قصة شهيد "ناجي محمد البعالي القعيطي" (القائد الحكيم)

> تكتبها/خديجة بن بريك

> قال الابن محمد لأبيه “يا أبي أنا أخاف عليك من المشاركة في الحرب، وأخاف عليك بعد ظهورك على شاشات التلفاز”، فرد عليه أبوه “لا تخف يا ولدي، هذا واجبنا تجاه وطننا، سنعمل بكل جهدنا لمنع دخول المليشيات الانقلابية وقوات نظام صالح.. يا ولدي اليوم سنحارب نحن، وغدا بعد الانتصار سيقولون عنا خونة وعملاء، وسيأتي من كانوا مختبئين في منازلهم ليتولوا المناصب.. هكذا هي الحرب يا ابني”.
كان هذا جزء من الحديث الذي دار بين محمد وبين أبيه مهندس الطيران العقيد الركن/ناجي محمد البعالي القعيطي، المولود في عام 1954م، قبل استشهاده، حيث كان محمد حينها في المملكة العربية السعودية.
يقول د. منصور عبدالله صالح (صديق الشهيد ناجي البعالي) : “في بداية حرب 2015م التي دارت بين شباب المقاومة الجنوبية في عدن وبين مليشيات الحوثي وقوات صالح، كان هناك انفلاتا أمنيا في عدن، حيث تُرك اللواء (31) في منطقة رأس عباس بمديرية البريقة بعدن مفتوحا للنهب، فسُرِقت بعض محتوياته.. فما كان منا أنا وناجي البعالي والشيخ هيثم إلا تشكيل مجلس أهلي خدمي، وبعدها اجتمعنا وشكلنا لجانا شعبية، وكان من ضمنها القائد (الشهيد) محمد حرباج”.
وأضاف: “كان منزل الشهيد ناجي البعالي مخصصا للاجتماعات، وكان ناجي - رحمه الله - لا يبخل بشيء في سبيل خدمة وطنه وأهله، وكانت سيارته تعمل على نقل السلاح والذخائر وتعزيز جبهات القتال في أنحاء محافظة عدن بشباب المقاومة.. وحينها تشكلت جبهة من شباب المقاومة الجنوبية بالقرب من سور “الفردوس” أو ما تسمى (شركة سبأ) بمنطقة صلاح الدين بالبريقة، حيث كانت الشركة في أعلى التلة، واختارها ناجي البعالي لتكون مقرا لتجمع شباب المقاومة كونها تحتوي على أربع غرف، وكانت أيضا شبه معسكر لهم.. وبعد تدخل التحالف التحالف العربي أصبحنا أكثر تنظيماً”.
وأردف د.منصور: “الشهيد ناجي البعالي، وكان أثناء الحرب قائدا لجبهة صلاح الدين - فقم - عمران.. وكان يعمل على إرسال الإحداثيات إلى قوات التحالف، وكان على تواصل دائم مع علي النقيب قائد اللواء العاشر في صلاح الدين الذي كان في الرياض حينها، لإطلاعه أولا بأول عما يدور في جبهات القتال في عدن وفي صلاح الدين على وجه الخصوص”.
وقال أيضا: “حاول الشهيد ناجي وكان معه فضل حسن قائد المنطقة الرابعة حينها على تنسيق عمل الشباب، وكان ناجي يسعى جاهداً إلى نقل خبرته العسكرية والقتالية للشباب من أجل تنظيم صفوفهم أولئك الشباب الذين لا يعرفون من قبل كيفية استخدام السلاح وليست لهم خبرة سابقة في خوض حرب غير متكافئة”.
واستطرد د.منصور بالقول: “وفي فجر 10/5/2015م حاولت المليشيات الانقلابية التقدم باتجاه صلاح الدين من خلال شنها هجوما قويا، إلا أن مجموعة القائد ناجي البعالي تصدت لذلك الهجوم.. وقام شباب المقاومة في المنطقة بزرع الألغام في طريق العدو، وساعدهم ذلك حين شنت المليشيات الانقلابية هجوما عنيفا، فأدت تلك الألغام إلى جانب شجاعة الشباب إلى وقف تقدم واقتحام تلك المليشيات لمدينة صلاح الدين، وقُتِل في تلك المعركة 13 من عناصر مليشيات الحوثي وقوات صالح، أثناء وقوعهم في مصيدة الألغام التي زرعها شباب المقاومة في صلاح الدين.. فحدث إرباك عند المليشيات وتراجعت إلى الخلف، وكان هذا بمثابة نصر لشباب المقاومة.. بعدها عاد ناجي إلى منزله وكان سعيدا بذلك الإنجاز وأخبر زوجته بأن النصر قريب بإذن الله”.
واختتم منصور حديثه قائلا: “في الساعة الحادية عشرة من صباح اليوم نفسه اتصل بي ناجي وقال لي بأننا انتصرنا في المعركة التي دارت فجراً، وبمناسبة الفرحة سنتناول وجبة الغذاء معا، كان هو في المعسكر والذي هو “شركة سبأ”، وكنت أنا في مدينة صلاح الدين، وبعد صلاة الظهر خرجت من المسجد سمعنا أصوات انفجارات عنيفة، فتوجهت بنظري لموقع الصوت وكنت أشاهد قذائف تتساقط تباعاً بالقرب من شركة سبأ - المعسكر الذي يتواجد فيه القائد ناجي البعالي - حتى سقطت إحداهن على الغرفة التي كان يجلس فيها شباب المقاومة، وكان صوت الانفجار هائلا، وشاهدنا غبارا كثيفا وشظايا تتطاير في كل مكان، وكان في الغرفة حينها ناجي البعالي، وقد استشهد في ذلك اليوم 23 من المقاومة الجنوبية من بينهم القائد ناجي”.
ضحى الشهيد ناجي بحياته من أجل الوطن، إلا أن من استلم دفة القيادة بعد الانتصار لم تنصف أهل الشهيد ناجي البعالي الذي لم يبخل بروحه وبيته وماله وسيارته في سبيل العزة والكرامة.. طالب أهل الشهيد البعالي بتعويضهم عن سيارة أبيهم التي احترقت في ذلك الحادث، كونها مصدر رزقهم، إلا أنه لم يتم تعويضهم إلى يومنا هذا.
من جعلكم تتربعون على عرش السلطة والمسؤولية هم أولئك الشهداء، الذين لولا تضحياتهم لما كنتم في مناصبكم اليوم.. فلا تبخسوا أهالي الشهداء حقهم.
تكتبها/خديجة بن بريك

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى