شقرة أبين.. المدينة المنسية على شاطئ بحر العرب

> تقرير/ عصام علي محمد

> كانت شقرة تُعد ثغر أبين الباسم، وملتقى الأحباب ونقطة وصال الأصحاب من شرق المحافظة وغربها.
وشقرة قد خُلّدت بقصائد عميد فن "الدحيف" الشاعر المرحوم أبوبكر باسحيم، الذي قال عنها في مطلع قصيدة له:
شقرة بلادي وباكل من حجار الجبل
وباموت فيها وما بافارقش يابلادي
ولو اعطوني السعودية وأربع دول
ما هي بعيني كما شقرة وقاسم عبادي.

مؤخراً حياة الساكنين فيها تبدلت وتغيرت ملامحها وأضحت شاقة ومؤلمة تتشارك ألمها ومشقتها كل الأسر الساكنة فيها.
فلا خدمة ماء ولا كهرباء ولا خدمة تدل على مظاهر حياة مدنية تنتمي إلى حياة العصرنة والتحديث، فالزمن توقف بها عند حدود الثمانينيات.

بعد أن أصبحت هذه المدينة بعيدة عن أدنى اهتمامات السلطة المحلية المتعاقبة على كرسي السلطة الدوار منذ زمن.
حياة أحالت البحر من نعمة الرزق المفتوح على مدار الساعة إلى نقمة استدعت التحذير من التمادي فيها والانخراط فيها رغم اضطرار الناس إلى ركوب البحر، فحياة المواطن في شقرة قائمة على العيش من صيد البحر  وثرواته.

حرمان الفتاة من التعليم
للمرأة في شقرة حكايات توخز القلب تفاصيلها رغم اهتماماتها الواسعة إلا أن دائرة الاهتمام بالمرأة ضاقت وسط ضغط مجتمعي ما زال يؤمن بضرورة الجلوس في المنزل و سدّ غياب الرجل المنشغل بالبحر والاسترزاق من ثرواته، فالنساء لا دور لهن في نظرهم إلا أن تكون  زوجة مدبرة أو ابنة أميّة مطيعة.

عمالة الأطفال
هاجس المخاوف يتكاثر لدى الكثير من الأمهات في شقرة، فغياب الوعي يدفع بالعديد من الآباء إلى إجبار أبنائهم على ترك مقاعد الدراسة والدخول إلى البحر لطلب الرزق، والمؤلم أن هذا يتم لأطفال أعمارهم بين 10 - 15 عاما.
وهذه الظاهرة تمخضت فولدت ألما جديدا، ولأن المصائب لا تأتي فرادى فقد تمخضت ظاهرة عمالة الأطفال إلى بروز مخاطر ووجع أكبر تمثل في تسجيل عمليات اغتصاب للطفولة.

وأعادت رئيس جمعية السعادة الاجتماعية التنموية الخيرية في مدينة شقرة عيشة مهدي بروز هذه الظاهرة إلى “غاب الأب وتوقف دور الأم عند آخر عتبة لبيتها".

اللجوء اضطرارا للعمل بالبحر
ونتيجة للتوقف التام لمرافق الدولة وغياب نفوذها وانشغال رجال المدينة إزاء الأخطار المحدقة المتمثلة بتسرب الأطفال من المدارس بموافقة الآباء بدافع إيجاد حياة كريمة للأسرة ومستقبل لا بأس به للشباب لجأ الجميع إلى البحر مخلفين وراءهم هموما لا حصر لها على عاتق المرأة في المدينة.

ولكبح جماح هذه المشكلة سارع عدد من نساء وبنات شقرة وارتفعت الأصوات التحذيرية من الأخطار التي تتكاثر كخلايا السرطان في جسد وأوصال المدينة الرابضة بهدوء جوار البحر سارعن إلى إنشاء جمعية السعادة الاجتماعية التنموية الخيرية وهي أحد الأصوات التي تكررت مطالبها للفت النظر إلى معاناة شقرة وأبنائها.

أول جمعية مجتمعية
وأوضحت رئيس الجمعية عيشة مهدي لـ«الأيام» أن "هناك أسبابا كثيرة دفعتها لتشكيل أول جمعية مجتمعية، وأول تشكيل نسوي في المدينة تمثل أبرزها في: الغياب والإهمال المتعمد للدولة ومؤسساتها، ومنظمات المجتمع المدني الداعمة للاستقرار المعيشي والتوعوي والتعليمي، والذي نتج عنها أعباء وسلبيات كثيرة، منها انتشار عادات سيئة بين الشباب وكثر ممارسوها في أوساطهم.
وكذا تغييب حضور المرأة المتعمد وسط صراخ الرجل المرتفع أمام محاولة المرأة لنيل ولو جزء من حقوقها في التعليم أو الحياة بصورة عامة".

هيمنة الرجل
وعن مجال عمل المرأة خارج بيتها قالت مهدي: "إن المحاولات التي قامت بها بعض النساء والبنات أثمرت عن عمل المرأة في التربية والتعليم، وهو المجال الوحيد الذي سمح الرجل للمرأة أن تعمل فيه فقط، ولذلك كانت الحاجة ضرورية إلى اجتماع نسوي طارئ وهو ما ناديت إليه واستجاب للنداء عدد قليل من نساء المدينة خاصة الجامعيات، وتكررت لقاءاتنا، وكانت هذه اللقاءات تُقابل باعتراضات وتهديدات ممّن بيده السلطة، أقصد (الرجل أو القبيلة)، فبدأت بإقامة دورات تدريبة على حسابي الشخصي وواصلنا عملنا مع محاولة التضييق والعقاب التي حاول البعض اعتراضنا بها من خلال إلصاق التهم بعملنا واتهامنا ظلما و بهتانا، وعلى الرغم من الظلم الجائر من ذوي القربى الذي مُرس علينا إلا أننا مضينا نحو هدفنا الذي خططنا له منذ أول اجتماع لنا في بيتي حيث أفسحت فيه مكانا لممارسة أنشطتنا في جمعية السعادة التنموية بشقرة، وقد تمكنا من إقامة دورات مستمرة في محو الأمية، وتعليم الخياطة، وتعليم بعض المهارات والمهن النسوية الحرفية للمساعدة في تخفيف الفقر على الأسرة، وكذا المساهمة في خلق أجواء أسرية تمنع تسرب الأطفال والشباب من المدارس، وإقناع الآباء بضرورة مواصلة الفتاة لتعليمها، وبفضل الله تحقق ذلك بعزيمة فولاذية من جميع النساء والبنات والأمهات اللاتي أقنعن آباءهن وأزواجهن بضرورة دعم المرأة لاسيما في مجتمع يعيش جميع أفراده على مهنة صيد الأسماك”.

وأكدت عيشة مهدي في تصريحها لـ«الأيام» أن جمعية السعادة استطاعت تقديم الدعم لما يقرب من 293 أسرة، واستهدفت عبر برامجها ودوراتها التوعوية نحو 39 معاقاً حركياً ونفسياً من خلال الدعم المادي والمعنوي".
عادات سلبية كثيرة
وأوضحت رئيس الجمعية لـ«الأيام» أن "في المدينة عادات سلبية كثيرة تُمارس من قِبل الأطفال والشباب يقابلها صمت مجتمعي إلى درجة القبول بها في مقدمتها تسرب الأطفال من التعليم، وكذا تفشي البطالة بين الشباب، وإهمال تربية الأبناء مما يجعلهم فريسة سهلة للذئاب البشرية، وانتهاكات لحقوق الأطفال من الجنسين، إلى جانب غياب مرافق الدولة الهامة مثل  المرافق الأمنية التي من شأنها أن تنظم حياة الناس وتحد من انتشار الحشيش والمخدرات القادمة عن طريق البحر دون رقيب أو حسيب، فضلاً عن جُرم الانتهاكات التي تشهدها شواطئ المدينة بحق الطفولة".

وطالبت رئيس الجمعية عيشة مهدي بـ“ضرورة بسط نفوذ الدولة عبر السلطة المحلية بالمحافظة ممثلة باللواء ركن أبو بكر حسين سالم، وكذا الاهتمام بمدينة شقرة من خلال المسارعة بحل مشاكلها ودعم الاستقرار فيها لما فيه مصلحة سكانها وشبابها”.
كما تمنت بناء خطوط تواصل داعمة لعمل الجمعية مع اتحاد نساء اليمن، وكذا العاملين في المنظمات الداعمة للمرأة والطفل لوقف الانتهاكات بحق المرأة والطفولة”.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى