تحايل فى الإعمار وإغراءات لشراء منازل المواطنين المتضررة

> تقرير / رعد الريمي

> منذ أن أعلنت الحكومة الشرعية في العاصمة عدن تدشين ملف الإعمار حتى راودت الشكوك المواطنين حول تكرار وعودها وسيناريو أخطاء ملف إعادة إعمار أبين.
وهو ما أكدته شكاوى وتظلمات لمواطنين في أولى المديريات التي تصدرت تصريحات المسؤولين عن الإعمار، وهي مديرية (التواهي) التي تشهد عملية بدء الإعمار، حيث يمضي قدماً وبخطى سريعة، لكن نحو تكرار تلك الأخطاء وربما الفضائح.
فقد كشف عدد من المواطنين المتضررين ممن تدمرت بيوتهم وهجروها اضطرارياً في عدن، لاسيما في مديرية التواهي، عن تعرضهم لعملية استغلال وإغراء مادي من قبل بعض المسؤولين في ملف الإعمار لشراء منازلهم المتضررة، وسط ضغوط لبيعها، كونها تقع في أماكن متميزة وسياحية وهامة.
*بدء الإعمار
وكانت البداية حين أعلن مكتب الأشغال العامة بالعاصمة عدن تدشين ملف الإعمار في السابع من أغسطس المنصرم للمرحلة الأولى للمديريات الثلاث (التواهي والمعلا وصيرة) بتكلفة بلغت (2.304.060.788) ريالا، أي ما يزيد على ملياري ريال لـ(1291) منزلا بين هدم كلي وجزئي، والمواطنون في المديريات الثلاث في بحث مستمر حول الآلية والطريقة التي سوف تمضي بها الحكومة في تنفيذ ملف الإعمار.
لتتعالى بعدها التصريحات من عدد من المسؤولين الذين حملوا على عاتقهم إبداء التطمينات بأن ملف الإعمار في عدن لن يكون نسخة أخرى من ملف إعمار أبين، وقد جاء ذلك صريحاً على لسان وكيل العاصمة عدن للمشاريع غسان الزامكي في تصريح خص به «الأيام» قال فيه: “لقد جرى الاتفاق مع الحكومة على ضرورة ألا تتكرر الأخطاء التي حدثت في ملف إعمار محافظة أبين”.
ومع بدء تنفيذ ملف الإعمار وحتى نزول لجان الحصر وإلى البدء بالتنفيذ بعمليات الترميم والجهود تمضي للنأي بالملف من أن ينجرف نحو هاوية الخلل والسقوط في قعر الفساد، غير أن بوادر بدأت تطفو على السطح تشير إلى أن ثمة أخطاء عميقة التصقت بملف الإعمار، غير أن ثمة من لا يريد لهذا الملف أن يمضي نحو تجربة مشرفة يصح استنساخها لبقية المديريات.
*محلي التواهي يتهم لجنة الإعمار بالفساد
لم تنته بعد تلك الحكاية بل زادت حبكتها تعقيدا وتفاصيل، فقد أعلن مدير عام مديرية التواهي عبدالحميد ناصر عبد الله انسحاب السلطة المحلية بالمديرية من الإشراف على ملف إعادة إعمار المنازل والمباني الأثرية والسياحية التي تضررت من الحرب، وتخطط الحكومة لتنفيذ إعادة تأهيلها.
وقال في تصريح لـ«الأيام»: “إن السلطة المحلية بالتواهي لا يمكن أن تكون شاهد زور في عملية مهمة تتمثل بإعادة شاملة للإعمار دون حضور فاعل واطلاع واسع من كل ذي صلة بهذه العملية”.
محلي التواهي أثناء إعلانه انسحاب المديرية من ملف الإعمار
محلي التواهي أثناء إعلانه انسحاب المديرية من ملف الإعمار

وأضاف: “إن إعلان الانسحاب جاء نتيجة سوء الترتيب وعدم الاتفاق على خطة عملية ومهنية واضحة للإشراف على عملية التنفيذ، عدا التوقيع على محاضر تسليم المواقع للمقاولين فقط، وإن الانسحاب جاء بعد رفض لجنة إعادة الإعمار منح جداول توزيع الكميات للمواطنين المستفيدين، ليتمكن كل مواطن من معرفة المقرر له من أعمال الترميم”، وأنه من حق أي مواطن مستفيد أن يتسلم جدول الكميات الخاصة بمنزله لكي يكون على بينة من أمره”، مضيفا: “إن قرار الانسحاب جاء بعد مراسلة ومقابلات تمت مع المحافظ والوكيل الأول أحمد سالمين وعدد من أعضاء اللجنة لضمان النزاهة”، موضحا أن “القرار يصب في مصلحة المواطن بمديرية التواهي بالدرجة الرئيسية”.
وأوضح: “إننا في السلطة المحلية بالمديرية لن نقبل بمحاولة جعلنا مجرد غطاء لاستمرار عمل المقاولين بدون ضوابط حقيقية، وأن عدم إشراك السلطة في الإشراف المباشر على المستخلصات المالية للمقاولين ومعرفة ما تم تنفيذه على أرض الواقع ومقارنته بالاستحقاق المالي أمر بالغ الأهمية، وهو يصب في مصلحة الشفافية التي عودت السلطة المحلية بالمديرية مواطنيها عليها”.
واعتبر عبد الحميد أن “رفض لجنة الإعمار تسليم المواطنين جدول الكميات أمر غير مبرر ولا يخدم الشفافية، خاصة أن هناك قيادات مازالت تسيطر على هذا الملف عملياً وثبت تورطها بقضايا فساد كان آخرها قضية بوابة رصيف السياح بالتواهي”.
انهيار لجدار إحدى الغرف
انهيار لجدار إحدى الغرف

وأشار إلى أنه “كانت هناك تعليمات من محافظ العاصمة عدن عبدالعزيز المفلحي تقضي بضرورة إشراك السلطة المحلية في الإشراف المباشر والمتابعة الميدانية لملف الإعمار، غير أن تلك التعليمات لم تنفذ”..وأضاف: “إن عدم تنفيذ توجيهات المحافظ ليست المخالفة الوحيدة، حيث سبق أن تم إعلان عدد من المناقصات لعدد من المشاريع في المديرية لمنازل المواطنين والمؤسسات الحكومية وغيرها دون إشعار السلطة المحلية بالحضور والمشاركة”.
*إخفاء جدول الكميات ثغرة للفساد
وبحسب مسؤولين في لجنة الإعمار أكدوا أن “من حق المواطنين الحصول على جدول الكميات، وإن عدم منح المواطنين جدول الكميات هو ثغرة رئيسية يلج منها الفساد، الأمر الذي استغربه المواطنون من عدم تمكينهم من جدول الكميات الذي يمكنهم من معرفة حقهم ومستحقهم في عملية الترميم والإعمار، وخاصة أنه أمر تجاوب إزاءه المواطنون بالتكفل بعملية نسخ جدول الكميات لمنازلهم”.
محمد هشام عباس، عاقل حارة حي المسرح، تحدث قائلا: “في البدء سعدنا بتدشين ملف الإعمار للتواهي، كونها من أكثر المديريات التي تضررت، غير أن سعادتنا لم تستمر حيث لاحظنا وعلى مدى شهرين من العمل للجنة الإعمار أنه لم تكن هناك مصداقية في العمل من قبل اللجنة تجاه المتضررين، حيث لوحظ وجود فساد من خلال عدد من الإخفاقات أهمها إخفاء جدول الكميات وإصرار القائمين على إخفائه حتى عن مدير المديرية”.
*انتقائية ترميم لأضرار بمنازلنا
وتحدث المواطن إبراهيم عبدالكريم مجاهد، كان يقطن شارع الهلال بالقرب من البنك الأهلي، قائلا: “أنا من المواطنين القلائل الذين استطاعوا التمكن لساعة من الاطلاع على جدول الكميات قبل أن يقوم المقاول المختص بإخفائه عني على الرغم من إخباري بأني سوف أقوم بتصويره على حسابي الشخصي”.
وأضاف: “فوجئت بوجود أضرار بحاجة لترميم في منزل لم يشملها تقييم الضرر على الرغم من ترميمي عددا من الأضرار التي لم أتحمل بقاءها، كوني أقيم خارج المنزل وقمت بإصلاحها على حسابي الشخصي وعدت لمنزلي، الأمر الذي من شأنه أن يسهم بتقييد لجنة حصر الأضرار أدق التفاصيل المتضررة في منزلي بعد أن قمت بإعفائها من عدد من الأضرار، غير أن ذلك لم يحدث البتة، بل فوجئت بوجود أضرار لم تشملها عملية الترميم، وقد قمت بإيقاف المقاول الذي يتولى عملية ترميم منزلي حتى يتم الفصل في الأمر”.
مواطن يشير إلى تصدعات في جدار منزله
مواطن يشير إلى تصدعات في جدار منزله

عبدالعزيز عبدالله، رئيس لجان منطقة التواهي، أوضح أن “هناك روتينا مملا من قبل لجنة الإعمار بالمديرية ضاعف من ذلك عدم إشراك سلطة المديرية بمقابل سلطة المقاول على المواطنين، كون سلطة المديرية معدومة على المقاول مع جهل المواطن بأعمال الترميم في منزله من خلال إخفاء جدول الكميات”.
وتلقى محلي التواهي شكاوى من قبل المواطنين حصلت «الأيام» على نسخ منها، حيث جاء في شكوى تقدمت بها المواطنة هدى سعيد عبدالخالق من سكان شارع الهلال أنها طالبت المهندس بإشعارها بنوع الإصلاحات التي ستتم في المنزل، وهو الأمر الذي رفضه المهندس، وقالت: “ليته اكتفى بالرفض بل قام بإيقاف العمل”، بعد تهديده سابقا لها وقام بالفعل بإيقاف عمل الترميمات ونفذ تهديده بسحب المعدات.
فيما أتت شكوى المواطن عبدالله صالح الخلاقي بأن “منزله تدمر كليا، غير أنه تفاجأ برغبة المقاولين بعمل ترميمات وأعمال طلاء، الأمر الذي جعله يتقدم بشكوى إلى محلي مديرية التواهي”.
إلى غيرها من الشكاوى التي تنم عن انتقائية في أعمال الترميم لدى الجهة التي تتولى عملية الترميم في المديرية وإسقاط الأضرار من منازل المواطنين والاكتفاء بالأعمال البسيطة كالطلاء وإخفاء جداول الكميات.. ويبقى لسان الحال “مصائب قوم عند قوم فوائد”.
تقرير / رعد الريمي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى