هل سيأتي السلام من جنيف؟

> عبدان دُهيس

> هل سيأتي السلام من جنيف هذه المرة، لحل «أزمة اليمن» وإيقاف الحرب التي تعصف بهذه البلاد، من سنوات، الدائرة بين «الشرعية» التي يدعمها التحالف، بقيادة السعودية، وبين الحوثيين الذين تدعمهم إيران..؟
أظن أن هذا الأمر، يحتاج إلى بصر وبصيرة ثاقبة وإلى تفكير عميق، وربما يكون تحقيقه بعيد المنال ومن المستحيلات السبع، فكل من الشرعية والحوثيين، لا يلتقيان أبداً على أية قواسم مشتركة تبعث على التفاؤل في تحقيق السلام المنشود وإيقاف الحرب، لماذا؟ لأن كلاهما ليس بيده «أمر السلام» من عدمه، فأحدهما مشدود إلى «السعودية»، والآخر إلى «إيران»، وكل من السعودية وإيران بينهما «تصفية حسابات» وصراعات وحروب أزلية، بل وأخطرها «التنافر العقائدي» - سني شيعي - من أمد بعيد، لا يمكن أن يجمعهما جامع ولا يقربهما وسيط، وقد فشلت- منذ أن بدأت الحرب- كثير من مثل هذه المحاولات، وجميعنا ما يزال يتذكر فشل جهود (بن عمر وولد الشيخ) ولقاءات «الكويت وجنيف» السابقة، التي لم تصل إلى حلول، فاحتدام الفراق السعودي-الإيراني على أشده، ليس في اليمن فقط، ولكنه منظور أمامنا من سابق زمن، في كل من سوريا والعراق ولبنان، وما هذه البلدان وشعوبها إلا ضحايا - وبالمجان - لهذا الصراع، فإذا صلح الشأن فيها وحل السلام، فإننا في اليمن سنكون جزءاً من هذا السلام، ولن نكون بمعزل عنه أبداً.

هناك واهمون ممن ينظرون إلى أن ما يدور في اليمن من احتراب وصراع على أنه بين طرف (مغتصب السلطة) وبين طرف يرى أنه هو (الشرعي)، الأمر ليس هكذا، الأمر أبعد من هذه الفذلكات والتخريجات السياسية والعاطفية، لنرجع إلى قراءة التاريخ، سنجد أنه منذ ما يزيد على «ألف سنة هجرية» جرت حروب وقتالات شديدة كثيرة بين (أهل السنة) وبين (الرافضة - الشيعة) في بلاد كثيرة، تمتد من العراق إلى الشام إلى الأراضي المقدسة - السعودية - إلى لبنان والمغرب العربي، وفي اليمن أيضاً المتمثل بالتمدد والظهور (الحوثي) المفاجئ إلا أنه في الأصل له جذوره البعيدة!

في ظل هذه المخاصمات والاختلافات العقائدية المذهبية- إن جاز التعبير- فإن آمال تحقيق السلام بين الطرفين، تظل بعيدة - وبعيدة جداً - بل وصعبة المنال، ونتائج جنيف، إن كانت هناك نتائج ستتحقق في الأصل، ستظل حبراً على ورق وكلاما للاستهلاك السياسي ليس إلا..!

فالمبعوث الأممي (جريفيثس) ربما تكون نواياه حسنة لتقريب الطرفين، وصادق في جهوده لتحقيق السلام في اليمن، لكن هذا السلام لن يتحقق على يديه إلا إذا اقتنعت كل من (السعودية وإيران) وبنوايا صادقة بعيدة عن أي مؤشرات من أي نوع، على حل كافة الإشكاليات العالقة بينهما من سنين بعيدة، ليس في اليمن وحدها، ولكن في أكثر من بلاد، وهذا الأمر يتطلب رغبة صادقة من الطرفين، وإذا لم تتحقق هذه الرغبة وهذه النوايا، فإن السلام سيظل بعيد المنال كما ذكرت، وستظل الحرب مستعرة ومستمرة بنيهما والضحية هم الشعب، لكن إلى متى ستظل مستمرة؟ هذا علمه عند الله ربما انتصار أحد الطرفين (عسكرياً) على الأرض، يؤدي إلى انفراج الأزمة، ووقف الحرب، فليس هناك من حل غير هذا.. فلننتظر..!​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى