«الأيام».. تحدٍّ لا ينتهي !

> ياسر الاعسم

>   الشرف لا يشترى، والرجال يولدون من رحم المحنة، والتضحية ليست بهرجة كذابة، ولكنها موقف يدفع ثمنه الشجعان، فأفٍ لكل جبان!.
كثيرون يلفظون أنفاسهم الأخيرة دون أن نشعر بهم، وقليلون هم الذين يتركون بصمة كبيرة في الحياة، وإن غيبهم الموت تبقى مواقفهم محفورة في ذاكرة الصغير والكبير..
طيب الله ثرى الفقيد (هشام باشراحيل)، فأمثاله لا يتكررون كثيراً.
سعوا إلى لجمه، فخذلهم ظنهم، وسلبوه حريته، ولم يستطيعوا كسر نخوته، وحاولوا قهره وابتزازه حتى في صحته، وفلذات كبده، فلم يخفض جناح الذل أو يتوسل، وفي الوقت الذي اختار بعضنا، وربما كثير منا حشر رأسه في التراب، قرر الفقيد (هشام) المواجهة، واختار الطريق الصعب، ولم يندم على مواقفه، فأصحاب الشرف والمقام الرفيع لا يستطيعون العيش دون كرامة.
الإحساس بالجحود مؤلم، وأصعب لحظة يمكن أن تعيشها في حياتك هي أن يطعن من أحسنت إليهم ظهرك!.. من المحزن أنه في ذروة محنة صحيفة «الأيام» سقطت الأقنعة المزيفة، وكثير من الوجوه أمست قشورا، وقد كانوا يتسابقون على بابها، وأكبر (شنب) يخطب ودها!..
أبداً لا ندعي المثالية، ولكن هناك لحظات لا نستطيع أن نمر عليها بتثآب، ولا نعلق الجرس على رقبة أحد، ولكن مازالت هناك غصة لا تبارحنا، ونكاد نعلم مواقف الجميع، الشريف، والبليد، والذي تشفى، ومن ترفع، ونحفظ سيرة كل الانتهازيين، و(المنبطحين) بنقاطها، وفواصلها، ونعلم الأسماء المجرورة، والأفعال المكسورة، والألف المستقيمة، والباء التي تحتها (ضرطة).
حين كانت القضية الجنوبية تهمة، و(حراكنا) تمردا، وخيانة، وحين كنا في نظرهم (شرذمة)، وصوتنا كفرا، وعورة، وحين كان الموت يطاردنا في الأزقة، وحين كانت سخريتهم تخرج لسانها بشماتة، ويقولون: “أربعة نفر، وعلم، وتشتوا تستعيدوا الدولة !..”.. حينها كانت صحيفة «الأيام» في عنفوانها، ولم تتردد في خوض المعركة في خندق الجنوب، وتكون الوريد الذي ينبض بمعاناة شعبه!.. عندما اختار كثيرون السير بجانب الحائط، دفعت «الأيام» ثمن إيمانها بعدالة قضيتنا باهظاً.
«الأيام» أكثر من مجرد صحيفة، فقد كانت أشبه بثورة، هزت عرش (عفاش) في عز مجده، وبطشه، وكان كل عدد منها بمثابة مسمار في نعش نظامه، وحملت سطورها حلم شعب بكامله، وكان يجب أن تصمت، فسخروا دولتهم كلها، بجنودها، وسجونها، وأبواقها، وحاملوا (المباخر)، والبلاطجة، والحثالة لعقابها، واعتقدوا أنهم بذلك سيقمعون إرادة ناشريها، و يستطيعون إجهاض أحلام الجنوب، وشعبه، ولكن زمن الطغاة قصير، والحق دائماً ينتصر!.
الفقيد (هشام) يسكن قلوب البسطاء، وكل الشرفاء، وبرحيله ترك فراغا كبيرا، ونشهد بأن (عدن) والجنوب خسرا رجلا عظيما في ظروف صعبة، ولكن الحياة مستمرة، والجنوب حبلى بالأمل والرجال، وكلنا ثقة بأن أسرة (باشراحيل) يملكون مفاتيح النجاح، فـ«الأيام» صحيفة تعشق القمة، وتعيش تحديا لا ينتهي!.
الرصاصة التي لا تقتلك تزيدك قوة، والنار تصهر الذهب، ولا تغير قيمته، واحتراق المسك يكشف جودة عبقه، وستظل نكهة صحيفة «الأيام» ورائحتها، ومذاقها مختلفة، ولا يشبهها شيء آخر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى