بسبب انتشار وباء الخناق (الدفتيريا) في الآونة الأخيرة تنشر «الأيام» مادة توعوية عنه وباء الخُناق ( الدفتيريا - Diphtheria) الوقاية والعلاج

> إعداد د. صالح الدوبحي استشاري علم الوبائيات

> مضى وقت طويل لم نسمع فيه عن مرض الدفتيريا، حتى كاد معظم الناس لايعرفون ما هو، بمن فيهم الأطباء الشباب الذين لم يسبق لهم رؤيته بفضل التطعيم الذي بدأ في عدن منذ 40 عاما، وبفضل التغطية العالية والتي بلغت 92 % في هذه المحافظة في فبراير 1990م. ويعتبر الوصول إلى 85 % من التغطية بالتحصين ضد الدفتيريا شرطا أساسيا لمنع تفشي هذا الوباء في المجتمع، وهذا ما يعتقد أنه كان ساريا خلال الفترة الماضية أو على الأقل ما تفيد به التقارير الإحصائية لمديريات التحصين في مختلف مديريات البلاد.
د. صالح الدوبحي
د. صالح الدوبحي

غير أن الظهور المفاجئ للدفتيريا في بعض المحافظات، وإن كان حتى الآن بشكل محدود، يثير العديد من التساؤلات حول مستوى المناعة الحقيقية لدى الأطفال بعد التحصين، وعن صحة التقارير السنوية للتحصين في بعض المحافظات.. وهل نحن بصدد تفشي وبائي واسع لواحد من أمراض الطفولة القاتلة؟ أم أن الأمر لا يعدو كونه أكثر من تفشٍ معزول في مناطق منخفضة التغطية.
ومن أجل الوصول إلى إجابة محايدة مستندة إلى أسس علمية صرفة لابد من أخذ القارئ الكريم إلى جولة سريعة للتعرف على أمراض الدفتيريا مع التركيز على النوع التنفسي المعروف باسم (الخُناق) أكثر أنواع الدفتيريا تسببا بالإصابات والوفيات بين البشر، والذي ينتشر حاليا في اليمن.
ما هو الدفتيريا؟
هو مرض معدٍ حاد، يستوطن معظم بلدان العالم، بما فيها المتقدمة، يصيب الإنسان في الجهاز التنفسي، وهناك دفتيريا جلدية، كما يصيب بعض الحيوانات البرية والمواشي وخاصة الأغنام، ويتميز بفرز سموم خارجية تتشكل على صورة أغشية على أماكن الإصابة في الجهاز التنفسي، والتي بدورها تتسرب إلى الدم لتصيب أعضاء عدة من جسم الإنسان مثل عضلات القلب والعينين والمبيضين، وتعمل على تدمير أنسجتها، كما أنها تقوم بإغلاق المجاري الهوائية للجهاز التنفسي، بحيث تؤدي إلى اختناق المريض، ومنه جاءت التسمية (الخُناق).
الميكروب المسبب له
المسبب نوع من البكتيريا يسمى Corynebacterium كورنيباكتيريا، يوجد منه 3 فصائل قادرة على فرز السموم وهي: C. diphtheriae ، و C .ulcerans، وC.pseudotuberculos، ويعتبر النوع C.diphtheriae أكثرها خطورة، وله 4 أنماط حيوية: (mitis - intermedius gravis - belfanti)، ومن المثير في ميكروب الدفتيريا أنه لا يفرز السموم إلا إذا تعرض هو بذاته إلى العدوى من قبل نوع من الفيروسات، بعدها يصبح هذا النمط من الدفتيريا فارزا للسموم. لذلك فإنه من الشائع أن تجد نفس هذه الإنماط من ميكروب الدفتيريا غير سامة بالصدفة لدى أشخاص لا يشكون من أي أعراض مرضية على الإطلاق.
مصدر العدوى
الإنسان هو مصدر العدوى، سواء كان مريضا أو حاملا للميكروب من دون أعراض.
وينتقل المرض عن طريق الرذاذ المتطاير أثناء السعال أو العطاس، ونادراً عبر المواد الملوثة أو الحليب الملوث بالدفتيريا، وفترة حضانة المرض من يومين إلى 6 أيام.
كيف يظهر المرض؟
للدفتيريا عند الإنسان شكلان، وهما التنفسي والجلدي. وحيث إن الوباء الحالي هو الدفتيريا التنفسي المعروف بالخُناق، فإن الحديث سيقتصر على هذا النوع.
ما هي أعراض الخُناق؟
تختلف أعراض الخُناق بحسب موقع الإصابة وشدة السموم التي تفرزها البكتيريا، وهناك 3 مواقع في الجهاز التنفسي تحدث الإصابة فيها بالخُناق، وهي في الفم حول اللوزتين، وهو أكثرها شيوعا، وفي الحنجرة وفي البلعوم وفي الانف الداخلية. وبشكل عام يمكن وصف أعراض الخُناق على النحو الآتي:
1 - التهاب حاد بدرجة حرارة خفيفة.
2 - ظهور غشاء من السموم في موقع الإصابة رمادي اللون غالبا، سميك مقارنة بالأغشية المخاطية، وهو عبارة عن ألياف بروتينية تسمى بالفايبرين وملتصقة ببعضها بصلابة، بحيث إن محاولة نزعها تتسبب بنزيف شديد.
3 - التهاب الحلق شائع مع صعوبة في البلع، والشعور بالضيق.
4 - في الحالات الشديدة التهاب العقد اللمفاوية العنقية مسببة تورما واسع النطاق في منطقة الرقبة مشكلا صورة نمطية تعرف بـ(عنق الثور).
5 - تعتبر الدفتيريا التنفسية من الأمراض القاتلة، حيث إن معدل الوفيات حوالي 5 - 10 %، وعادة بسبب مضاعفات السموم المؤدية إلى الانسداد الميكانيكي لمجرى الهواء والتهاب عضلة القلب المعروفة بـ(Myocarditits).
كيف يتم تشخيص الخُناق؟
بحسب برتوكول الصحة العالمية وتعريف الحالة، فإن تشخيص الخُناق يكون كالآتي:
1 - الحالة المؤكدة: وهي وجود حالة مرضية بسبب التهاب في الجهاز التنفسي العلوي مع غشاء رمادي اللون على اللوزتين أو الأنف والبلعوم أو الحنجرة، وأي مما يأتي:
- نتيجة فحص زراعي موجبة لعزل بكتيريا كورينيباكتريوم دفتيريا من الأنف أو الحلق.
- نتيجة موجبة لتشخيص تشريحي للدفتيريا من الأنسجة المصابة.
2 - الحالة المحتملة: مصاب بأعراض سريرية من دون مخبري، ولكنه متصل وبائيا بحالة مؤكدة مختبريا للدفتيريا.
كيف يتم تشخيص الخناق مخبريا؟
يشخص الخناق مخبريا بالبحث عن ميكروب الدفتيريا أو الأجسام المضادة بواسطة:
- الفحص الزراعي لعينات من الأغشية التي قامت الدفتيريا بتكوينه في المناطق المصابة، وهو الأكثر شيوعا، ويجب القيام به لأكثر من مرة.

- الفحص المصلي السيرولوجي: غير موصى به في التشخيص الروتيني، ولكن للأغراض البحثية، ويعتبر إيجابيا إذا ارتفعت النسبة بـ4 أضعاف المعدل، شريطة أن تأخذ العينة قبل إعطاء المريض الترياق.
كيف تعالج حالات الخناق؟
تتم معالجة الإصابات بالخناق بحسب شدتها على النحو الآتي:
1 - الحالات الشديدة: وخاصة عند الاشتباه بوجود مشاكل تنفسية ومضاعفات السموم على القلب، وهذه لابد من إدخالها فورا إلى غرفة العناية المركزة للحصول على:
- تأمين العلامات الحيوية وخاصة التنفس ونشاط القلب وغيرها.
- يعطى المريض جرعات من ترياق الدفتيريا Diphtheria antitoxin (DAT) وهو عبارة عن طعوم جاهزة للدفتيريا بجرعة تقدر بحسب مكان الإصابة وعمر أو وزن المريض، وأيضا معلومات الشركة المصنعة، وعادة بكمية تتراوح ما بين 20.000 - 40.000 وحدة في حالات الإصابة في الحنجرة أو البلعوم و40.000 - 60.000 وحدة عندما تكون الإصابة في الأنف، أما إذا كانت الإصابة شديدة ومر عليها أكثر من 3 أيام، وظهر على المريض تورم في الرقبة فإن الجرعة تكون بكمية 80.000 - 120.000 وحدة، الحالات (في حال الحاجة إلى فحص دم مصلي تؤخذ العينة قبل إعطاء الترياق).
- البدء في المعالجة بالمضادات الحيوية (بعد أخذ عينة من الفحص الزراعي)، وذلك من أجل القضاء على البكتيريا، وبالتالي تقليل فرز السموم، والمضادات الحيوية الموصى بها هي الاريثرومايتسين erythromycin أو البروكين البنسلين penicillin G حقن بالجرعات الآتية:
1 - للاريثورمايتسين: بأقراص عن طريق الفم أو الحقن عضليا بجرعات حسب العمر (40 ملغم / كغم / يوم)، بحيث لا تزيد على 2 جم في اليوم ولمدة 14 يوما، ويمكن زيادة الجرعة اليومية إلى الضعف للحالات الشديدة.
2 - البنسلين: البروكين البنسلين G في العضل، بجرعة (300.000 U / يوم، لأولئك الذين يزنون 10 كجم أو أقل، و600.000 U / يوم، لأولئك الذين يزنون أكثر من 10 كجم) لمدة 14 يوما، ويمكن إعطاؤهم هذا الدواء بجرعة بحسب العمر وشدة المرض.
كيف يمكن الوقاية من الخُناق؟
- التطعيم هو الحل الأكثر فعالية في وقاية الأطفال ضد الدفتيريا، ثلاث جرعات في العام الأول من العمر، ثم جرعة عند بلوغ عام ونصف، ثم جرعتان في سن المدرسة.
- العناية بتعقيم أو بسترة اللبن أو غليه جيدا قبل استعماله.
الإجراءات المطلوبة في مكافحة وباء الخُناق
- الإبلاغ الفوري عند اكتشاف الحالة.
- عزل المريض وحامل الميكروب ولا يفرج عنه إلا بعد ظهور مسحتين متتاليتين سلبيتين مأخوذتين من مكان الإصابة.
- يتم تطهير غرفة المريض والأدوات المستخدمة.
- يتم مراقبة المخالطين لمدة 7 أيام.
- تحصين المخالطين على النحو الآتي:
1 - إذا كان المخالط المباشر (يعيش مع المريض) هو طفل وعمره أقل من عام، وقد استكمل التطعيم والجرعة المنشطة فيعطى جرعة من اللقاح الثلاثي (الخُناق والسعال الديكي والكزاز DPT).
2 - إذا كان المخالط المباشر أقل من عام وغير مستكمل التطعيم أو الجرعة المنشطة يتم إعطاؤه 4000 وحدة مصل (ترياق) ضد الدفتيريا، وبدء استكمال التطعيم أو الجرعة المنشطة في نفس اليوم.
3 - إذا كان المخالط غير مباشر (مثل أطفال الجيران أو من الأقارب الذين يزورن المريض أو في الحضانة أو زملاء المدرسة)، ولكنه مستكمل التطعيم يتم إعطاء المخالط جرعة من اللقاح الثلاثي.
4 - إذا كان المخالط أكثر من 12 عاما غير مستكمل التطعيم يتم تكملة التطعيم له، واذا كان مستكملا يعطى اللقاح الثنائي (الدفتيريا مع الكزاز) ومراقبته لمدة اسبوعين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى