مرور عدن: الدراجات النارية لا يتم ترقيمها وليس لها تراخيص.. أمن عدن: الأمر بحاجة إلى قرار من رئيس الوزراء

> تحقيق: وئـام نجيب

> في ظل غياب دور الأمن في العاصمة عدن، طفت العادات والظواهر الدخيلة على سطح المجتمع العدني الذي عُرف بخصائصه المدنية والحضرية منذ عقود طويلة، وظهرت في الآونة الأخيرة ظواهر لم تكن تألفها المدينة منذ سنوات قليلة، رمت بنتائجها الكارثية على المجتمع المحلي كانتشار ظاهرة (الدراجات النارية) بشكل كبير ومقلق في مختلف مناطق وطرقات عدن الرئيسية، ما عكس معه تشوه المظهر الثقافي والحضاري للمدينة.
وإزاء ما تسببه ظاهرة انتشار الدراجات النارية من مظاهر اجتماعية سلبية بتزايد نسبة الحوادث المرورية، ومن استغلالها في تنفيذ عمليات الاغتيالات والسرقة، وغيرها من أشكال الجرائم التي لم تكن معهودة في المدينة.
حيث أنشئت لتلك الدراجات النارية والتي كانت محدودة الانتشار في إطار محافظة عدن مواقع ومحطات (فرزة) مبعثة بذلك حالة فوضى عارمة في شوارع المدينة، ومتسببة في إرباك المشهد المروري ما تسبب بوقوع المزيد من الحوادث المرورية التي خلفت وراءها ضحايا كُثر لمخالفتها قواعد وأنظمة المرور.
كان مدير أمن العاصمة عدن، اللواء شلال علي شائع، أصدر في وقت سابق توجيها قضى بمنع تنقلات الدراجات النارية بين مديريات المدينة، وموضحاً في سياق التوجيه أن إدارة الأمن ستعمل على حظر تلك الدراجات، ومصادرة أي دراجة نارية تتجاوز هذا الحظر.
ونظراً لبروز وتفاقم هذه الظاهرة قامت صحيفة «الأيام» بالنزول إلى الشارع لتسليط الضوء على مدى تأثير هذه الظاهرة على الحركة المرورية العامة، وعلى حياة المواطنين وسكينتهم.
*لابد من وضع ضوابط*
الأخت أمل محمد (مواطنة) تقول: “هذه الدراجات باتت منتشرة في الشوارع العامة بشكل لم تعهده المدينة من سابق، وفاقت كثرتها مقارنة بأعداد السيارات ما ساعد على حدوث الكثير من الحوادث المرورية، والتسبب بتنفيذ عمليات إغتيالات وسرقة، بالإضافةً إلى إعاقة حركة المشاة، ومستوى الإكتظاظ والضوضائية التي تتسبب بها في الأسواق ووسط الأحياء السكنية”.. مطالبة بتفعيل دور شرطة المرور وتطبيع الأمن في عدن، وقالت: “الدولة حالياً غير موجودة من الأساس، ويفترض عدم وجود مثل هذه الدراجات النارية بهذه الكثافة المقلقة في طرقات المدينة، وأنه لابد أن تتم عملية تنظيمها وفق آلية محدودة ودقيقة في ترقيمها”.
*تنظيم عملية انتشارها*
من جانبه يشير المواطن رياض محمد، إلى ما تسببه هذه الدراجات من تزايد نسبة الحوادث المرورية، وقال: “على الجهات المعنية أن تعمل للحد دون تفشي هذه الدرجات، إلا في ظل حدود معينة ومقننة، وأن تخضع للرقابة الدائمة ومصادرة أي دراجة تقوم بمخالفة القواعد المرورية”.
وأضاف: “نرى هناك أطفالا يملكون هذه الدراجات ويقومون بقيادتها بسرعة جنونية دون مراعاة للمواطنين ولا لقواعد السير العامة وأدت إلى إرباك حركة سائقي المركبات لعدم التزامها بالقواعد واللوائح المرورية”.. مستطرداً: “إن انتشار هذه الدراجات وبهذه الصورة المهولة ناتج عن تهاون الدولة، وضعفها في فرض دورها التنظيمي في العاصمة عدن، وكذا غياب دور الأمن والتوعية الاجتماعية”.
*مخالفة الأنظمة المرورية*
يقول المواطن محمد سالم (سائق): “تسببت هذه الدراجات بإعاقة حركة السيارات والمشاة، والكثير ممن يقودها لا يلتزم باللوائح المرورية، بل ويعمل على قيادتها بنوع من الهستيرية واللامبالاة في الشوارع الرئيسية والضيقة”، مضيفاً: “نأسف أن رجال المرور أنفسهم لديهم نقص باللوائح المرورية، حيث أن تنظيم عملية المرور تتم بطريقة عشوائية غير حريصة ومخلصة نتيجة غياب الرقابة وإهمالها للكثير من جوانب والقضايا التي تهم العامة”.

ويتابع: “على الدولة أن تنظم حملات تعمل على منع العشوائية في استخدام هذه الدراجات، وأن تفعل قوانين ورسوم كبيرة لمن يرغب في اقتناء دراجة نارية بالحصول على رخصة (ليسن)، مثلما كان متعارف عليه في فترة الاستعمار البريطاني”.
*انتشار الضوضاء والفوضى في عدن*
ويشير الحاج عبدالرب عيدروس إلى أن الانتشار الكثيف للدراجات النارية في مختلف الشوارع الرئيسية والفرعية في عدن، يعد أحد أهم عوامل الزحمة التي اجتاحت مناطق المدينة، وتسببت بإرباك الحياة العامة للمواطنين وإقلاق سكينة المجتمع، ونشر الإزعاج والفوضى والضوضاء في الكثير من الأحياء والحارات السكنية الهادئة.
ويكمل حديثه: “على الدولة أن تقوم بفرض هيبتها ومحاسبة المخالفين للأنظمة المرورية والمتسببين بإعاقة الحركة العامة”، مستطرداً: “ومتى ما رأى سائقي المركبات بأن هناك رقابة فرضتها الدولة عليهم، فأنه سوف يستشعر بالمسؤولية الملقاة على عاتقه، وسيلتزم من تلقاء نفسه باللوائح المرورية، وتطبيع نظام المرور، وسيعمل على مراعاة أرواح وسلامة المارة”.
واختتم: “هذه المدينة المسالمة لم تكن تعرف في السابق بمثل هذه الظواهر المسيئة لمكانتها المتحضرة، ولسلوكيات أبنائها المتمدنة”.
*عدن.. من التطور إلى التدهور*
يلفت الدكتور قاسم عبدالمحبشي (أستاذ الفلسفة في كلية الآداب بجامعة عدن) إلى أن مدينة عدن كانت أول مدينة عُرفت الحداثة والتطور في شبه الجزيرة العربية، وأول من طبقت أنظمة التخطيط العمراني، وشبكة الطرق المعبدة، ونفذت قوانين وإجراءات السلامة الخاصة بنظام المرو، كما عرفت وسائل المواصلات بأرقى أنظمة تسييرها من السيارات والسفن والطائرات وحتى القطار، وغيرها الكثير من الأمور التي مثلت رموز وقيم الحداثة والنهضة والريادة لمدينة عدن في منطقة الخليج العربي”.
ويضيف: “اليوم لا يوجد في عدن شارع واحد معبد بمواصفات دولية، فكل الشوارع وأرصفة الطرق في المدينة مهدمة، ووضعها العام أصبح مزرياً لم يُعد بتلك الخصوصية والنضارة التي كانت تتميز بها المدينة أبان مرحلة الإستعمار”.
وقال: “لابد من إصلاح الطرقات وعمل شبكة جسور في مدينة عدن، وإعادة تنمية وتأهيل شبكة الطرقات العامة، وتطوير أنظمة المرور وإجراءات سلامتها بمعايير ومواصفات دولية، والتخفيف من إستخدام الناس لـ(السياكل النارية) مع تشديد الرقابة الدورية لرصد العناصر المخالفة لسلامة قواعد المرور، وفرض عقوبات بحقها لإعادة هيبة الدولة المنهارة”.
*عدن بحاجة إلى نظام مؤسسي*
تقول الباحثة والكاتبة الصحافية، نادرة عبدالقدوس: “لقد تعرضت مدينة عدن لوسائل التشوية والطمس التي مست مكانتها التاريخية والحضارية”.
وأشارت إلى أن وسائل الهدم والتشويه طالت الكثير من معالم المدينة، ونقلت إليها كل مساوئ المناطق الأخرى التي أريد فرضها عنوة، وأردفت: “من هذه المساوئ إغراق المدينة بالدراجات النارية كوسيلة نقل بسيطة، ولكم أن تتصوروا معاناة المواطنين جراء الإزعاج الذي تسببه هذه الدراجات، وما تنفثه من سموم تضر بحياة البيئة العامة، كما أنها بات تجتر سمات ومظاهر سلبية لا تتناسب مع تكوين المدينة”.
وقالت: “عدن بحاجة إلى نظام سياسي مؤسسي يكون فيها القانون سيد الموقف، ونأمل أن تختفي الكثير من المظاهر المسيئة التي أساءت لتاريخ ومكانة مدينة عدن، ومن ضمنها انتشار الدراجات النارية القادمة بملاكها من مناطق لم تعتاد على الحياة المدنية الحضرية”.
*الأمر يتطلب صدور قرار لضبطها*
العقيد جمال ديان
العقيد جمال ديان
وبشأن الإجراءات التي تتخذها إدارة المرور والجهات الرسمية المعينة في عدن، للوقوف أمام هذه الظاهرة، وللحد من انتشارها وتفتيشها، يوضح مدير إدارة مرور عدن العقيد جمال ديان بالقول: “إن الدراجات النارية لا يتم ترقيمها، ولا يوجد لها أي تراخيص ولا تمر عبر إدارة مرور المحافظة”.
وأردف: “لابد من ضبطها مهما كلف الأمر”، مشيراً إلى أن عملية ترقيمها ستتم متى ما تم تنظيم وجودها من قبل إدارة أمن عدن، والحد من كثرها وكثافتها السائدة”.
ونوه ديان إلى أن ذلك “يتطلب دوراً كبيراً من مختلف الجهات المعنية في المحافظة، سواء السلطة المحلية أو الأمنية، مشدداً على أن زيادة الأثر السلبي لموتر سيكل بات يتلمسه الجميع في الآونة الأخيرة، حيث انتشرت ظاهرة (المُوتُر سيكل) في إطار عدن بشكل كبير وفوضوي ومزعج، الأمر الذي يتطلب إصدار قرار من الجهات العليا في السلطة المحلية بالمحافظة لضبط جميع الدراجات النارية، وإخضاعها للأنظمة والقواعد المرورية، بما في ذلك العمل على ترقيمها.
*بمجرد سريان القرار سنبدأ التنفيذ*
العقيد أبوبكر جبر
العقيد أبوبكر جبر
للوقوف أمام هذه الظاهرة وكيف يتم التعاطي والتعامل معها من قبل أمن عدن، قامت صحيفة «الأيام» بالنزول إلى إدارة أمن العاصمة، وهناك التقت بنائب إدارة الأمن العقيد أبوبكر جبر، والذي بدوره أوضح دور أجهزة الأمن للحد من هذه الظاهرة، وقال: “فيما يتعلق بموضوع الدراجات النارية كان المحافظ السابق عيدروس الزبيدي قام بإصدار قرارات وتوجيهات، لكن للأسف هذه القرارات تعرقلت بسبب التغييرات التي جرت بإقالة المحافظ”.
وأضاف: “نحن حالياً ومن خلال النقاط الامنية التابعة لإدارة الأمن نعمل على رصد هذه الدراجات، والتحقق منها، وهذا الموضوع بحاجة الى قرار من الحكومة على ترقيم هذه الدراجات، بالإضافة إلى تنظيم حملة شاملة في المحافظة”، مستطرداً: “وما يتعلق بإصدار قرارات سابقة من قبل مدير أمن عدن اللواء شلال علي شائع، والذي عمل من جانبه بإصدار توجيه بضبط أي دراجة نارية مخالفة أو مشبوهة، ومن تبتث عليها علاقة بقضايا متعلقة بالإرهاب، على أن تقوم عناصر الامن بمتابعتها وإلقاء القبض على مالكها”.
ونوه بالقول: “لا نزال ماضين في القيام بمتابعة هذا الموضوع، وكما سبق وأشرت بأننا بحاجة إلى حملة من خلال التنسيق مع كافة الجهات في الإدارة المحلية في المديريات والحزام الأمني والأمن السياسي، إلى جانب الأمن القومي، وجميع الجهات الأمنية”.
وأردف: “نحن بدورنا نسعى جاهدين للقضاء على هذه الفوضى التي تخلفها الدراجات النارية في شوارع العاصمة عدن، وقمنا بالتنسيق مع رئيس الحكومة الدكتور أحمد عبيد بن دغر لإصدار قرار ينص على جمركة وترقيم الدراجات النارية”.
وأضاف: “مسئولية إدارة مرور عدن تكمن في متابعة الدراجات غير المرقمة او المخالفة، وبعد صدور قرار حكومي سنقوم بتنفيذ إجراءاتنا بضبط الدراجات المخالفة، والقضاء على “الفرزات” التي تم إنشاؤها مؤخراً للدراجات النارية، ذلك إذا توفرت إمكانيات العمل والمثابرة”.
واختتم جبر بقوله: “نحن بحاجة إلى مساعدة إدارة الأمن في كل الجوانب الأمنية، حيث نواجه صعوبات كثيرة تتعلق في رجال الأمن الذين لم يتحصلوا على مرتباتهم منذ خمسة أشهر تقريباً، علاوة على أنه لا يوجد أي زي عسكري يظهر لرجل الأمن هيبته ومكانته، والأمن هو مسئولية الجميع ويتطلب تكاتف وتعاون المواطن مع رجال الأمن من خلال الإلتزام بالقرارات وتنفيذ الأنظمة والقوانين”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى