منطقة التربة بتعز.. من حاضرة للحجرية إلى منسية الحاضر

> استطلاع/ محمد العزعزي

> تعتبر التربة ـ التابعة لمديرية الشمايتين بمحافظة تعز ـ إحدى أهم حواضر إقليم الجند وأشهرها على المستوى الوطني، فهي إحدى المدن الريفية التي كانت ذات ريادة وسيادة في العديد من المنعطفات التاريخية المعاصرة، فكانت ومازالت تسمى مدينة العلم والثوار ومنبت الأحرار ومقاومة الاستبداد منذ زمن بعيد.
«الأيام» قامت بجولة صحفية لهذه المنطقة العريقة، واستطلعت أوضاعها وما آلت إليه في الوقت الحاضر في هذه المادة الصحفية.
تشتهر منطقة التربة بالكثير من الميزات الطبيعية والمقومات الحياتية، كما تحوي رصيدا كبيرا من الإرث التاريخي والنضالي والثقافي.. يقول مراد سعيد صالح أحد أبناء المنطقة: “اشتهرت هذه المنطقة بأشياء كثيرة، كما ينتمي إليها الكثير من العارفين، وأشهر من سكنها هو الشيخ العارف بالله عمر الطيار وأحمد بن علوان فترة الدولة الرسولية التي كانت قوية وواسعة الأرجاء، وبعد زوال الدول المتتابعة في اليمن شارك أبناء هذه المدينة في عملية التنوير والتغيير وأقلقت الأئمة ومن بعدهم الرئيس السابق صالح الذي قسم الحجرية إلى سبع مديريات وقلل من أهمية هذه الناحية الجميلة التي لا تعرف الحر، فمناخها معتدل طوال العام، وتتكون من 30 مركزاً انتخابياً وأكثر من 33 عزلة كبيرة”.
مسجد الطيار
مسجد الطيار

عبدالله عبدالمجيد بدوره تحدث عن هذه المنطقة وأبرز ما اشتهرت به بالقول: “اشتهرت تربة ذبحان بظهور العديد من الأدباء والمفكرين والعلماء ومن أشهرهم الكاتب والأديب محمد يحيى المداني، ورضوان الأسودي، وأحمد محمد نعمان وابنه السفير الشهيد محمد وأسرة اليعاقبة الأتراك أرباب الإدارة والسياسة، ومحمد عبدالمجيد المنصوب (قائد المظلات)، وعبدالله عبدالوهاب نعمان (الفضول)، والشهيد محمد فيروز، والشهيد عبدالرقيب عبدالوهاب، ومحمد صالح الوحش، وسلطان أمين القرشي، ومحمد عبدالرحمن القرشي، وعبده صالح والسفاري والمنفي قسراً عبدالله، وعبدالعالم، والشهيد عبدالرقيب القرشي، هؤلاء الكوكبة وغيرهم سمع بهم الكثير فضلاً عن رجال العلم والثقافة والفنون”.
وأضاف قائلاً: “هنالك أيضاً الكثير من الأماكن السياحية الشهيرة في هذه المنطقة أبرزها منتزه السكون، وبيحان، وقلعة يفوز ونعامة، ويمين، ومنيف، وقلعة المقاطرة، والسمدان، والعشة، بالإضافة لاحتفاظ العديد من الناس بقطع أثرية ومخطوطات نادرة، ويحتفظ الناس بالموروث الشعبي والتعايش السلمي، ويعيشون كإخوة دون فوارق تذكر”.
**زاخرة بالمعالم والرموز الوطنية**
دار الحكومة
دار الحكومة

اشتهرت هذه المنطقة بالمكتبات الخاصة، بل إنها تعد أهم الميزات التي تميز منطقة التربة، ومن هذه المكتبات مكتبة أحمد الوزير ومحمد عبدالله المنصوب الذي يمتلك أكبر وأشهر الكتب على المستوى المحلي، ومكتبة أنور عبدالله إسماعيل يعقوب الذي يمتلك أشهر وأهم المخطوطات، هذا ما أوضحه رياض محمد المقطري عن أبرز ما عُرفت به هذه المنطقة”، مضيفاً: “يوجد في التربة الآلاف من الكتب والمخطوطات، ولا تقتصر الناحية الثقافية والعلمية في هذه المدينة، بل هناك جامعة تعز وجامعة العلوم والتكنولوجيا، والجامعة الوطنية، والمعاهد الخاصة، ومعهد الإدارة، والعديد من المدارس الأساسية والثانوية، والتي تعد من أعرق المدارس على المستوى الوطني، وأهمها الفجر الجديد والنهضة التي بنيت على نفقة الكويت، والوحدة، وأنس بن مالك، ومدرسة الشهيد حسن سعيد فارع وغيرها، ومن مدارس قبل الثورة النور العلمية والأنبار التي خرجت مجموعة من رواد العلم والأدب، أما بالنسبة لفنون العمارة والبناء فلا تخلو التربة من العديد من المباني التي تتجلى فيها عظمة الهندسة اليمنية كدار النعمان، وكذا دار اليعقوبي، والجامع الكبير وجامع الطيار، ودار الحكومة”.
**مركز للفن والمسرح**
حي العاملية
حي العاملية

سوسن عبدالله محمد تحدثت لـ«الأيام» هي الأخرى عن هذه المنطقة بالقول: “لا يخفى على أحد أن سيدة بني النعمان “الشوفة” كانت بمثابة ملكة التربة التي أنفقت كل أرضها وثروتها لإطعام الفقراء والمساكين في أوقات الشدة، وجعلت من دارها مكاناً لاستقبال كبار الضيوف كالحمدي الذي زارها وأمر لها براتب من الحكومة نظراً لما تقوم به من رعاية وإطعام للفقراء، فقد قامت باتخاذ دار النعمان كمقر دائم لها وللعائلة، ويعتبر أحد معالم التربة لجماله وروعة بنائه، كما تعتبر التربة أحد أهم المراكز الفنية والمسرحية على مستوى اليمن حيث كانت تقوم فيها الفعاليات المسرحية وقامت بالعديد من العروض الشهيرة على مستوى اليمن كافة، وافتتاح دار للسينما قبل الثورة وبعدها”.
أما الشاب بشير محمد أحمد فقال: “من الناحية الرياضية تشتهر هذه التربة بوجود العديد من الأندية الرياضية أهمها نادي الوحدة، ونادي التعاون، وتمارس الألعاب الرياضية ومن أهمّها لعبة كرة القدم، وأغلق الأمام أحمد نادي ذبحان واتهمه بالتخابر مع عدن والثوار”.
وتجدر الإشارة إلى أن التربة مدينة فريدة المكان عبر الزمان، فهي منطقة سياحية يتوافد إليها الكثير من السياح من كافة أنحاء اليمن، وتعتبر إحدى أجمل المدن اليمنية، الواقعة على المرتفعات الجبلية الجنوبية، وتحتل المرتبة الثانية من حيث كبر مساحتها بعد تعز، وهي مدينة تجمع بين ثقافات وأعراق مختلفة وبين الماضي والحاضر، بمعالمها التاريخية الموجودة فيها والعريقة والأزقة الضيقة، وهي من أهم العوامل التي تجعل السياح يتوافدون إليها، وعلى الرغم من أنها بنيت منذ زمن بعيد، إلا أنها تفتقر اليوم إلى الكثير من الفنادق والنظافة والحدائق العامة وشق الطرق والبنية التحتية.. هذه هي التربة حاضرة الحجرية ومنسية الحاضر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى