تاريخ التعليم في عدن 1839م - 1967م.. رأى البريطانيون أن عدن بحاجة لكلية أو معهد لأبناء السلاطين والمشايخ فاشترط (جاكوب) أن يحتل القرآن مكانا بارزا فيها (3 - 5)

> علي راوح

> في الباب الرابع من كتابه (تاريخ التعليم في عدن 1839 - 1967) يتناول الدكتور علي صلاح محمد الارضي في الفصل الاول: الاصلاح التربوي / (اتنبرو) والاصلاح التربوي.
وفي الفصل الثاني: تعليم أبناء المحميات داخل المستعمرة - عدن، مدرسة أبناء الرؤساء/ مشروع كلية (جورج لويد) كلية عدن، دار المعلمين لأبناء المحميات الغربية.
*نقل تدريجي لوضع عدن
يقول المؤلف: في ضوء الاحوال المضطربة، وبداية تقسيم العام إلى محورين بدأت بريطانيا بنقل تدريجي لوضع عدن من تبعيتها لحكومة الهند البريطانية إلى مستعمرة تاج تخضع لوزارة المستعمرات وفق المرسوم الملكي رقم (1) لعام 1937م بعد ان مهدت لذلك، فبدأت مرحلة الاصلاح التربوي الأول التي تبنتها بريطانيا للتعليم تمهيداً لتسلمها السلطة الكاملة في عدن، بإيفاد بعثة (لوري) عام 1924م، ويبدو أن المهمة لم تكن للتحري، وإنما كانت اكبر من ذلك وتتعلق بدرجة أساسية بالسياسة العامة وبمرحلة الانتقال بعدن إلى مفوضية بعيدة عن ولاية بومباي، وأهم ما تميزت به توصيات البعثة هو نقلها الإشرافي على التربية من أيدي الضباط العسكريين إلى تربويين متخصصين استقدموا لتأسيس نظام تعليمي مقبول.
ولعل أبرز تلك الشخصيات (عطا حسين) و(الفاروقي) و(محمد نواز) كما سبق، وفي هذه الفترة كان الاهتمام واضحاً بالتعليم التجاري، وفتح الباب أمام التعليم الخاص، ففتح ياسين راجمنار مدرسة تجارية عام 1927م كما تم قبل ذلك في 1926م، استقدام مدرس للعلوم التجارية للمدرسة الثانوية، والمرحلة الثانية للإصلاح التربوي تأتي مع التحولات السياسية الثانية لانتقال عدن من تبعية جزئية لحكومة الهند إلى مستعمرة تتبع التاج البريطاني (Crown Colony) ورجل الاصلاح الثاني المنتدب هو (بي. جي. اتنبرو) وكانت له العديد من المقترحات لتطوير وضع التربية بشكل عام، وقدم مذكرة للإصلاح التربوي واهم ما فيها محدودية المدارس الحكومية الابتدائية وتدني مستوى المعلمين فيها، وطالب (اتنبرو) باتخاذ خطوات اساسية تتضمن إضافة كبيرة للإنفاق الحكومي على التعليم، وخاصة للمدارس الابتدائية الحكومية، كما اقترح دمج الصف الابتدائي الأول المعروف بصف الطفولة بالمرحلة الابتدائية، وتحديد عمر القبول بـ(8) سنوات للصف الأول مع مراعاة القادمين من مناطق لا تتوفر فيها تسهيلات تعليمية، وادخال التربية الاسلامية ضمن الجدول الدراسي كجزء من الدورة الدراسية، (ابتدأ فعلياً عام 1938م) استخدام اللغة العربية لغة للتعليم قدر المستطاع، الإعفاء من الرسوم المدرسية بالنسبة لمدارس البنات، التعاقد مع مدرسات عربيات للبنات، توسيع صفوف المدرسة الحكومية الابتدائية، بعد أن تم إلحاق صفوف الثانوية الدنيا بصفوف الثانوية العليا في (الرزميت) الخليج الأمامي، إنشاء مدرسة للبنين في الشيخ عثمان، ومدرسة قروية في عدن الصغرى، ومدرسة للبنين في التواهي، على أن تتحول المدرسة القديمة إلى مدرسة للبنات، وإنشاء مدرستين للبنات في عدن وأخرى في المعلا.. المدارس الحكومية الابتدائية التي تقع تحت شراف الحكومة المباشر عام 1938م هي أربع مدارس.
*المدارس الثانوية
انتقد السيد (اتنبرو) التعليم الثانوي الحكومي في عدن وشكك في جدوى ونتائج الاسس التي قام عليها.. حيث ان طلبته يتركونه وهم غير ملمين تماماً لا بلغتهم العربية ولا باللغة الانجليزية، ولا للإعداد للدراسات العليا في الخارج، كما ان الصف التجاري الملحق بالمدرسة الثانوية متهم بمخرجات خالية من أي قيمة، واقترح (اتنبروا) رفع مقررات الثانوية العليا إلى مستوى امتحان شهادة (كمبردج) التي تهيئ للقبول في الجامعات الخارجية، والإبقاء على القسم الادنى كما هو (الجونير كمبردج)، مع زيادة عدد المدرسين بالنسبة لصف الشهادة المدرسية المقترح، وتعزيز مستوى المدرسين العاملين في صفوف الثانوية العليا على ان يكونوا ملمين باللغة العربية وإمكانية التدريس باللغة الانجليزية، وأن يحملوا شهادة جامعية ويكونوا مؤهلين تربويًا، وبناء وتجهيز مختبر لتدريس مادتي الكيمياء والفيزياء على ان يبدأ التدريس من يناير 1939م.
استمرار القسم التجاري الملحق بالمدرسة الثانوية كجزء من التعليم المدرسي النهاري، مع تحديد عدد الطلاب للتعليم الثانوي من (40 - 50) طالباً كحد اقصى ويحدد القبول في القسم الثانوي الاعلى بحوالي (25) طالباً كحد اقصى، والاسراع في صرف المستحقات المالية المقترحة للمدارس الحكومية ومنها الثانوية.
*المدارس الأهلية
اقترح السيد (اتنبرو) في هذا الشأن استمرار تقديم الهبات المالية حسب عدد الطلاب، تمديد سنوات الدراسة الابتدائية إلى (5) سنوات مع مقدمة اللغة الانجليزية كلغة اجنبية تبدأ من المستوى الرابع، وتشكيل لجنة استشارية تربوية محلية كما اقترح تقديم أي صرفيات للمدارس الحكومية الابتدائية.
*المعلمون
ركز (اتنبرو) في تقريره على المعلمين اكثر من تركيزه على اي موضوع اخر، وكذلك فعلت اللجنة الفرعية المنبثقة من وزارة المستعمرات التي ناقشت التقرير واقرته في 24 نوفمبر 1938م وتتلخص مقترحات (اتنبرو) في تحسين أحوال المعلمين وإعدادهم وتوفيرهم لمدارس عدن، وجلب المدرسين من البلدان العربية، وإرسال مدرسي الثانوية إلى الخارج للتدريب الجامعي مع إقامة دورات تدريبية لمدرسي الابتدائية، وانتداب أو التعاقد مع (4) مدرسين من مصر أو فلسطين والتعاقد مع مدرسات للمدارس الحكومية للبنات، والتعاقد مع مدرستين عربيتين من مصر أو سوريا مدربات في تدريب رياض الاطفال ووضع هيكل جديد لرواتب المعلمين والمعلمات، وبعد الموافقة على التقرير تم لفت عناية (اتنبرو) والحاكم العام لعدن لتحاشي الانتماءات السياسية للمعلمين الجدد واعتماد المنح للطلاب الذين سيتدربون في السودان كمدرسين وإمكانية تعيين مدرسة عربية إضافية لمدارس البنات، كما تضمن التقرير إصلاح وتنظيم مكتب التربية، كما ركز على مسألة المنح الخارجية على اتجاهين: الأول تعزيز الهيئة التدريسية عن طريق إرسال الطلاب من المدرسة الثانوية الحكومية في بعثات إلى الخارج.. وثانياً: تشجيع الادارات الحكومية الفنية والمهنية على ارسال ابناء عدن المبرزين إلى الخارج ليتمكنوا من ملء وظائف المناصب العليا والدنيا.
*السلم التعليمي
لقد تناول العديد من علماء التربية المقارنة موضوع التربية وأكدوا ان النظام التعليمي يعنى بدرجة اساسية بنقل الحضارة من جيل إلى جيل، ويؤكد (مالينسن) “أن مهمة التربية هي الاستمرارية الحضارية، وأن كل شعب يتطلع إلى الحفاظ على هذا الأصل، ليتجه المجتمع بأكمله، وان ما يسهم به كل جيل من جهد مشترك في سبيل تحقيق الغاية المشتركة يتراكم، ويصبح تقاليد ثابتة وراسخة، وهذا التراكم من العادات والتقاليد هو الذي يميز مجتمعاً دون اخر، ويكون في مجموعه (الهوية الوطنية)”. (انتهى كلام مالينسن)،
ومنذ افتتاح اول مدرسة نظامية عام 1856م، كان نظام التعليم يتبع نظام الهند، وهذا بحد ذاتة عكس افتقار النظام إلى تفاعل الجتمع العدني معه، والملاحظ ان المراحل التعليمية في مهب الريح، فالروضة مدتها سنة واحدة وتتراوح المرحلة الابتدائية بين (4 - 5) سنوات اما الثانوي فمدة الدراسة فيها بين (5 - 6) سنوات، وتسير على هذ النمط المدارس الحكومية ومدارس الارساليات، ومدارس الجاليات، إلا اننا نجد الاستاذ (الباهارون) عندما يتحدث عن السلم التعليمي عند تبعية عدن للهند يقول بأن المرحلة الابتدائية مدتها (4 سنوات) والثانوية من (4 - 5) سنوات. اما عن المنهج الدراسي فهو المنهج الهندي، وغالبية المدرسين هنود، كما تناول المؤلف مسألة المنهج في الاربعينيات والخمسينيات وقضية تأهيل المعلمين، والتأهيل الداخلي والخارجي والتوسع التعليمي.
*مدارس أبناء الرؤساء
يتطرق المؤلف إلى قضية تعليم أبناء المحميات داخل مستعمرة عدن، مشيراً إلى انه منذ احتلال عدن سعت بريطانيا لكسب القبائل المحيطة بعدن، وعقدت معهم المعاهدات مستخدمة وسائل الترغيب والترهيب، وقد رأى البريطانيون ان عدن في أمس الحاجة إلى كلية أو معهد من أجل تعليم أبناء السلاطين والمشايخ، ويشرح (جاكوب) الضابط السياسي البريطاني، الفكرة والغرض من إنشاء هذه المدرسة بقوله: “إن الأطفال العرب ينمون ويكبرون وهم في جهل مطبق بكل شيء ما عدا القتال القبلي والعراك العشائري”.
وقد وضع (جاكوب) شروطاً للكلية من حيث طاقمها المشرف وان يكون إختيار الطلاب بواسطة المندوب السامي، اما عن المنهج الدراسي فيجب ان يحتل القرآن مكاناً بارزاً فيه، وان يشمل المقرر التعليمي الحساب والرياضيات واللغة الانجليزية وغيرها.
وتم اختيار موقع على سلسلة الجبال المعروفة بـ(البرزخ الصغير) بجبل حديد وتقرر فتح المدرسة في ابريل 1935م.
*مشروع كلية عدن
في ابريل 1940م ارسلت مذكرة من قبل نادي الاصلاح العربي الاسلامي الى الحاكم البريطاني، وكان ضمن المطالب إنشاء كلية عليا في عدن .. وفي أغسطس 1940م رد الحاكم البريطاني على المذكرة موضحاً أن مشروع إقامة مدرسة داخلية في عدن، يهدف في المرحلة الأولى لخدمة المحميات السفلى والعليا لجنوب الجزيرة العربية، وسيهدف هذا المشروع في النهاية لإعطاء دروس لما بعد الثانوية، وقد تركزت فكرة (كلية جورج لويد) على اساس ان تفتح لطلبة المحميات في منطقة بين دار سعد والشيخ عثمان وهي منطقة وسطية تجمع بين الريف والمدينة، وفي عام 1952م تم افتتاح الكلية تحت اسم (كلية عدن) حالياً ثانوية عدن وتعتبر اول درسة ثانوية أكاديمية.
*ثانوية الاتحاد
في اكتوبر 1962م افتتحت السلطات البريطانية ثانوية للبنين سميت بثانوية الاتحاد في مدينة الشعب حالياً بدأت بقبول (35) طالباً كما تم في نفس العام افتتاح مركز لتأهيل المعلمين في مدينة الاتحاد، وفي عام 1956م، تم افتتاح ثانوية الحوطة في عاصمة لحج العبدلية وفي عام 1966م تم افتتاح ثانوية زنجبار للبنين التابعة لولاية الفضلي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى