عبدالله هادي سبيت.. همة اللحجي بلا حدود

> د. هشام محسن السقاف

>
د. هشام السقاف
د. هشام السقاف
هكذا أستطيع القول: همة اللحجي بلا حدود من حوطة مزاحم بلجفار إلى حي القصبة بالجزائر البطلة، والسيد المعني بالقول الاسم الأكثر لمعانا في دنيا الغناء اللحجي، شيخ الثوار وصوفي المتبتلين في محراب الغرام عبدالله هادي سبيت حمق الذي فارق دنيانا الفانية في 22 أبريل 2007.
غنى للجزائر:
يا شاكي السلاح شوف الفجر لاح
حط يدك على المدفع
زمان الذل راح
** **
هذا الغير سيد واحنا له عبيد
يا من مات والله إنه من القهر استراح
** **
هذا الماء سال هذا الغصن مال
عاد الزهر يتبسم على ضوء الصباح
** **
أرضي والنبي ويل الأجنبي
ديني ومذهبي يأمرني أن أحمل السلاح
** **
وبعد ثلاثة عقود من أداء سبيت للأغنية الثورية غناها في تعز في حضور ضيف جزائري رفيع هو عبدالعزيز بوتفليقة الذي ذرف الدموع عند سماعها.
إنه لأمر عجاب أن تتزامن ثورية سبيت الجامحة وكوكبة من مجاليه من الشعراء والموسيقيين مع العواطف المشبوبة، وهل للحجي أن ينسل خارجا من جلدته العاطفية؟ محال، فحين غنى سبيت (يا شاكي السلاح) بمصاحبة فرقة (الجنوب الموسيقية) التي أنشئت أساسا لدعم ثورة الجزائر كان الطفل المعجزة محمد صالح حمدون يترنم بألحان سبيت للأغنية الأكثر شهرة في دنيا الطرب (سألت العين) بأبياتها السهلة الممتنعة لتغدو لا أغنية لحجية بالأثر الموسيقي بقدر ما تفيض من الحوض الثقافي اللحجي لتصل إلى جوقة الاوكسترا السلطانية في عمان على الخليج العربي وإلى الاوكسترا الملكية المغربية على المحيط الأطلسي.
أما ما بين المدينتين (ولا أقصد مدينتي ديكنز لندن - وباريس) بل أقصد عدن - الحوطة فرضاعة من ثدي واحد، من حيث التزامن الجامع بين دورة الغناء الثانية في لحج بمقومات ومتغيرات ما بعد الحرب العالمية الثانية ومنها الانتعاش الزراعي بمحصول القطن وعوامل أخرى، وبين ظهور الأغنية العدنية الجديدة على نغمات المبدعين العظام وعلى رأسهم المؤسس خليل محمد خليل كانعكاس للتطور الاقتصادي والتجاري والاجتماعي في عدن.
ومن هذه التؤامة يتسرب الغناء من هنا إلى هناك في انجذاب متكامل، ليصبح ثاني لحن لفنان كبير مثل المرشدي هو ( البدرية) للقمندان، وصياغة ثنائية مبدعة بينه وبين سبيت أنتجت: سألتيني عن هوايا، ليه يا بوي، يا ذي عشت في نارين، هنا ردفان، يا حبايب، حبيبي جاني عتابك، هندي الأجفان .. إلخ.
أما الاستهواء والأداء لأغنية لحجية فسنراه واضحا في غير أغنية ومنها أغنية (القطن) التي تقول بعض كلماتها:
بانجناه من غصنه * واها بوي من حسنه * يشفي القلب من حزنه
يا محلاه في المحلج * كم له من مليح ابلج * يرمي به و يدحرج
والخدين تتضرج * والنهدين تترجرج * والملهوف يتحرجج
وسط البودرة تلقاه * والخدين تتلقاه* محلاهم و يا محلاه
محلاه في الخدود البيض* بس القلب ما بيريض * يشتي دائما تمريض
وحتى في أغوار العاطفة و الفرح لا يستطيع سبيت الثائر إلا أن يندد بالسياسة البريطانية التي قد تتخفى وراء شجيرات الذهب الأبيض، يقول سبيت:
قالوا لنا غيركم جابه يبا يحتل *
جابه مثيل الشلل * يقضي على كل مفصل
والله والله رب العرش ما نحتل *
لا ذا و لا ذا حصل * الا اذا الكل يقتل
ثم ألا يجوز لنا أن نتسآءل وقد مرت الأعوام على وفاة سبيت الذي أوقد في جيل بأكمله نيران الحرية والعاطفة على السواء أن نعيد له الاعتبار في مدينته الحوطة أولا التي خرج منها - ذات يوم- خائفا يترقب، ثم على مستوى الوطن ككل جنوبا و شمالا و حتي على مستوى الوطن العربي.
ولعل هذه الندوة التي تعقد في رحاب كلية التربية (صبر) اليوم طريقنا إلى وضع برنامج حقيقي لا دعائي لتكريم مبدعينا وعلى رأسهم عبدالله هادي سبيت، رحمه الله تعالى.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى