كلمة اليوم "سـلاح الـتـخـويـن"

> « الأيام» خاص

> العمل السياسي هو بالأساس عمل تطوعي يسعى فيه الفرد إلى تغيير واقع عام إلى رؤية يراها هو أنها الطريق الصحيح، ودعم الشعب لهذا السياسي أو ذاك هو بالأساس دعم مواقف السياسي وليس علاقة صداقة أو مصلحة شخصية.
في بلدنا انقلب الأمر، بحيث أصبح العمل السياسي هو العمل الأكثر ربحا على البسيطة، بل أضحى أكثر ربحاً من التجارة، وبالتالي أصبح الداعمون القلائل (من الشعب) لهذا السياسي أو ذاك أصحاب مصلحة مادية بالأساس، متى ما انتهت انتهى الدعم لهذا السياسي أو ذاك.
غياب الرقابة المالية تخول السياسي استدرار الأموال من عدة مصادر داخل البلاد وخارجها لتصبح دائرة المصالح مكتملة، ويصبح العمل السياسي لغير مصلحة المواطن، بل لصالح الداعم الذي يوفر الأموال لهذه الدائرة الرهيبة من المصالح الشخصية.
في أربعينيات وخمسينيات وستينيات القرن الماضي عرفت عدن الانتخابات البلدية والتشريعية والعمل السياسي الذي قاد المدينة إلى مستويات غير مسبوقة على مستوى الشرق الأوسط، من الديمقراطية وتمثيل البسطاء في أعلى السلطات، ولأن المواطنين عرفوا الحقوق والحريات بالشكل الصحيح في تلك الأيام فإنهم لازالوا يرفضون أشكال القمع والتمييز والتهميش جميعها، التي أتت بعد 1967 وترسخت بعد 1990.
ولقد احترف معظم السياسيين في هذه الفترة الممتدة من 1967 حتى الآن دغدغة العواطف للناخبين، وتجلت هذه الاحترافية في خطابات مهرجانات الحراك والمهرجانات الانتخابية للدولة، فجميع هؤلاء القادة لا يقدمون التزامات على أنفسهم أو آليات للوصول إلى أهدافهم المعلنة، بل إن جميع الخطابات تسودها العاطفية وتتحدث بالعموميات، لأنهم يعرفون مسبقا أنهم غير قادرين على فعل شيء.
إن هذا العجز على تقديم رؤى سياسية ملزمة للسياسيين مرده غياب الثقافة لديهم، فلا هم يقرأون ولا يأخذون بتجارب غيرهم، وليسوا قادرين بالتالي على المحاججة، وعندما يحشرون في زاوية يلجؤون إلى أبسط وأحقر وسيلة وهي تخوين الطرف الآخر ووصفه بأقذع التهم، والاقبح من كل ذلك وصم الشخص بالانتماء المناطقي، وكأنما الانتماء إلى منطقة معينة وصمة عار.
إن التخوين أداة خطيرة تصدر فقط عن الجهلاء وتزرع الكراهية ولا شيء سوى الكراهية والأحقاد، في الوقت الذي رفع فيه الجنوبيون، بداية من جمعية ردفان الخيرية الاجتماعية في عدن في 13 يناير 2006م، وبصدق، شعار التصالح والتسامح وهو أنبل ما قام به الحراكيون وأكثر ما زرع الخوف لدى قوى الاستبداد في صنعاء، بل أكثر حتى من المظاهرات والمليونيات السلمية العارمة التي شهدها الجنوب.
إننا نسعى إلى دولة المواطنة المتساوية في الحقوق والحريات والالتزامات، دولة النظام والقانون، ومتى ما جسدنا المساواة فلا تستطيع أي قوة على الأرض التفريق بين المواطنين او منعهم من تحقيق ما يصبون إليه.
البداية هي في المصارحة فيما بيننا بكل أخطائنا لبعضنا البعض ونسيان الماضي حتى تصفو القلوب، ولنكبح التدهور الحاصل ونوجه جل تركيزنا على من يحاول زرع الفتن والكراهية والبغضاء والأحقاد فيما بيننا ليمنع وصولنا إلى هدفنا المنشود.
نائب رئيس التحرير

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى