ومازال الحوار الوطني مطلبا أساسيا

> أحمد عبدربه علوي

>
 في ظل هذا الزمن الرديء المقلوب نطالب كل رئيس حزب أو منظمة وغيرها بأن تتوفر النوايا السليمة الصادقة المخلصة، وأن تسعى تلك الأحزاب والمنظمات وغيرها لوضع المصلحة العليا للوطن قبل المصلحة الشخصية والمنافع الذاتية، ونطالب كل الأحزاب والمنظمات في بلادنا بأن تدعو إلى عقد مؤتمر تعلن فيه إلى عقد حوار وطني شامل تحدد فيه مطالبها ورؤيتها للإصلاح المطلوب لقضايا البلاد الراهنة وتصورهم لعملية الإصلاح الذي تحتاجه البلاد، وليكن في البداية تعديل الدستور واستتباب الأمن والاستقرار وهما موضوعان هامان لكون تحقيق هذين المطلبين هما الأساس لأي عملية إصلاح في البداية ومن ثم إصلاح بقية القضايا والمشاكل الكثيرة.. ولا هناك خلاف في الرؤى لأنه مشروع ومطلوب ولكن بشرط ألا يعوق انطلاق قطار التغيير الذي طال تعطيله، وبشرط أن يتم في مناخ يؤمن فيه الجميع بأنه لا أحد يحتكر الحكمة ولا أحد يملك أن يقرر بمفرده ما هو الخطأ وما هو الصواب، وفي حالة انعقاد الحوار الوطني الذي يعد مطلباً أساسيا نتمنى أن تتعامل وسائل الإعلام المختلفة مع الأمر بشيء من الموضوعية فتعطي لكل الاطراف فرصتها لأن تشرح وجهة نظرها وتدرك أن هذا الأمر لا ينتقص من شرعية النظام بل يزيده قوة.. ونحن في هذه المرحلة نحتاج لكل الآراء، ونحتاج أكثر أن نفهم أن الإصلاح لن يتم إلا إذا استطعنا تغيير المناخ السياسي والاجتماعي والأمني الاقتصادي والعسكري السائد والخروج من حالة الشلل والمناطقية القاتلة التي أصابت الحياة السياسية جميعها إلى مجرد أندية سياسية والتي اختزلت العديد من الأحزاب في صحيفة ومقر و20 شخصا، بينما الجماهير بعيدة عن كل ما يجري وإحساسها بأنها صاحبة المصلحة وصاحبة القرار يكاد يختفي، والنتيجة الطبيعية لهذه الأوضاع هي أن تلوذ الغالبية بالسلبية أو تنشط اتجاهات التطرف التي جربنا مآسيها من قبل وحتى الآن وقد تبدو المواقف متباعدة بين الفرقاء المختلفين وأسهل الأشياء ان تغلق أبواب الحوار متذرعين بأنه لا هناك فائدة ولكن الثمن الذي سندفعه جميعاً سيكون فادحاً.. ولا أحد يملك الان ترف هذا الخيار خاصة إذا كان هناك توافق عام على ضرورة الاصلاح وعلى رفض الاملاءات الخارجية وتوافق عام على فداحة الاخطار التي تتعرض لها داخلياً واقليمياً ودولياً وفي نفس الوقت هناك وعي بأن انجازنا للاصلاح المنشود سيجعلنا اكثر قدرة على مواجهة هذه الاخطار، ثم هناك توافق اخر على ان مسيرة الاصلاح لا يمكن ان يحددها طرف بمفرده بل لابد ان تكون حصيلة حوار وطني بناء يشارك فيه الجميع.

نقول هذا الكلام الآنف الذكر مراعاة منا: ان التعددية السياسية تفتح افاقاً ارحب للتوصل للرؤى واعتماد السياسات التي تقترب من فكر وعقل كل مواطن على ارض اليمن في شماله وجنوبه فإننا نكون امام فريضة سياسية واجبة في هذا الظرف التاريخي وهي الحوار الجاد بين كل القوى الوطنية والقادر وحده على وضع «الأجندة» المطلوبة للاصلاح المنشود وهذا الحوار المطلوب لا ينبغي ان يتم في الغرف المغلقة ليس فقط لأن الحوار فرصة لبث شيء من الحيوية في الشارع السياسي وفي الحياة الحزبية التي يتهددها الموت وانما لان الجماهير هي صاحبة المصلحة في الاصلاح ولانها وحدها التي ستتحمل عبء هذا الاصلاح وتقوم بانجازه في كل المجالات.. ان احداً لا يستطيع ان يقرر انه وحده القادر على تحديد ما فيه مصلحة المجتمع في غيبة الجماهير وقد تكون هناك برامج للاصلاح تتطلب التضحيات ومهمة من يطرحها ان يكتسب الرأي العام لصفه. ولقد علمتنا التجارب ان شعبنا مستعد لتحمل اقسى الظروف مادام هذا هو الطريق الصحيح، هكذا فعلنا حينما ناضلنا ضد الاستعمار الاجنبي وغيره.

 والمهم في كل الاحوال ان يدرك الجميع ان تضحياتهم ستعود اليهم وإلى ابنائهم وان يكون الجميع شركاء في التضحية وشركاء في جني الثمار وليس ان يتحمل البعض مشاق التضحية ويجني الاخرون الحصاد، على رأي مثلنا «بعير يعصر وبعير يأكل العصار».. والاهم أننا في لحظة لابد ان نعطي فيها الاولوية للاصلاح السياسي لكي نوفر المناخ المناسب لانطلاقة مطلوبة في جميع المجالات المختلفة، فبدون احساس كل مواطن بانه شريك حقيقي في تقرير مصير كل شيء على ارض الوطن بعيداً كل البعد عن المصالح الشخصية والمنافع الذاتية بعيداً كل البعد عن المناطقية والشللية والقبلية... الخ حتى نتمكن من تحقيق ما نتمناه جميعاً من تنمية وتقدم واستقرار.. وكما اوضحنا سالفا نود أن نوضح أكثر ان مثل هذا الكلام لن يتم الا في حالة توفر الشفافية والصراحة لأنها افضل واقصر السبل للعلاج والمواجهة مع الازمات.. والله من وراء القصد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى