للمهندس حيدر العطاس مع التحية

> صلاح السقلدي

>
كلام المهندس حيدر أبو بكر العطاس يعيدنا إلى المربع ما قبل الأول من موضوع تشكيل كيان سياسي جنوبي موحد «حامل سياسي جنوبي».. فالعطاس وهو يعلّق - في قناة أبو ظبي - الخميس على إقصاء الجنوب من المشاورات القادمة عزا السبب إلى الجنوبيين أنفسهم بسبب ما قال إنه عدم تمكنهم من توحيد أنفسهم بكيان سياسي واحد، معتبرا المجلس الانتقالي الجنوبي مجرد كيان كباقي الكيانات الجنوبية التي يجب أن تتوحد جميعها بما فيها الانتقالي تحت كيان واحد.

يا سيادة المهندس، نتفهم حساسية حديثك عن القضية الجنوبية وأنت تشغل منصب مستشار رئيس الجمهورية اليمنية في الرياض، فالحديث بلسان واحد بشأن أمرين متضادين أمر صعب لا شك في ذلك، ولكن كنا نتمنى أن تبتعد عن أسلوب جلد الذات، أو الانسياق وراء الشروط التعجيزية التي تعرف قبل غيرك استحالة تحقيقها، وأقصد توحد كل الجنوبيين بدون استثناء على كلمة واحدة وفي إطار سياسي واحد في وقت تعرف ونعرف جميعا صعوبة ذلك نظرا لحالة الاستقطاب والاستهداف التي يتعرض له أي جهد جنوبي يحاول تجاوز هذه المعضلة.. فقد شاهدنا ذلك بالظروف قبل الحرب فما بالنا اليوم. ثم لماذا يتم الاشتراط على الجنوبيين بمثل هذا الشرط الذي يستحيل تحقيقه على كل الشعب بمن فيه الشمال المتشظي كفسيفساء متناثرة؟ فكيف لنا أن
نتغلب على تعدد طبائع البشر وتنافر قناعتهم وتفكيرهم بما فيها القناعات السياسية؟
سيادة المهندس، برغم تحفظاتنا على بعض سياسيات المجلس الانتقالي الجنوبي وانتقادنا له مرارا إلى درجة القسوة أحيانا خصوصا انصياعه للإملاءات الخارجية، إلا أننا نرى فيه الإنجاز المتاح الذي بلغه الجنوبيون بشأن توحيد القرار، وأن لم يكن بالمستوى المأمول إلا أنه الحد المعقول قياسا بمثل هكذا ظروف، فنسفه من أساسه أو حتى اعتباره مكونا كباقي المكونات في ظل غياب البديل الأمثل وفي ظل ظروف معقدة يصعب التوصل فيها إلى أدنى درجات الوفاق على أمورعادية، ناهيك عن أخرى معقدة كموضوع الحامل السياسي الشامل، فحتى لو افترضنا أن يكون الانتقالي نواة للكيان السياسي الذي تحدثت عنه، فسيكون هذا الاقتراح - على منطقيته - صعب التحقيق في ظروف كهذه وفي وقت تتسارع فيها الأحداث من حولنا، وسيعيدنا أيضا إلى المربع الأول على الأقل. وبالتالي فإن كان ثمة نوايا مخلصة خالية من الأنانية وبعيدا عن السقوط في وحل المصالح الشخصية أن يكون الانتقالي هو الكيان المرجو في هذه المرحلة بالتوازي مع فتح حوار شامل يستوعب فيه «الانتقالي» كل القوى الجنوبية وبالذات المجالس الثورية واستيعاب أفكارهم وتعديل وإضافة بعض من مواثيقه لجعلها أكثر توافقية وشمولية حتى الخروج من عنق الزجاجة، ومن ثم فالمجال رحب أمام الجميع، مع العلم بأن المجلس الانتقالي يقدم نفسه كوعاء شامل «مؤقتا فقط» أو هكذا فهمنا من مواثيقه وخطاباته.

أما قولك إن أية مفاوضات بدون القضية الجنوبية سيمثل ثغرة بالمفاوضات، فتغييب الطرف الجنوبي وقضيته أكثر من أن يترك ثغرة فوق طاولة، بل فهو الفشل بعينه، وهذا ما قاله المبعوث الأممي حرفيا قبل شهر تقريبا، ولذا فهذا الرجل الإنجليزي كان أكثر منك إنصافا للقضية الجنوبية، وأكثر دقة بتوصيفه للحالة... ثم كيف نفهم تعريفك للمفاوضات بأنها ستكون بين طرفين شماليين «الشرعية والحوثيين» إن تم تغييب الجنوب، في وقت تشغل فيه مستشار رئيس الجمهورية اليمنية أي الشرعية التي هي أحد الطرفين الشماليين؟.. فطالما هي ستكون شمالية محضة في مرحلة المفاوضات إن تم استبعاد الجنوب، فما الذي يجعل المشاورات التي ستعقد بعد يومين بدون الجنوب غير شمالية مع أنها ستكون بدون الجنوب؟
قبل الختام: كنت أتوقع منك وأنت تتحدث عن ميزة مشروع الستة الأقاليم أن تتمسك بمشروع مؤتمر القاهرة الجنوبي، وهو أضعف الإيمان السياسي مقارنة مع مثل هكذا مشروع سداسي الأقاليم قد تجاوزه الواقع، وتخطاه المنطق!​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى