطة غير العصرية فهناك مشروع محطة توليد كهرباء عامة كما يقول المواطنون فوجودها كعدمها حيث تعمل أسبوعا وتتوقف أشهرا، وهي الآن متوقفة لعدم توفر ميزانية تشغيل تؤمّن ما تحتاجه المحطة من ديزل وزيوت ورواتب العمال، ونتيجة الفقر الذي يصيب المواطنين لم يستطيعوا سداد فواتير استخدام الطاقة والعائدات المحصلة لا تفي بتوفير المشتقات النفطية وهو ما أدى إلى توقف عمل الكهرباء ليصبح المواطنون في الظلام الدامس والسلطة المحلية عجزت عن تحمل التكاليف الناقصة لضمان استمرارية المحطة في تقديم خدمات التيار لسكان المنطقة.
**الاتصالات العامة غير متوفرة**
قرية حصن باقروان
قرية حصن باقروان

إلى جانب حرمان أبناء هذه المديرية من خدمة الكهرباء حرموا أيضاً من خدمة الاتصالات الحكومية حيث تخلو قرى المديرية من الاتصالات عدا من سنترال صغير بعاصمة المديرية يعمل بنظام الإسقاط اللاسلكي وشبكات بث للهاتف النقال يتم التقاط بثها عبر كباين عامة صغيرة من مناطق مجاورة تتبع مديريات أخرى.. يسلم باحويج من أبناء المنطقة تحدث لـ«الأيام» عن هذه الخدمة والحرمان منها بالقول: “إن المديرية تعيش في عزلة لخلوها من هذه الخدمة والتي تعد مهمة جداً في وقتنا الحاضر”، ويضيف: “هناك موظفون يتم إرسالهم من المكلا أو بقية المناطق في حضرموت للعمل في مدارس المديرية ومرافقها الصحية والإدارية، ونتيجة لخلو هذه المديرية من الخدمات كانت سبباً رئيساً لخروجهم وتحولهم منها لمناطق أخرى وهو ما حدث أيضاً مع الكثير من الأسر والسكان فيها، ولهذا نطالب السلطات المحلية بالنظر بعين المسؤولية لهذه المديرية وأبنائها وذلك برفدها بالمشاريع الخدمية الضرورية كالمياه والاتصالات والكهرباء”.
**بحاجة لمصنع لتغليف التمر البلدي**
هذه المديرية تمتاز بجودة نوعية التمور التي تنتجها فتمورها ـ وفق خبراء في الأغذية عملوا مع مشروع تطوير وادي حجر الزراعي ـ تعتبر من أفضل الأنواع التي تنتج في وادي حضرموت، بل والمنطقة العربية، يقول صالح باقطمي: “إن عدم وجود طرق سهلة وصعوبة التسويق جعل أسعار التمور فيها متدنية وعدم حصول المزارعين على مردود مناسب منه الأمر الذي انعكس على اهتمام المزارعين بزراعة النخيل والتوسع في زراعته”.
ويرى باقطمي أن الاستثمار في مجال تغليف وقرطسة التمور الطازجة في مديرية حجر فرصة مكسبة ومربحة وستنشط زراعة النخيل والاهتمام به من قبل مزارعي المنطقة، مؤكداً في الوقت نفسه أن المزارعين في هذه المديرية لم يتلقوا دعماً من أي جهة سواءً الخيرية أو الحكومية.
**المرافق معطلة**
الجول عاصمة المديرية تعاني الملارياالقاتلة
الجول عاصمة المديرية تعاني الملارياالقاتلة

من جهته تحدث المواطن يسلم باحسن لـ«الأيام» عن معاناة المواطنين في هذا المجال بالقول: “يشكو المواطنون في هذه المديرية من غياب تام لعمل مرافق السلطة المحلية المتعلقة بمصالح المواطنين اليومية بسبب ظروف البلاد وقلة الخبرات، فمعظم المسؤولين لا يباشرون أعمالهم في أكثر الأيام في الشرطة والأحوال والقضاء وديوان عام المديرية في ظل ضعف وتقاعس المجالس المحلية وعدم قدرتها على تحقيق شيء كما هو مؤمل منهم وفق الثقة الممنوحة لهم من المواطنين”.
ويضيف: “أيضاً نعاني من ناحية الطرقات، حيث إن مشروع الطريق الإسفلتي الداخل إلى القرى متعثر العمل فيه منذ 10 سنوات وعندما تتدفق السيول تؤدي إلى عزل المديرية عن بقية مدن محافظة حضرموت وخاصة مدينة المكلا بسبب عدم استكمال جسري نوبة والمعابر، وهما جسران استراتيجيان في الخط المعبّد بطريق ميفع – حجر، كما أن خدمات التعليم والصحة هنا حدث عنها ولا حرج، حيث يدرس الطلاب في مدارسة آيلة للسقوط وتحت العريش”.
وعن الخدمات الصحية قال: “أما عن الجانب الصحي فينتشر في قرى هذه المديرية مرض الملاريا الذي بات يفتك بالناس، في الوقت الذي لا تتوفر في المرافق الصحيّة والصيدليات دواء للصداع أو علبة مطهر، إننا نعيش في مديرية مهمّشة وكأننا لسنا من هذه البلاد”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى