سوق الربوع بذمار.. عبق من التاريخ ومكان لحل النزاعات القبلية

> استطلاع/ إياد الوسماني

> يعد سوق الربوع بمحافظة ذمار من أشهر الأسواق ليس في المحافظة، بل على مستوى البلاد عموماً، ويعود تسمية هذا السوق بـ(سوق الربوع) لكون الناس تتجمع فيه يوم الربوع (الأربعاء) من كل أسبوع للتسوق، حيث تتوافد إليه القبائل من عموم مديريات المحافظة، والمحافظات الأخرى للتسوق والاتجار بالبضائع والمنتجات.
كما يشهد السوق في هذا اليوم ازدحاماً كبيراً من المتسوقين والباعة المتجولين، ويقسم السوق إلى عدة أسواق حسب نوع البضاعة المعروضة، واشتهر هذا السوق أيضاً بمبانيه التاريخية والمعالم الأثرية التي يعود تاريخ بنائها إلى آلاف السنين أبرزها الجامع الكبير، والمدرسة الشمسية، والأسواق الداخلية لسوق الربوع.
ويضم سوق الربوع العديد من الأسواق كسوق الخضروات والفواكه، والمأكولات الشعبية، والمشويات، والحبوب، بالإضافة إلى سوق الملابس، والعطارة، وأسواق الحيوانات، والأعمال والحرف اليدوية.
وما يميز هذا السوق القديم أن معظم المباني والمحال التجارية فيه مبنية من الطين والأحجار، وأبوابها مصنوعة من الزنك القديم، كما أن أرضية السوق مرصوفة بأحجار الحبش السوداء.
وما يميزه أيضاً أنه سوق منظم يخلو من العشوائية، وذلك بتخصيص مكان محدد لكل سلعة أو حرفة ومهنة، ومن هذه الأسواق: سوق الحبوب بمختلف أنواعها، وبجواره سوق البهارات وفيه يباع أجود أنواع البُن اليمني وجميع البهارات التي تستخدم في المطبخ اليمني، بالإضافة إلى سوق الجنابي، وآخر للأحزمة، كما يوجد في هذا السوق سوق خاص ببيع السمن والعسل، والأقمشة، والعطارة، وسوق العلف والخاص ببيع القصب (أعلاف المواشي)، كما أن هناك سوقا للحطب وآخر خاصا بالأثاث المنزلية، وسوق لصنع الأدوات الحديدية المستخدمة في الزراعة والأغراض المنزلية الأخرى، وهناك سوق للجلود، وآخر خاص ببيع الأخشاب القديمة.
لقد خلق هذا التنوع الفريد في الأسواق ومنتجاتها في سوق الربوع حركة نشاط تجارية قوية ومتواصلة بشكل يومي.
يقول العاقل حسن البياض ـ عاقل سوق الربوع ـ في حديثه لـ«الأيام» عن هذا السوق القديم: “يعد هذا السوق من أقدم الأسواق وأعرقها حيث يعود تاريخ إنشائه إلى مئات السنين، كما أن ما يميز هذا السوق هو احتوائه على عدد من الأسواق، فهناك سوق خاص بالسلاح، وآخر بالمواشي، والمنسوجات والمصنوعات، وكذا سوق للخضروات والفواكه، وكل سوق من هذه الأسواق منفصل عن الآخر، وما يميز هذا السوق أيضا احتوائه على كل حاجيات ومتطلبات المتسوقين والبائعين على حد سواء”.

ويضيف: “إن ما يميز هذا السوق أيضاً أنه سوق غني بموروثه الشعبي المستمد من تاريخ عريق وموروث ما يزال عبقه حاضراً في أسواق المحافظة، حيث إن أسواق ذمار الشعبية لا يقتصر دورها على عرض السلع والمنتجات الغذائية والاستهلاكية بل يتعدى ذلك إلى أبعاد ذات مدلولات تاريخية قيمة”.
**من أشهر الأسواق في البلاد**
الدكتور علاء مياس - أحد السكان القريبين من سوق الربوع القديم - تحدث هو الآخر لـ«الأيام» عن هذا السوق بالقول: “تحتضن محافظة ذمار عشرات الأسواق الشعبية منها اليومية، ومنها الأسبوعية وكلها تتخذ من مواقع الازدحام السكاني مقراً لها وغالبيتها أسواق قديمة تعاقبت عليها الأجيال، وأقدم هذه الأسواق وأكثرها شهرة وإقبالاً سوق الربوع الأسبوعي في هذه المدينة، ومما يحسب لأسواق هذه المحافظة أنها أسواق شاملة لمختلف السلع والمواد التموينية والاستهلاكية، وفي المناطق التي تم ربطها بطرق إسفلتية أو تلك التي تقع على الطرق الرئيسة، تحولت الأسواق الأسبوعية فيها إلى أسواق يومية من خلال بناء أسواق صغيرة عبارة عن محلات تجارية دائمة تلبي حاجة المواطنين طوال الأسبوع”.
ويضيف: “أما سوق الربوع فيعد من أشهر الأسواق على مستوى الجمهورية، حيث المباني القديمة والمعالم الأثرية، كالمدرسة الشمسية، والجامع الكبير، والأسواق القديمة وغيرها”.
وأردف: “يتوسط سوق الربوع ميدان الحكومة بمدينة ذمار على مقربة من السوق القديم ويقام يوم الأربعاء من كل أسبوع، تباع فيه مختلف السلع والمنتجات، وهو ما جعل الكثير من المواطنين يرتادونه من مختلف مدن وقرى محافظة ذمار والمناطق القريبة والمجاورة منها، ولعل هذا الإقبال هو السبب الرئيس وراء تحول هذا السوق الأسبوعي إلى سوق يومي، وذلك في محاولة للتخفيف من الازدحام الذي يشهده السوق يوم الأربعاء من كل أسبوع، ويعتبر هذا السوق من الأسواق المفتوحة والتي تتنوع فيها المنتجات”.
**يشهد توسعاً مستمرا**

من جهته عبدالله القرني - وهو أحد مالكي محلات البيع والشراء في ذاك السوق - قال: “لهذا السوق فترة زمنية طويلة، تسوّق فيه الكثير من الأجيال، ومازال إلى يومنا هذا”، أما أحمد المروني - وهو أحد بائعي الخضروات في السوق - فقال لـ«الأيام»: “إن سوق الخضروات والفواكه فيه الكثير من هذه المنتجات، ويشهد توسعاً باستمرار وإقبالا كبيرا من المواطنين لغرض البيع والشراء”.
وأوضح المروني في سياق حديثه أن “هذا السوق يعاني الكثير من المشكلات في فترات تساقط الأمطار، والناتج عن رصف جوانب من السوق دون الجوانب الأخرى، الأمر الذي خلق إعاقة لحركة السوق”.
**سوق منظم**
عبد الوهاب المجاهد - أحد أبناء سوق الربوع القدامى - أوضح أن “سوق ذمار القديم سوق يومي، ويعد أقدم من سوق الربوع من حيث الزمن، ويتوسط موقع السوق مدينة ذمار القديمة، ويتمتع بمساحة مفتوحة لعرض المنتجات والبضائع، والساحة تلك تضيق كلما تعمق الزائر إلى السوق باتجاه الجنوب، حيث تظهر له ممرات ضيقة تتراوح مساحتها ما بين متر إلى ثلاثة أمتار مع زيادة في بعض المناطق، وتنتشر على جنباتها محلات تجارية صغيرة الحجم تشبه ـ إلى حد كبير - محلات سوق الملح بصنعاء القديمة، وغالبية هذه المحلات مبنية من الطين والأحجار وأبوابها مصنوعة من الزنك القديم، وأرضية السوق مرصوفة بأحجار الحبش السوداء”.
وأضاف: “وما يميز سوق ذمار القديم أنه سوق منظم ويخلو من العشوائية، حيث تم تخصيص كل مساحة وجهة منه لبيع سلعة معينة أو الاشتغال بحرفة محددة، ويمتاز هذا السوق أيضاً بساحة عرض مفتوحة تساعد على عرض كميات كبيرة من السلع والبضائع”.
**مقصد للسياح والزائرين**

من جهته تحدث عبد الله العقال عن الجانب السياحي لهذه الأسواق الشعبية وما لها من فوائد جمة بهذا الخصوص بالقول: “في هذا العصر أصبحت الأسواق الشعبية وجهة سياحية تقصدها الأفواج السياحية للتعرف على طابعها وخصوصيتها التاريخية والأثرية وتصاميمها الهندسية البديعة العابقة بالأصالة الخالية من الوسائل الحديثة والمتطورة في البناء، وفي مقدمتها سوق الربوع”، مضيفاً: “إن السياح الذين يقصدون هذه المحافظة ويترددون على شوارعها أصبحوا زبائن دائمين للباعة فيها، حيث يحرصون على شراء بعض المشغولات الحرفية والخزفية الجميلة والعقود المصنوعة من العقيق اليماني الخالص الذي تشتهر به هذه المحافظة، ويحرص السياح خلال تجوالهم في هذه الأسواق على التقاط الصور الفوتوغرافية المعبرة التي تظهر صور الجمال والإبداع والأصالة التي تكتنزها هذه الأسواق”.
**أهمية السوق**
لا تقتصر أهمية الأسواق الشعبية في هذه المحافظة على دورها ومهامها على الجانب الاقتصادي المتعلق بالبيع والشراء وحسب، بل إن لها أدوارا ومهاما اجتماعية أخرى منها ما تزال قائمة، ومنها ما توقفت حيث كانت هذه الأسواق الشعبية وماتزال أماكن مناسبة لتجمع القبائل ومناقشة القضايا العالقة وتدارسها ووضع الحلول والمعالجات لها، كما كانت تقام في هذه الأسواق المساجلات الشعرية بين كبار الشعراء، وكان القادمون من القرى والمناطق الريفية يفدون إلى أسواق المدن بالزوامل الشعبية المصحوبة بأنغام البرع ويؤدون الرقصات الشعبية، في السوق القديم لمدينة ذمار”.
وأضاف: “اشتهر هذه السوق أيضا بالنكتة الذمارية، حيث ما يزال إلى يومنا هذا مشتهرا بها وفيه يتجمع عدد من رواد النكتة الذمارية ومن حولهم عدد من المواطنين يتبادلون كل جديد من النكت والطرائف الذمارية الصنع والمنشأ”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى