(البدر) في الليلة الظلماء

>
محمد العولقي
محمد العولقي
*والله يصعب علي أن أرى الرياضي القدير (بدر حمود) طريح الفراش بلا حركة وبلا بركة فيما نحن لاهون عنه بسفهاء يبيعون ويشترون في تاريخنا الرياضي .. كما يحز في نفسي أن (بدر حمود) الخبير الإداري ، قد غاب صخبه وضجيجه عن ذلك المقهى الذي ارتبط به ، حيث محبيه يصغون لحكاياته بلهفة تتوارى أمامها حكايات ألف ليلة وليلة خجلاً وكسوفاً.
* داهم المرض الخبيث جسد ذلك المعلم الرياضي الشامخ ، ونال منه وحد من خدماته الجليلة التي طالما أسداها لتلاميذ تنكروا اليوم لخدماته ، وفضلوا وضع أذن من طين ، وأخرى من عجين حتى لا يسمعوا أنين وآهات المعلم الفاضل.
* لزم (بدر حمود) فراشه في منزله الشعبي البسيط في (المعلا)، ولم يشتك أو يطلب وسيلة مساعدة من صديق أو جمهور ، بل إحترف الصمت في محنته المرضية ، واحترق داخلياً من هول الأصدقاء الذين تناسوه في الليلة الظلماء وهو (البدر) المنير الذي كان يهتدي به الجميع.
* إنزوى (بدر حمود) في ركن حقير من غرفة متهالكة ، يحتضنها سرير رث يدل على زهده وتعففه ، خرج من محرابه الرياضي بلا بيت يلبي الحاجة ، ولا رصيد ينفع عند (الفاقة).
* لم يكن (بدر حمود) إلا ذلك الرياضي نظيف اليد ، بسيط السريرة ، نقي القامة والهامة ، تقي عند تقمصه الأمانة التي حملها وقد كان ظلوماً جهولاً .. أكثر من خمسة عقود وهي بعمر أصغر تلاميذه النجباء ، وهو يسكب في عيوننا الكثير من كحل سحره الإداري ، ويصب في آذاننا الكثير من أسرار حب الكيان الرياضي كهدف نبيل لا يقدر بثمن.
* كان (بدر حمود) شهماً وهو يغيث زملاءه في العمل الرياضي ، ما إن يعطس أحدهم في مكتبه حتى يصاب هو بالزكام ، كان يبذل في سبيل الصداقة الغالي والنفيس ، ولم يدر بخلده وهو طريح الفراش أن (النائبات) عرت حقيقة أصدقاء الشدة المنافقين.
* صدقوني يا أصدقاء وتلاميذ (بدر حمود) ، المرض لم يهزم معلمكم وملهمكم وفارسكم الذي نهلتم من نهره الرقراق شراباً مستساغاً من سلسبيل ، أنتم من هزم (بدر حمود) ودفعتم به إلى حافة الإستسلام .. أجل يا قساة القلوب ، أنتم من هزم (بدر حمود) عندما تركتموه وحيداً يصارع بحراً من المرض ليس له قرار ، وأنتم من أبكاه وأذقتموه صنوف العذاب ، وأنتم تتناسونه وتهجرونه وتتخلون عنه ، أنتم ذوي القربى الأشد مضاضة من وقع (حسام) إخترق قلبه دون رحمة ، فما أقسى على التاريخ ، أن يدون أن (بدر حمود) قضى نحبه بسبب خلانه الذين باعوه للمرض برخص التراب.
* ورثنا نحن الجيل الجديد من (بدر حمود) سيرة محمودة ستمكث في الأرض وستطرح أرضه الخصبة سنابل خير وعطاء ، فهو من النوع الذي لم يمر على شفرات قلوبنا مرور الكرام ، لقد كان حصيفاً بموازينه التي ثقلت حباً وعطاءاً ، تواضعاً وأخلاقاً ، إن مثل (بدر حمود) سيبقى في قلوبنا معمراً كنخلة باسقة ، في واحة حياتنا تطرح الطلح المنضود ، مثله أيها الجاحدون الناهبون للتاريخ سيبقى واقفاً في أقفاصنا الصدرية شامخاً أبياً كجبل شمسان الأشم.
* وللقيادات الرياضية الفاشلة التي تسلقت مواسير رياضتنا بنفاق أحمق دبر بليل ، لن تهزموا هرمنا الرياضي في محنته ، لن تنجحوا أبداً في إذلاله وتركيعه ، لن يطرق باب رئيس حكومة صرف قبل أيام لمستشاره الإعلامي مليون ريال نظير علاجه من الإنفلونزا .. ولن يستجدي أمام بيت (العيسي) ، أو يطلب معونة من ناديه الذي بخل عليه بالزيارة.
* يحق للقيادي الرياضي المحنك (بدر حمود) أن ينام قرير العين مطمئن البال ، فذلك (البدر) لن يفتقد ، وهو يحيل ليلنا المظلم إلى نهار عشق يغشي الأبصار .. نقبل جبينك الوضاء أيها الفارس النبيل ، نطبع على وجنتيك المتوردتين بحمرة الخجل مليون قبلة وبوسة ، نخلع لك القبعات ، وتنحني قاماتنا الرياضية أمام قامتك أيها المعلم الفاضل والمربي المناضل.
* مثلك هو من يصنع الحدث .. هل تعرف لماذا يا (بدرنا) الذي لا يأفل ؟ .. لأنك بصمتك صفعت (المتقعرين) خلف طاولات النفاق ، وبعفتك الطاهرة سحقت (المتلونين) المتاجرين بمعاناتنا ومعاناتك ، و بإنزوائك العميق هزمت (النفاخين) في كير الشحاتة ، بالضربة الفنية الماحقة ، وأعدت (الفحامين) الذين يأكلون لحوم أصحابهم إلى حجمهم الطبيعي.
* لن ينال منك تجار (الذمم) ، ولن يهزوا من طرفك شعرة واحدة ، ستنال حقك من المولى سبحانه وتعالى يوم لا ينفع مال ولا بنون ، يمكنك أن تشكو ذوي القربى للذي عيونه لا تنام ، وسيمنحك الإبتلاء إن شاء الله جنة عرضها السموات والأرض ، دعك من رحمة البشر ، فهم مشغولون عنك بالكذب على خلق الله ، قل فقط (يا رب) وسينزاح الليل الثقيل الجاثم على صدرك إلى الأبد..!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى