من سيكون السّراج هنا ؟!

>
مَن يتأمل خارطتنا اليوم، وهي طُبخت على نارٍ هادئةٍ، وخاضت فيها خمس سنوات ونيف، خلالها رسمت تموضع قوىً متضادة/ متداخلة يجثمُ كل منها على حيزٍ ما من البلاد، وهي الحوثيٌ والإخوان والانتقالي، وما يمكن تسميته مجازاً بجيش الشرعية، كألوية العمالقة وشراذم الجيش المكني بالوطني، وقوات طارق عفاش، أي أن المشهد هنا يتماهى كثيراً والصورة في ليبيا وسوريا.

   * هذا يقطع بأن مُعد سيناريو الأحداث هنا هو خارج الحدود، وبالنّبش في نشأة الإسلام السياسي وكياناته المتعددة، وبالطبع، نواتها الإخونجيون، فقد تغوّل هذا النموذج في الثمانينات وما بعدها، وذلك بعد رؤيةٍ قدمها المفكر الاستراتيجي الإمريكي برنارد لويس إلى صانع القرار الأمريكي في عهد ريجان، وهي تلخصت في إنشاء المدارس الدينية المتطرفة التي تبثٌ الغلو في نفوس الشباب، ومذّاك إلى اليوم ها هم جحافل في دولنا العربية والإسلامية.

   * الحرب خارج الحدود، وهذه كانت تنهض بها القوات المحوقلة وعساكر البحرية وخلافه، وهي مُكلفة، وخسائرها البشرية كبيرة، لكن اليوم يتم هدم الدول المستهدفة عبر حروب الجيل الرابع، أي الحرب والغزو من الداخل، وبيادقها هم المرتزقة والمنشقون وجماعات الإسلام السياسي التي أنشأها وموّلها الغرب في بلداننا، فهم من يطحن جغرافيتنا اليوم ويشرذمها.

   * بالأمس توعّد الإخونجي حمود المخلافي السعودية والإمارات بالويل والثبور في اليمن، جاء هذا في خطبته في جامع آيا صوفيا في تركيا، وخلالها رحّب بمن سمّاهُ حفيد السلاطين أردوغان ومشاريعه في سوريا وليبيا واليمن، مع أنّ السعودية والإمارات دعمتاه كثيراً بالمال والسلاح بداية الحرب هنا! هذا يرسمُ علامة استفهام كبيرة جداً بحجم الإشكال المعقدة في جغرافيتنا.

   * بقيَ أن ننتظر إعلان "سرّاج" اليمن عن نفسه، وربما توقّع البعض أنه الميسري أو الجبواني، فهما بارزان اللحظة، لكن الواقع يشير الى أنهما بوهيميان نَزقان وكثيرا الجعجعة، وسيؤول مصيرهما كالمتأسلم الليبي عبدالحكيم بالحاج، فهذا ملأ الدنيا ضجيجاً وصخباً مع بداية الانفجار الليبي، واليوم أفلَ نجمه بإيماءةٍ من العرّابين الكبار، فدورهُ انتهى، والمخلافي خيال مآتة ، ولم يبقَ إلا الجنرال الدموي علي محسن بسحنتهِ الجَهمة، فهو من سينفض عنه دور رجل الظل الذي تقمّصهُ طويلاً، وهو مُحبٌ للبيئة المُعفّرة بغبار الحروب والدماء والجثامين، وهذا ميدانه وأوانه.

   * أشعرُ بثقل العبء الذي تنوء به كواهل مفاوضينا وقادتنا في الانتقالي في الرياض وحتى هنا، وبالقطع هم ملمون بخفايا المشهد ودقائق تجلياته الجهنمية، وهذه لا يقف عليها القطاع الأوسع من شعب جنوبنا، فهم يغرقون في فضاءات اللغط والنقاشات الدونكيشوتية على الفيس والواتس ٱب، وهم إذا انطفأت الكهرباء زأروا: أين الانتقالي؟! مع أن الرجال إزاء مهمة تنوء بحملها الجبال، لأنّ مسألة إخراج جنوبنا سالماً معافى من المعمعة الكارثية في القادم من الأيام هي عسيرة وشاقة ولاشك، أليس كذلك؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى