الأمن القومي لأي بلد هو مكونات استراتيجية مترابطة متفاعلة، وأمن الطاقة عنصر مهم فيها، ولا يتجزأ عن أمن الدولة، وإن واحداً من المعايير الرئيسية لفعالية عمل الدولة وقوتها هو قدرتها على توفير الطاقة بشكل مستقر للسكان؛ لأنها مسائلة أمن قومي للبلاد، كالأمن المائي، الاقتصادي، الاجتماعي، السياسي، العسكري، البيئي والمعلومات.
كهرباء عدن في أسوأ حالاتها، وموسم صيف جديد، فعلى المجلس الانتقالي والتحالف أن يجتازوه بنجاح دون أن ينتظروا غضب المواطنين الذين ترفع حرارة الصيف لهيب غضبهم تجاه كل من يدير المدينة ومؤسساتها، وعليهم أن يدركوا جيداً خطورة ملف الكهرباء الذي يعبث به الفساد وأيادٍ خبيثة لأغراض دنيئة.
كل صيف تهل علينا فيه حلول ترقيعية، ووعود بملايين الدولارات بقرب الاكتفاء الذاتي وانفراج الأزمة، ليتضح لاحقاً أنها مجرد فرقعات إعلامية، يظل بعدها المواطن يعاني صعوبة الحصول على راحته وقوت يومه البسيط، بسبب انقطاعات الكهرباء الكثيرة، التي تعد في كل دول العالم مسألة أمن قومي تخصص له ميزانيات ضخمة من أجل استقرار هذا القطاع بالذات.
جوهر مشكلة الكهرباء في عدن هو الفساد وسوء الإدارة، والكل أصبح يدرك أن قطاع الكهرباء من بين القطاعات الأكثر فساداً في المدينة، كما يدرك الكثير أن المواطن أيضاً هو أحد أركان هذه المشكلة؛ بسبب عدم دفعه قيمةَ الاستهلاك، ولو مبالغ رمزية شهرية. والسؤال هو: لماذا لا تدفع أوضاع الكهرباء المتردية المسؤولين في عدن
للتحقيق بشكل شفاف مع القائمين عليها لمعرفة السبب والمسؤول عن تدهورها، من أجل محاسبته قانونياً؟ لماذا لا يتم التفاعل من قِبل مسؤولي الكهرباء مع هيئات الدولة التي تمارس وظائف الرقابة والإشراف؟
إن الأموال التي أنفقت على تحسين كهرباء عدن طيلة الخمس السنوات الماضية كفيلة أن توفر كهرباء غير متقطعة للجزيرة العربية كافة، فمتى يغلق ملف الفساد في قطاع كهرباء عدن، وتوفر الطاقة الكهربائية بشكل مستقر؟، لأنها أبسط حقوق المواطن، وأمن قومي للبلاد.