منطقة الشقب بتعز.. جرائم حوثية متصاعدة وتجاهل حكومي مخز

> تقرير/ صلاح الجندي

>  تُعد منطقة الشقب إحدى قرى مديرية صبر بمحافظة تعز وأكثرها اكتظاظا بالسكان.
تعرضت قبل ثلاث سنوات لحرب شرسة شنتها مليشيات الحوثي وصالح، ومازالت بعض قراها حتى اليوم تكتوي بنيرانها.
تقع الشقب في الجهة الجنوبية على سفح جبل صبر، ويقطنها أكثر من عشرة آلاف نسمة، بعدد 1382 أسرة، تعتمد معظمها على الزراعة الصيفية كمصدر دخلهم رئيسي.
ولموقعها الاستراتيجي تستميت المليشيا لاقتحامها والتمركز فيها، خصوصا عقب سيطرة المقاومة على موقع العروس الاستراتيجي، فضلاً عن كونها تُعد حارس البوابة الجنوبية للموقع وللمحافظة معا.
ومنذ اندلاع الحرب هبّ أبناؤها للدفاع عنها وعن تعز بجهودهم الذاتية وإمكاناتهم المتواضعة.
وعلى الرغم من ضعف تسليح لديهم وفارق العتاد مقارنة بالمليشيات إلا أنهم حققوا الكثير من الانتصارات، ومنعوا الحوثيين من التقدم نحو تعز.
منطقة منكوبة
وجراء استمرار الحرب التي دخلت عامها الرابع باتت قرى هذه المنطقة تُعاني من نكبة إنسانية واقتصادية وصحية وتعليمية، كما تقاسي من الاقصاء والتهميش والحرمان من أبسط الحقوق من قِبل السلطة والمنظمات الإغاثية والمعنية الأخرى بحسب شكاوى المواطنين فيها والذين يحترف اغلبهم العمل اليدوي بالأجر اليومي.
ووصلت حالة المواطنين فيها في الوقت الحالي نتيجة الفقر المدقع والبطالة إلى درجة المجاعة.
ووفقًا لإفادة المواطنين «الأيام»، فإن القيادة المحلية للمنطقة والقيادات العسكرية والمنظمات ذات العلاقة لم تزرهم إلا فيما ندر، متذرعة في ذلك بوعورة الطريق وبعد المسافة، وهو ما حرم أبناء المنطقة من أي مواد اغاثية وغيرها.
وبحسب المواطنين، فقد «وصل عدد السلال الغذائية المقدمة لهم منذ بدء الحرب 610 سلل غذائية فقط مقدمة من مركز الملك سلمان للإغاثة في 2016م وبعض المساعدات من فاعلي الخير».
جرائم متنوعة
وتحصلت «الأيام» على معلومات مفصلة من خلال الرصد الذي أعده بعض من أهالي المنطقة حول حجم الجرائم والانتهاكات والمعاناة التي تعرضوا لها جراء حرب المليشيات الانقلابية وقذائفها العشوائية.
وبحسب رصد الأهالي للانتهاكات التي تعرضوا  لها منذ العام 2015 وحتى منتصف نوفمبر 2017م، فقد وصلت تجاوزاتها إلى (1424) حالة انتهاك وتضرر بشري ومادي تعرض لها السكان المدنيون والممتلكات العامة والخاصة جراء الحرب والاعتداء والحصار الذي تفرضه المليشيات على المنطقة منذ 9 ديسمبر 2015م.
القتل خارج القانون
فيما بلغت حالات القتل التي تعرض لها المدنيون (41) حالة قتل خارج إطار القانون بينها (5) أطفال و(5) نساء و(31) رجلا جميعهم من المدنيين العزل.
 فيما حصدت ضربات طيران التحالف العربي (الخاطئة) حسب إفادة المواطنين أرواح (6) من الرجال، اثنين منهم من قرى الشقب وأربعة من قرى أخرى.
قتل وإعاقة
ولم تنحصر جرائم الحوثيين بالقتل فقط بل خلفت العديد من الإصابات تنوعت بحسب مكان الاصابة، بلغت (153) حالة إصابة تعرض لها السكان المدنيين، عشرة منهم عام  2015م، و65 في عام  2016م، و61 من 1 يناير حتى سبتمبر 2017م، و20 إصابة بين أكتوبر ونوفمبر 2017م».
كما تسببت جرائم المليشيات (28) طفلاً، اثنين بإعاقة دائمة و(30) امرأة ثلاث منهن مصابات بإعاقة دائمة، إلى جانب أربعة رجال».
 ضحايا الألغام
وزرع الانقلابيون مئات الألغام في المناطق التي هُزِموا فيها من قبل المقاومة، وذلك أمام المنازل، وفي الطرقات (المخالف) و(الشعاب) والتي خلفت مآسي كثيرة وقصصا إنسانية.
وبلغ عدد ضحايا الألغام (5) مواطنين، توفي أحدهم، وأصيب أربعة آخرون بحالة بتر، بينهم امرأتان، وهما: دليلة عبده أحمد محمد مقبل، وعفاف محمد أحمد محمد مقبل.
وقُتل جراء الألغام في القرى المجاورة لمنطقة الشقب (7) مواطنين، فيما تعرض ثمانية آخرون لإعاقات دائمة».
اختطافات للمدنيين
وعمدت المليشيات الانقلابية إلى تكميم افواه المواطنين في مناطق سيطرتها، بالتزامن مع شنها لحملات اعتقالات واسعة عليهم، لاسيما في القرى التي كانت تقع تحت سيطرتها.
ووصل عدد حالات الاختطافات فيها إلى (29) حالة، بينهم شخصان على خلفية انتماء سياسي، و(6) تربويين، و(18) عاملا، و(3) مزارعين، تحت ذرائع مختلفة أبرزها التخابر مع قوات التحالف وتأييد الشرعية.
وهي تهم اعتادت المليشيات إلصاقها بكل من يخالفونهم الرأي والفكر أو بهدف الابتزاز المالي.
اعتداء وتهجير قسري
عمدت المليشيات الانقلابية إلى تعذيب المواطنين جسديًا وترهيبهم بوسائل عديدة.
بلغت حالات التعذيب فيها (4) حالات داخل السجون، وصلت إلى فقدان الوعي لاثنين مصحوبًا بحالة نفسية جراء التعذيب واستخدام النار واحراق الوجه والجسد واطلاق الرصاص لترويعهم، وهما (أ.ش.ا.م) و(ف.ع.أ).
فيما أصيب المواطن (هـ .س.ق.د ) البالغ من العمر 60 عاما، بالشلل وفقدان الكلام حتى اليوم نتيجة الاختطاف والتهديد واطلاق الرصاص.
 وبلغت حالات التهجير القسري (94) أسرة من بينهن (40) أسرة تم تهجيرها قسريا عام 2015م، وعدد (9) أسر عام 2016م، و(36) أسرة في النصف الأول لعام 2017م، من قرى: شهر، نجد المرقب،  الاوعيدان، و (9) أسر بين شهري أغسطس وسبتمبر 2017 م، وشمل التهجير القسري قرى: ذراع الغبار، والامري.
حالات النزوح وأضرار مادية
تسببت الحرب بنزوح 405 أسر إلى المناطق المجاورة، فيما بلغت الأسر النازحة داخلياً من خط النار (195) أسرة، وهو ما يجعل (987) أسرة بحاجة ماسة للغذاء والحاجيات الضرورية والصحية وغيرها.
ووفقاً لرصد الأهالي فإن الأضرار والخسائر المادية للمنازل والممتلكات تمثلت بالآتي: نهب وتمركز لـ(62) منزلًا، وتدمير(16) منزلا بشكل كلي، تفجير منزل بالكامل بعبوات ناسفة، وهو تابع للمواطن صادق علي محمد أحمد والذي يُعاني من مرض مُزمن، وتضرر (239) منزلا بشكل جزئي، وتضرر (16) خزان مياه وأكثر من 302 مزرعة اأتلفت.
فضلاً عن تدمير ونهب الممتلكات العامة والخاصة والتسبب بإتلاف شبكة الكهرباء والاعمدة والعدادات، وتدمير مسجدين اثنين ومدرسة إلى جانب احتلال والتمركز في أودية: ذراع الغبار، والصالحين، والمضابع، والمشهوذ، ومحاصرة أودية: الشرقي، والمداحية، والحصن والذين يُعدون المصدر الأساسي لرزق غالبية الأسر بالمنطقة، بالإضافة إلى قطع وحصار الطريق الرئيس (الشقب ـ خدير) ومنع دخول المواد الغذائية والطبية وغيرها للمنطقة، إلى جانب قتل الثروة الحيوانية بالقنص المباشر للأبقار والمواشي.
حصار وقصف عشوائي
وتعرضت المنطقة لسقوط (460) صاروخ كاتيوشا، و (2292) قذيفة هاون حتى منتصف نوفمبر 2017م، أطلقتها بشكل عشوائي مليشيا الحوثي من أماكن تمركزها في المدخل الشرقي للمنطقة في نقيل الحده والمدهون وحبور، وكذا من دمنة خدير، مخلفة عشرات القتلى والجرحى من المدنيين، وهدم لعشرات المنازل وإتلاف لعدد من المزارع.
كما تسبب الحصار والقصف العشوائي في مضاعفة معاناة المواطنين الذين يفتقرون إلى أبسط الخدمات الأساسية اللازمة للحياة وفي مقدمتها الخدمات الطبية، حيث يلقى الكثير من الجرحى حتفهم لعدم وجود الخدمة اللازمة وغياب وسائل النقل المناسبة لنقلهم إلى مستشفيات المدينة، إلى جانب وعورة الطريق.
أمراض مزمنة
وسجلت الاحصائيات التي أعدّها المواطنون وجود (421) فردًا يُعانون من أمراض مزمنة وبحاجة إلى علاج مستمر، و(32) حالة صَرَع  و(13) حالة سكري، و(14) حالة مصابة بأمراض القلب، و(9) حالات مصابة بأمراض السل، و(18) حالة روماتزم، إلى جانب انتشار أمراض سوء التغذية، وفقر الدم، والإسهالات وغيرها من الأمراض لاسيما لدى  الأطفال.
تُعاني منطقة الشقب من انقطاع الكهرباء، وانتشار كثيف للنفايات بسبب عدم التمكن من نقلها خوفًا من القنص، إلى جانب تدهور الأوضاع الصحية خصوصاً بعد توقف المرفق الصحي الخاص والوحيد بسبب قذائف الهاون، ومغادرة الطاقم الطبي بصحبة أدوات وتجهيزات المستوصف، باستثناء طبيب ومساعدين يفتقرون لأبسط الأدوات اللازمة.
تدهور العملية التعليمية
العملية التعليمية هي الأخرى شبه متوقفة في المنطقة منذ بداية الحصار الذي فرضته المليشيا عليها، خصوصاً بعد استهداف المدرسة الوحيدة فيها.
واضطر بعض الطلاب للدراسة فيها رغم المخاطر، فيما أجبر آخرون إلى الالتحاق بالمدارس المجاورة لمواصلة تعليمهم، غير أن قناصة المليشيات المتمركزة في تبة الصالحين تعيق وصولهم إليها، بل تستهدف كل من يحاول الخروج من منزله أو يمشي في الطريق العام.
وتعرض 183 موظفاً في المنطقة بالقطاع المدني التربوي والصحي والقضائي وغيرها لتوقيف مرتباتهم.
مناشدات
ويشكو أهالي منطقة الشقب من تجاهل الإعلام الرسمي والخاص، وكذا من التجاهل الرسمي والمحلي والإغاثي.
وتوجه المواطنون عبر «الأيام» بمناشدة إلى التحالف العربي والحكومة الشرعية بضرورة تحرير المنطقة للتخفيف من معاناتهم التي خلفتها المليشيات لهم ومازالت تداعياتها مستمرة.
كما طالبوا وسائل الإعلام بالنزول الميداني لنقل معاناتهم الحقيقية إلى العالم، لا سيما بعدما أصبحوا محاصرين، لفك الحصار عنهم وإيصال المساعدات الإغاثية لإنقاذ 1322 أسرة من خطر المجاعة.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى