الكتابة عند درجة الغليان

>
عادل ناصر
عادل ناصر
نشرت صحيفة «الأيام» يوم الأربعاء 18 يوليو 2018م أسماء 70 شخصية يمنية أصدروا بيانا دُعي بـ «بيان السبعين»، ووجهوا نداء إلى أبناء اليمن، دعوا فيه الأطراف السياسية المختلفة إلى وقف الحرب فيما بينها وعقد هدنة أولية لثلاثة أشهر، يتبعها حوار شامل برعاية دولية لوضع حد للحرب.

والقارئ لأسماء تلك الشخصيات يسمع نداء عجبا..!
إن المتابع لواقع الشعب اليوم لا يدركه إلا بمعرفة تاريخ إنتاجه الذي ابتدأ مع ثورة 26 سبتمبر 1962م على نظام الإمامة في الشمال، وإقامة النظام الجمهوري بأهدافه الستة المعلنة الذي وقع سريعا بعد انقلاب 5 نوفمبر 1967م، وقد جاء تتويجا للحرب التي جرت ضد الجمهورية واستمرت طوال السنوات التي سبقته، لتستولي القوى التقليدية بشقيها القبلي والديني على السلطة وضرب الدولة الوطنية.

أما الإماميون الذين فقدوا دولتهم عند قيام ثورة سبتمبر 1962م، فقد ظلوا يتربصون - خمسين عاما - بالدولة الجديدة الهشة بمتناقضاتها، حتى إذا ضعفت تماما وأوشكت على السقوط تم الانقضاض عليها في محاولة لاستعادة دولة الإمامة.

فمن الذين هيأ لهم الفرصة للانقلاب في محاولة لاستعادة دولتهم؟
إن البنى الاجتماعية المتأخرة المكرّسة بثقافة تقليدية «مؤسسية» و «غير مؤسسية» أودت بالجمهورية أو توشك، بالتساند مع نخب سياسية غير حديثة في جذرها الاجتماعي، وفي وعيها الثقافي المستحدث شكليا والمتخلف في الممارسة، فتتماهى تماما مع ثقافة التقليد والاستبداد، وتنخرط كليا في الفساد، أما النخب اليسارية الماركسوية فلم تكن إلا يسارا كاريكاتوريا انخرط في العنف المفرط (الإيديولوجي والمادي)، وبرزت في صفوفه النزعات القبلية والمناطقية، ثم غرقت كثير من رموزه في الفساد المالي والإداري بعد الوحدة، وأضحوا اليوم أثرياء بعد فقر!

إن انكشاف الروح الاستعلائية الشمالية ضد الجنوب تم التعبير عنها - بعد الوحدة - بعنف مبالغ فيه، فاشتركت القوى التقليدية الشمالية بشقيها القبلي والديني مع الشعب الشمالي بتدمير الجنوب وإيذاء الجنوبيين، فنهبت أراضي الجنوبيين وثرواتهم ومقدراتهم الاقتصادية، وطرد الجنوبيون من وظائفهم، أفقروا وأهينوا، وعرفوا غائلة الجوع، وتذوقوا مرارة العيش، فاستبد الشمال على الجنوب بشكل مخزٍ يفضح أدعياء الوحدة.

إن استعادة الجنوب لاستقلاله أمر لا حيدة عنه، ويتطلب حشد شعب الجنوب، والتخلص من أعباء الماضي الإيديولوجي والقبلي، والعمل على إنشاء دولة مدنية، اتحادية، ديمقراطية.

أما جماعة السبعين المشتركة في التدمير سابق الذكر فإنها لا تدعو إلا إلى كارثة جديدة، إذ تسعى للتضليل بالإيحاء بأن مصلحة الشعب تكمن في إقامة مصالحة بين الملكيين والجمهوريين وإنشاء نظام «جمهو لكي» لتصبح دعوتهم (ضحك كالبكاء) التي لا يمكن أن تعقل إلا بمعرفة المصالح الشخصية لأفراد تلك الجماعة..

كما أن إعادة إنتاج نظام صالح، بشحمه ولحمه، بالمقابل والانقلاب على الثورة، لن ينفع أصحابه، لأن الفساد تقابله دائما ثورة.
نقول هذا للذين يجهلون ذلك فقط، أما الجنوبيون فعليهم رفع شعار: الشمال شمال، والجنوب جنوب، ولن يلتقيا.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى