> يقبعون تحت سماء واحدة، ويفترشون ذات الأرض، ويتنفسون ذات الهواء، وربما يجتمعون في ذات الموائد والمقائل والمجالس والأماكن..
ذات الوطن يجمعهم، وذات السيادة تجمعهم، وأيضاً يتجرعون مرارة الوجع والتمزق والتشظي والحرمان والضياع، يدفعون ضريبة أخطاء الساسة جميعهم حتى وإن تفاوتت نسبة الوجع والألم والربح والخسارة فيما بينهم..
جميعهم يدعون وصلاً بليلى، وجميعهم ينشدون حب الوطن، ويدافعون عنه، ولكن شتان بين من يحب وطنه لتربته وهويته، وبين من يحبه تنفيذا لرغبات أسيادة ونكاية في أعدائه، وجميعهم يمارسون ذات الغباء وذات السخافة، وذات الخساسة، وذات التفاهة..
فهؤلاء يتدنبعون، وهؤلاء يتفونسون، أولئك يتسعودون، وأولئك يتأمرتون، وآخرون يتحصنون خلف الشرعية، وآخرون يتغنون بحب الجنوب، وكِلا الفريقين يقتتلان تحت سقف الوطن، ويتصارعان على جثث البسطاء، ويختصمان زيفاً وكذباً وزوراً وتصنعاً..
وبين هذا وذاك، وبين هؤلاء وأولئك وطنٌ يُطحن، وشعبٌ يعصره الجوع عصراً، وبسطاء يقفون كالبلهاء، وقضية يتناوحونها، وكلهم يتشدقون بأحقيتهم في امتلاكها..
بين صراع الأغبياء والعبيد والمرتزقة والمتلونون يتساقط الأبطال في الجبهات، ويُحرم المساكين من حقوقهم، وتنعدم الخدمات، وتتدهور الحياة وتقسو على من لا حول له ولا قوة إلا بالله، ويدور الوطن في حلقة مفرغة، وصراع عقيم لا يجدي ولا ينفع..
​