حلقة نقاش علمية نظمتها جامعة عدن.. التعويم أبرز محاورها.. الجهاز المصرفي اليمني تحديات الحاضر وآفاق المستقبل

> تغطية / رعد الريمي - تصوير / نجيب المحبوبي

> أجمع عدد من الاقتصاديين والخبراء في المجال الاقتصادي أن البنك المركزي، وخاصة بعد نقله، بات يعاني من جملة من المشاكل، الأمر الذي جعل البنك يضطر إلى إصدار قرار بتعويم العملة في وقت قصير بخلاف ما كان عليه الوضع قبل ذلك، حيث حافظ البنك على استقرار سعر العملة على مدى خمس سنوات قبل أن يقوم البنك بعملية التعويم.
وفي حلقة نقاش علمية عقدت أمس الأول الخميس عن «الجهاز المصرفي اليمني .. تحديات الحاضر وآفاق المستقبل» التي نظمتها جامعة عدن بدعمٍ من البنك الأهلي اليمني وبرعاية رئيس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر، أكد المشاركون بها- من ممثلي عددٍ من البنوك والخبراء الاقتصاديين في العاصمة عدن وجامعة عدن ورجال المال والأعمال والمصارف الرسمية والأهلية والمهتمين ووسائل الإعلام- أن «غياب الدراسات الاقتصادية، وكذا عدم وجود وضوح السياسة النقدية لدى البنك المركزي جعل من البنك يبدو أقل من المكانة التي من المفترض أن يتبوأها.
*تعويم أم تصحيح العملة
وفي إطار الحلقة النقاشية قدم الدكتور محمد حسين حلبوب، رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي اليمني لمحة تاريخية نظرية عن الأنظمة المالية في اليمن وتعويم العملة ودور البنك المركزي والتوقعات والمعالجات المستقبلية لنجاح خطة التعويم.
ونفى حلبوب أن يكون ما جرى خلال الأيام الماضية من خطوة أسماها البنك المركزي بالتعويم أن يكون تعويما فعليا للعملة، وقال: “لم يحصل تعويم للعملة، وإن إدارة البنك المركزي أسمته تعويما، وهو في حقيقة الأمر تصحيح سعر الصرف”، مضيفا ان “موضوع تعويم العملة موضوع قديم جدا، وأنه قد حصل فعليا في 1 يوليو 1996م، وأن الحاصل هو أننا انتقلنا من شكل في التعويم إلى شكل آخر في دائرة التعويم”.
وأكد أن “النظام النقدي مرَّ بعدة مراحل، وبروز التعويم الحر يعني ترك سعر الصرف يتغير ويتحدد مع الزمن ويقتصر تدخل السلطات النقدية على التأثير في السرعة، فقد تتدخل السلطات النقدية فقط في تأثير سرعة تغير سعر الصرف، وليس الحد في التغيير، والنوع الثاني التعويم المدار الذي كان سابقا موجودا أيام رئيس البنك السابق، وهو أن يتم ترك المجال لقوى العرض والطلب، ولكن مع لجوء المصرف المركزي إلى التدخل كلما دعت إليه الحاجة”.
عدم الاعتراف بالسعر الرسمي
وأوضح حلبوب أن “المصرف المركزي في السابق كان يتدخل، بحيث يثبت سعر صرف الدولار لفترة خمس سنوات متوالية، غير أن البنك اليوم ـ ووفقا للنظام الذي عليه الآن ـ لا يستطيع التدخل إلا بسياسات الأدوات النقدية، وهي التدخل المباشر لتعديل سعر الفائدة وسعر الخصم وتعديل نسبة الاحتياطي القانوني”.
عدد من الاقتصاديين والخبراء في المجال الاقتصادي الحاضرين في الندوة
عدد من الاقتصاديين والخبراء في المجال الاقتصادي الحاضرين في الندوة

وقال: “إن ما تقوم به حكومة الانقلابيين سوف ينعكس بشكل مخيف على العملية المصرفية في القادم، وسعر صرف العملة وكذا الدين العام من خلال إصدار (450) مليار ريال عن طريق شيكات بدون رصيد، وسيكون تأثيره سلبيا جدا”، مؤكدا أن “عدم تطبيق السعر الرسمي من البنك المركزي جاء بعدم اعترافه بالسعر الذي أعلن عنه، هو ذاته، لذا من الطبيعي أن يقوم بذلك، فسعر الصرف الرسمي (250) كسعر دفتري هو ما لا يتم التعامل به واقعيا، حيث يتم الشراء من قبل البنك للعملة بقيمة (300) ريال، وهو يعني أن ثمة خسارة بقيمة (50) ريالا يمنيا لكل دولار، ولهذا كانت تتم عرقلته، ولهذا أيضا تم توجيه رسالة تطالب بالتعويم أو بالتصحيح وهي رسالة مقدمة من البنوك الأهلية”.
وأوضح أن “هناك سعر صرفين في اليمن: سعر صرف الكاش (375) ريالا مقابل الدولار، بينما (475) سعر صرف للشيكات، وهو السبب الأساسي الذي يعرقل تمويل الكهرباء والمشتقات النفطية، وليس هناك مؤامرة”.
ويبقى السؤال هل تتحقق أهداف التعويم أم لا؟ وعليه فقد قاربت في ذهني هذه المشكلة مشكلة قريبة الوقوع في عام في ظل عدم وجود إحصائيات لعام (2015م - 2016م)، وهو ما حدث في عام (1994م)، وبما أنه وقع لنا حدث مثله وتم معالجته، فإنه يجدر بنا استخدام ذات العلاج، وأن يعاد استخدامه في الوضع الحالي مع أخذ المتغيرات بعين الاعتبار.
*تقرير مصرفي يومي
وفي كلمة للسلطة المحلية بمحافظة عدن، التي ألقاها الدكتور رشاد شائع، وكيل المحافظة أشار فيها إلى قرار نقل البنك المركزي اليمني إلى العاصمة عدن، حيث قال: “إنه شكل نقلة نوعية للاقتصاد الوطني، استطاعت من خلاله الحكومة مواجهة العديد من التحديات التي أعقبت الحرب الأخيرة على عدن وإيجاد الاستقرار المصرفي والسيولة النقدية”.
وأكد شايع أن “الانقلابيين استولوا قبل نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن على (5) مليارات و(90) مليون دولار”، كما دعا رشاد البنك المركزي إلى “إعداد تقرير يومي حول حركته المصرفية للموارد اليومية المتعلقة بواردات المرافق في المناطق المحررة، ليتسنى للقيادة اتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه المرافق الإيرادية التي تتقاعس عن تحصيل الإيرادات”.
*تصويب السياسات الحكومية
من جانبه قال الدكتور الخضر ناصر لصور، رئيس جامعة عدن: “إن هذه الحلقة تأتي في ظل توجهات القيادة السياسية والحكومة نحو تعميق قيمة البحث العلمي في الحياة وإدارة برامج التنمية الاقتصادية، وتفعيل دور الجامعات والمؤسسات الأكاديمية والبحثية في هذا الجانب، ونشر ثقافة البحث العلمي في معالجة الكثير من القضايا الاقتصادية التي يعاني منها الوطن الذي يشهد تحولات عديدة في مختلف المجالات التي تحتاج إلى تعميق وسياسات علمية وأبحاثٍ تساعد في الخروج به من الكثير من الأزمات المجتمعية والاقتصادية والمساهمة في تنميته وتطويره”.
وأكد لصور بأن “جامعة عدن تسعى إلى الخروج برؤية علمية واضحة لدعم السياسات الحكومية وتصويبها وطرحها على ذوي الاختصاص وصانعي القرار لتساهم في إيجاد حلول علمية مناسبة للأزمات الاقتصادية التي تعصف بالوطن والمواطنين”، مشيراً إلى أن “ارتباط البحث العلمي بمتطلبات التنمية المصرفية يعد أحد المرتكزات الأساسية للتقدم في عصرنا، الذي يحتل فيه البحث العلمي مكانة كبيرة في النواحي المختلفة للمؤسسات المصرفية وانعكاسها على تطوير وزيادة مساهمتها في الدخل القومي للمجتمع”. ‏
*الختام
وقد ناقشت الحلقة العلمية العديد من أوراق العمل حول قرار التعويم، والآثار الاقتصادية المحتملة لهذا القرار، وكذا الدور الإشرافي والرقابي للبنك المركزي اليمني وأثره في تعزيز الثقة بالجهاز المصرفي، وخرجت بالعديد من التوصيات التي أكدت على أهمية البحث العلمي في مساعدة صناع القرار لمعالجة الكثير من القضايا الاقتصادية التي يعاني منها الوطن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى