بدراسة حديثة أظهرت مشكلات الوحدة الاندماجية والاتجاهات العامة لحلها.. تفاقم المشكلة الاقتصادية عائد إلى نمط الآلية السياسية التي أديرت بها المرحلة

> رصد/ رعد الريمي

> قال الأكاديمي الجنوبي د. سعودي علي عبيد، في دراسة حديثة أعدها حول الاتجاهات العامة لحل المشكلات الاقتصادية لدولة الجنوب عقب أن تآمرت دولة اليمن الشمالي ونكصت العهد بما اتفق عليه إبان الوحدة الاندماجية فيما يخص بالأخذ بالجنوب الإيجابية في تجربتي الدولتين في الفترة ما قبل الوحدة.
وأشار إلى أن «ما بعد الوحدة من أحدث كانت مغايرة لواقع ما بعدها تماماً، حيث خسر مواطنو الجنوب كل ما حصلوا عليها من مكاسب خلال الفترة الزمنية منذ الاستقلال الوطني في الثلاثين من نوفمبر 1967م وحتى 21 مايو 1990م».
واستعرض د. سعودي في دراسته محورين: المشكلات الاقتصادية، وتصورات حل المشكلات الاقتصادية.
وقال سعودي: «إنه من الأهمية بمكان التأكيد بأن مرحلة بناء دولة الجنوب الثالثة المستعادة ستكون صعبة ومعقدة، نظرا لكون البناء يتم من الصفر، بالإضافة إلى ما تعرض له الجنوب من تدمير لثروته وموارده المادية البشرية».
وأضاف أن «المتتبع لإفرازات ما بعد الحرب من مشكلات اقتصادية والتي تركزت في تفاقم المشكلات الاقتصادية السابقة لدولة الجنوب كمشكلة ارتفاع الأسعار والاستحواذ على مصادر الثروة النفطية وكذا الاستحواذ على الجزء الأكبر من الدخل القومي التي جعلت الجنوبيين يتململون من وضعهم وشعورهم بأن نصيبهم من الدخل القومي عند إعادة توزيعه لم يكن بقدر إسهامهم في إنتاج هذا الدخل، بالإضافة إلى اقتسام القمة الفوقية الحاكمة من قبل نظام صنعاء حيث شكل الاستحواذ الأغلب على هذا الاقتسام».
*كوارث الوحدة الاندماجية
وأشار سعودي إلى أن «هذه المشكلات وكوارثها ونتائجها الظالمة لم تكن بمنأى عن التجليات الاقتصادية كالذي حل بالمؤسسات الاقتصادية تحت دواعي الخصخصة وتصفية المؤسسات الزراعية، والذي نتج عن ذلك خلق وضع اجتماعي صعب بالنسبة لعمال المصانع أولا، والفلاحين المنتفعين من أراضي الإصلاح الزراعي ثانيا».
وقال سعودي «بالإضافة إلى تعطيل الجيش باستخدام قانون التقاعد الذي نتج عنه التسريح القسري للجنوبيين من المؤسسات المدنية والعسكرية والمدنية واستخدام قانون الخدمة المدنية الذي حرم طالبي العمل الجنوبي (خريجي الجامعات والثانويات) من الالتحاق بالوظيفة العامة الحكومية واستبدالهم بأفراد من مناطق الجمهورية العربية اليمنية».
*معالجات عامة
فيما تناولت الدراسة بمحورها الثاني تصورات حل المشكلات الاقتصادية والذي اشترط أن تكون على شقين: الأول معالجة ما خلفته فترة الوحدة الاندماجية من آثار ونتائج، أما القسم الثاني من خلال البحث عن نموذج بديل وتطبيقه على الواقع مع الأخذ بالمحاذير، وأهمها ألا يكون تكرارا لنموذج التنمية الذي كان سائداً في الجنوب قبل الوحدة الاندماجية في مايو 1990م، وأن يكون نافيا للنموذج الذي ساد في مرحلة الوحدة الاندماجية، وأن يكون نموذج التنمية البديل مختلفا عن نماذج التنمية التي جرى تجريبها وتطبيقها، أكان في الجنوب، أو في مناطق اخرى من مناطق البلدان النامية.
واستعرض سعودي ما طال الجنوب خلال فترة الوحدة الاندماجية من حملة تدمير وحشية شملت مختلف القطاعات الاقتصادية والمجالات الحيوية الاخرى والتي أفضت إلى قهر الإنسان الجنوبي.
وقال: «إن المهمة التي تقف امام عودة وبناء دولة الجنوب الثالثة في تصويب الاخطاء الفادحة التي تعرضت لها البنية التحتية للجنوب كمهمة عاجلة وخاصة للجوانب الصناعية والتي كانت تمثل القاعدة الأساسية لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية».
وأعاد سعودي إلى أن «إحياء الصناعة المحلية يكمن من خلال الاستفادة من الثروات المكتشفة مع الاعتماد على الرأس المال المحلي والاجنبي وتقديم مجموعة من حوافز اقتصادية، والضريبة الجاذبة للاستثمار مع بناء بنية تحتية متكاملة من طرقات وكهرباء ومياه واتصالات واستنهاج سياسية الترويج الحديثة الواسعة الشفافية فيما يخص الاستكشافات النفطية والمدنية».
وفيما يخص القطاع الزراعي فقد فضل د.سعودي أن تقوم دولة الجنوب بدعم استثمار القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، وذلك عبر تقديم الأراضي للمستثمرين بأسعار رمزية معززة دولة الجنوب ذلك بدراسات جدوى اقتصادية تقوم على تسهيل منح القروض الانتمائية للمستثمرين.
وأشار د. سعودي إلى أن «المعالجات للقطاع السمكي في اعادة ما تم تدميره من البنية التحتية من مرافق كالموانئ والاصطياد ومشاريع الاسماك الخاصة وتطوير عمليات الخزن والنقل للجمعيات السمكية واحياء وتطوير مركز أبحاث علوم البحار، وكذا مصانع الاسماك مع توجيه الاستثمار الكبيرة باتجاه التركز على اصطياد الاسماك والاحياء البحرية لأغراض التصنيع والتصدير».

وتابع سعودي سرد المعالجات وقال: «اما فيما يخص القطاعات الخدمية والتي لعبت دورا حيويا في المجالات التنموية والاقتصادية والاجتماعية، والذي يتعاظم هذا الدور بفعل الثورة التكنلوجيا للمعلومات وتوسع فضاء الانترنت وارتفاع نسبة مساهمتها في الانتاج المحلي بشكل مطرد»، حاثا الدولة على «استقطاب الأموال - فيما يخص البنوك والمصارف - وجمعها من المودعين والمساهمين واستثمارها بشكل مباشر وتقديمها على شكل قروض للفروع الاقتصادية والعمل على إنشاء البنوك الاستثمارية بدرجة رئيسية ودعم قطاعات الصناعية الصغيرة والمتوسطة مع انشاء سوق للأوراق المالية وفتح البورصة وتداول الاسم والسندات».
واستعرض سعودي الوضع الذي أصبح عليه العالم اليوم من ترابط، وخاصة في مجال الخدمات التي اظهرت التكتلات الاقتصادية كمنظمة التجارة العالمية المتوجب على الدولة الاسهام في تعزيز وتطوير التجارة الخارجية، أكان على شكل تجارة بينية (اتفاقات ثنائية) او على شكل تجارة متعددة الاطراف مع الاهتمام بالتجارة الإلكترونية.
*البنية التحتية
وأولى سعودي صعيد البنية التحتية اهتماماً خاصاً بسبب ما اعتراه من تدمير ممنهج فيقول: «يعتبر توافر البنية التحتية، مقدمة ضرورية لقيام نهضة اقتصادية واجتماعية شاملة للبلاد، ولأهميتها ستقوم الدولة بتوجيه استثمارات كبيرة، لتوسعة وإنشاء طرق جديدة متقدمة المسارات، ولبناء الجسور والموانئ والمطارات الحديثة، وبناء محطات للطاقة الكهربائية، تلبي الحاجة المتزايدة للطاقة من عام إلى آخر، وبناء وتوسيع شبكة الاتصالات السلكية واللاسلكية، وستوفر الدولة المياه الكافية للاستهلاك المدني والصناعي، وستعمل على ربط البلاد بشبكة الانترنت العالمية، واختيار افضل الشركات المشغلة لهذه الخدمة، لتسريع انتقال المعلومات، والتنقل داخل الشبكة العنكبوتية بدون كوابح».

*القطاع السياحي
ولم تغفل دراسة الاكاديمي سعودي مصدر السياحة نظير ما تتمتع به دولة الجنوب من معالم سياحية، لذا قال: «من المعلوم بأن الجنوب يتمتع بتنوع المعالم السياحية المتميزة والجذابة، وذلك كما هو حاصل في جزيرة سقطرى، او كما هي في القلاع والمعالم التاريخية، او الشواطئ الجميلة، وباعتبار السياحة من القطاعات الاقتصادية المتجددة، والجاذبة للعملة الصعبة».. ناصحاً الدولة بأن «تولي هذا القطاع اهتماما كبيرا في المستقبل، بدءاً من الترويج للمعالم الأثرية والتاريخية والجمالية، بكل وسائل الاعلام، وتسهيل دخول السياح بدون تأشيرات مسبقة، كما ستعمل على الاهتمام بتطوير البنية التحتية في هذا القطاع، مثل تطوير الحمامات الطبيعية الساخنة في لحج وحضرموت، والعمل على بناء خطوط اسلاك عربات النقل (التلغريك) في المرتفعات، وغيرها من مجالات السياحة المستقبلية»، مختتما دراسته بالإشارة إلى أمثلة من هذه السياسات كسياسة تنمية قوى الإنتاج، وتحسين القدرة التنافسية للاقتصاد، وسياسات توزيع الدخل، وحماية مستوى معيشة الفقراء وأصحاب الدخل المنخفض.
رصد/ رعد الريمي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى