رفع الأجور.. رسائل سياسية للخارج!!

> د. علي الزامكي*

>
​رفع الأجور قرار سياسي جاء إثر تداعيات الغضب الشعبي الجنوبي الذي لم نشاهد ما يوازيه أو يسانده في الشمال.

هذا التحرك اليمني في رفع الأجور يحمل رسالتين للعالم ترغب الشرعية اليمنية إيصالهما للعالم فما هي تلك الرسالتان اللتان أرادت الشرعية إيصالهما إلى الخارج؟
في حال نجحت الشرعية في إخماد الغضب الشعبي الجنوبي عبر قرار الأجور فإن الشرعية نجحت في ايصال رسالتها الأولى للعالم بأن الغضب الشعبي يحمل مطالب حقوقية وليست سياسية كما يطالب بها المجلس الانتقالي وبقية قوى التحرير والاستقلال، وإن قرار المعالجات ورفع الأجور قد عالجها وقضى على ذلك الغضب الشعبي.

الرسالة الثانية ستكون ضربة قاضية وموجعة للقضية الجنوبية وللمجلس الانتقالي ولكافة مكونات التحرير  والاستقلال بأن الشارع الجنوبي ليس مع مشروع المجلس الانتقالي وليس مع قوى التحرير والاستقلال وأن قرار المعالجات أنهى كل المطالب السياسية التي يرفعها المجلس الانتقالي وبقية القوى بمختلف مكوناتها الجنوبية المطالبة باستعادة الدولة الجنوبية، وبهذا سوف تكون الشرعية ضربت عصفورين بحجر، فالأولى  اخمدوا الثورة الشعبية المطالبة برحيل (الاحتلال اليمني) واخمدوا مطالبها السياسية، والثانية أثبتوا للعالم أن الشرعية بمقدورها التحكم بالشارع الجنوبي وأن المجلس الانتقالي لا يمتلك اي شرعية شعبية طالما أفشلت الشرعية غضب الشارع الجنوبي من خلال معالجات حقوقية.

القبول بالحلول التي اعلنتها الشرعية من خلال رفع المرتبات وإسكات الغضب الشعبي يعني هذا أن المجلس الانتقالي تلقى ضربة سياسية قاسية وموجعة في ظهره، وتلقت قوى التحرير والاستقلال الجنوبي ايضاً ضربة قاتلة في ظهر قضية الجنوب التي يحملون مشروعها.

الخطوات القادمة التي يفترض القيام بها من قبل المجلس الانتقالي وقوى التحرير والاستقلال هي توسيع العصيان الشعبي ليشمل كل مناطق الجنوب، وبالأخص مناطق آبار النفط والغاز في حضرموت وشبوة والبسط على مؤسسات الدولة الجنوبية ومدخراتها المالية التي تدير البلد. كما يتوجب على المجلس الانتقالي وكافة قوى التحرير والاستقلال أن ينسقوا فيما بينهم في ادارة حركة الناس عبر مؤسساتها ولا يخرج الغضب الشعبي خارج نطاقها المحدد له، ويجب أن تكون تحركاتهم مدروسة ومتأنية، ويجب الانفتاح والتنسيق مع بقية المكونات الجنوبية في إدارة الزخم الشعبي والضغط على دول التحالف لتسليم إدارة الجنوب من خلال  حكومة تصريف جنوبية مؤقتة حتى الانتهاء من الحرب وبعد نهاية الحرب نجلس على طاولة الحوار الندي بين أهل الارض في الجنوب والشمال خارج اطار الشرعية.

الحوثيون والإصلاحيون وكل قوى الشمال التقدمية والبعثية والشوعية والإسلامية وافقوا على المشاورات في لقاء جنيف حول رحيل الرئيس هادي من السلطة مقابل القبول بمشروع الأقاليم ومشروع الأقاليم سيكون على مقاسات أولاد الهضبة ذات المذهب الزيدي وأولاد اليمن الأسفل ذات المذهب السني موافقين على تلك الصفقة بدافع الحفاظ على دولة الوحدة اليمنية من خلال الاقاليم.

هناك أولويات لعلاج المرض، فاستمرار الحرب ليس من مصلحة الشمال ولا من مصلحة الجنوب بل يخدم أجندة إقليمية تستهدف حياة الناس وبنيتهم التحتية في المناطق المحررة وتحويلهم إلى متسوليين على أبواب مكاتب الإغاثة، وهذا دليل قاطع على إجبار الشعب في الجنوب للقبول بالتسوية التقسيمية حسب رغبة مخرج الفيلم.

مشاورات جنيف مهمتها الرئيسية إسقاط القرارات الدولية والعودة إلى مخرجات الحرب على الأرض والاحتكام لها، فالذين يرفضون المشاورات إنما يتمسكون بمخرجات الحوار وبالمبادرة الخليجية وملحقاتها، وهؤلاء لا يعلمون أنها انتهت وماتت حينما وقع الرئيس هادي على اتفاق السلم والشراكة مع الحوثي الطرف الذي لم يكن شريكا في اتفاق المبادرة الخليجية.
*المركز الاستراتيجي بالأكاديمية الروسية

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى