مدرسة ذوي الاحتياجات الخاصة بحوطة لحج.. خدمات إنسانية وشحة في الإمكانات

> تقرير/ هشام عطيري

>  تُعد مدرسة ذوي الاحتياجات الخاصة في مدينة الحوطة، عاصمة محافظة لحج، أول مدرسة على مستوى المحافظات المحررة.
وتم إنشاؤها من قبل دولة الكويت الشقيقة ضمن مشروع «الكويت إلى جانبكم»، وتتبع مكتب التربية والتعليم الحكومي بالمحافظة.

وتقدم هذه المدرسة الرعاية والتعليم للأطفال من ذوي الإعاقات الخاصة عبر معلمات ومتطوعات تلقين العديد من المعارف والمعلومات المحدودة حول هذه الفئة من الأطفال وكيفية التعامل معها.
وأوضح مدير التربية الشاملة بلحج وليد الهاروني أن فكرة إنشاء المدرسة بدأت بعد أن نالت شريحة ذوي الاحتياجات الخاصة بجميع فئاتها الإهمال والتقصير في مختلف النواحي، كالدراسة في مبان مستأجرة مكلفة أو مبان حكومية آيلة للسقوط، بالإضافة إلى انعدام المستلزمات والتجهيزات الخاصة، وكذا ضعف التأهيل للكوادر التعليمية التي تتعامل مع هذا الشريحة وبدون أي أجر تتحصل عليه.

وأضاف: «كل هذا دفعنا إلى التفكير في مشروع مدرسة تضم ذوي الاحتياجات الخاصة بمختلف أقسامها، وبالفعل تم رفع تصور كامل بعد عملية مسح شامل لهذه الفئة لكافة الجهات والمنظمات، ومن ضمنها الهيئة الكويتية والتي أبدت اهتماما وموافقة على إنشاء المدرسة وإعلان المناقصة في 22/ 11/ 2016م حتى انتهاء المشروع وتسليم المبنى في تاريخ 21/ 9/ 2017م، بحضور قيادة المحافظة وممثلي الهيئة الكويتية».

المدرسة الأولى
وأشار الهاروني، في تصريحه لـ «لأيام»، إلى أنهم «يطمحون إلى تجهيز المدرسة بكادر مؤهل لتكون مدرسة نموذجية، وهي، بحسب قوله، تُعد المدرسة الأولى على مستوى المحافظة والمحافظات المجاورة خدمة لهذه الفئة الأكثر احتياجًا في مجتمعنا لتأهيلهم وتعليمهم وتدريبهم ليستطيعوا الاندماج مع أقرانهم في المدارس العادية وفي المجتمع».

 50 طالبا
مديرة المدرسة نسرين عبدالله الحبيشي قالت إن: «مدرسة ذوي الاحتياجات الخاصة والتي تُعد الأولى والتابعة لمكتب التربية والتعليم تكفل للطفل التعليم بشكل طبيعي ودمجه مع الأطفال الأسوياء، مشيرًا إلى أن «هذه المدرسة تُعد النبتة الأولى لهؤلاء الأطفال، وأمل لهم لإخراجهم للمجتمع وسوق العمل وإبعادهم عن الجمعيات التي تستغلهم».

وتتكون المدرسة بحسب الحبيشي من 7 فصول دراسية، وإدارة، يدرس فيها خمسون طفلًا من ذوي الاحتياجات الخاصة بواسطة عشر معلمات أساسيات و12 متطوع ومتطوعة تلقوا عدد من الدورات للتعامل مع هذه الفئة في مجال التدخل المبكر وبرنامج البورتيج من قبل جمعية عدن للتوحد، إضافة إلى عدد من الدورات في كيفية التعامل مع اضطراب التوحد، وتأمل إدارة المدرسة والمعلمات والمتطوعات في اخذ دورات أكثر في هذا المجال حتى يتم التعامل مع الأطفال بشكل أفضل وتقنية متطورة».

لا إحصائية رسمية
ولا توجد إحصائية رسمية بعدد الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة على مستوى المحافظة، لكن وجود هذه المدرسة بالإمكانات البسيطة خلق ارتياحًا كبيرا لدى الأهالي، حيث إن أغلبهم كانوا قبل إنشاء المدرسة يصطحبون أطفالهم من ذوي الاحتياجات إلى مدينة عدن، فضلاً عن عدم وجود رسوم أو دفع مبالغ خيالية من قبل الأسر للمدرسة، لاسيما أن بعض الأسر كانت فيما مضى لا تستطيع أن تعلم أطفالها خارج المحافظة بسبب شحة الإمكانات والأوضاع التي تعيشها البلاد من ارتفاع الأسعار وغيرها.

وعلى الرغم من شحة الإمكانات إلا أن المدرسة وبفضل علاقتها مع بعض المؤسسات أقامت خلال الفترة الماضية ولمدة 30 يوما مخيما للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، بدعم من مؤسسة «القمندان التنموية الاجتماعية» وبإشراف من مكتب التربية والتعليم، بهدف تعريف المجتمع بأنه من الممكن لهذه الفئة أن تبرز في غير مجال التعليم ودمجهم مع الأطفال الأسوياء، فضلاً عن إكسابهم مهارات تعليمية وإدخال البهجة والسرور في قلوبهم من خلال تنوع الأنشطة، إضافة إلى إدماجهم في المجتمع، وكذا لإعطاء أولياء الأمور العديد من المعارف والمعلومات الإرشادية الصحية.

تدريس تطوعي
وللأهالي دور كبير في المدرسة، حيث تحولت العديد من الأمهات إلى متطوعات للعمل فيها نتيجة للمعاناة التي كنّ يعانين منها في السابق، حيث استفادت إدارة المدرسة والطاقم التعليمي استفادة كبيرة من أمهات الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في كيفية التعامل مع الأطفال، وبهذا تحولت الأم إلى مرشدة للأخريات.

وتقول المتطوعة أعياد أحمد باشادي، أم لطفلة (توحدية): «تطوعت في المدرسة، استشعاراً لما أعانيه، فقد كنتُ خلال 8 سنوات أقوم بتأهيل ابنتي في مدارس وجمعيات بعدن، وما يصبرني ويدفعني لذلك هو تحسن ابنتي (نوارة هاني)، فاطلاعي واحتكاكي بالمعلمات إضافة إلى متابعة الشبكة العنكبوتية أوجد لدي الكثير من المعارف في التعامل مع هذه الفئة وخاصة طفلتي التوحدية، وهذا ما أدى إلى تأقلمي مع هذا الوضع.. والمدرسة تُعد منجزا كبيرا سعدتُ بها كثيرا لأنها ذللت للأمهات الكثير من المعاناة ولم يعدن مضطرات للانتقال إلى مناطق بعيدة، وقد عمدت في هذا المجال بتقديم كل المعلومات والمعارف التي اكتسبتها من المعلمات في المدرسة، والتطوع فيها خدمة لهذه الفئة المجتمعية التي تحتاج لرعاية واهتمام خاصين».

عناية خاصة
المعلمة أنيسة فتيني يحيى تطوعت هي الأخرى للعمل في المدرسة، فكما تقول: «بأن الأطفال رحمة، وعملها هي رغبة ذاتية لتعليم الأطفال ذوي الفئات الخاصة، والصبر عليهم في كل شيء أثناء تعليمهم».
فيما أكدت أم حسناء بأنها «قدمت إلى المدرسة لأجل الاستفادة ورعاية طفلتها التي تُعاني من صعوبة التعلم»، مشيرة إلى أنها «كانت في مدرسة عامة ولكنها لم تتمكن من الاندماج والاستفادة منها، وهو ما دفعها لإحضارها إلى مدرسة ذوي الاحتياجات الخاصة لتتلقى عناية خاصة».

وتتمنى الوكيلة الفنية للمدرسة حفيظة ثابت عبده أن «يكون هناك استمرار ومتابعة لهذه الفئة، خاصة الأولاد والبنات الكبار في السن من خلال إكسابهم العديد من المعارف العملية والفنية، كإنشاء الورش في العديد من المجالات الكهربائية والسباكة والخياطة والكمبيوتر حتى تتكون مهارات لديهم يستفيدون منها في سوق العمل بعد استكمال إعطائهم كافة المهارات في المدرسة»، محذرة في السياق من «انتكاسة هؤلاء وعودتهم إلى وضعهم السابق في حالة عدم توفر الأدوات اللازمة لصقلهم في مختلف البرامج العملية من قِبل الجهات المختصة أو المنظمات الداعمة المحلية والدولية والتي من شأنها أن تفيدهم في سوق العمل».

صعوبات متعددة
وبسحب إدارة المدرسة فإن الصعوبات التي تواجههم كثيرة، أبرزها عدم توفر وسائل مواصلات لنقل للطلاب من العديد من القرى والمناطق البعيدة إلى المدرسة على الرغم من وجود الرغبة لدى الأسر في دمج أطفالهم بالمدرسة، الأمر الذي يجبرهم في المقابل على إحضارهم ليومين فقط خلال الأسبوع، وهو ما يخلق إشكالات كون الطفل القادم من أي قرية بعيدة يعطى له خلال هذين اليومين العديد من مهارات، ولكنه لا يكتسبها بسبب عدم التواصل، مما يدفع بالمعلمين إلى عودة العمل مع هذا الطفل أو ذاك، إضافة إلى أن المدرسة أشبه ما تكون بالمدارس الحكومية، حيث لا تتوفر فيها المواصفات المناسبة لهذه الفئة، ففي العادة تتطلب الفصول لهذه المدارس مواصفات خاصة، كأن تقسم بعض فصولها إلى كابينات خاصة بأطفال التوحد، إذ لا يمكن جمع أربعة أطفال أو أكثر بصف واحد، لاسيما أن المعلمات يردن العمل مع طفل واحد فقط، وهو ما يستدعى عمل كبينة تكون فيها المعلمة والطفل بكبينة واحدة حتى تستطيع السيطرة عليه، إضافة إلى عدم توفر الألعاب في ساحة المدرسة ونقل الطفل من عمل المهارات إلى الترفيه.

وتفتقر إدارة المدرسة إلى المنهج الخاص، كما أنها بحاجة إلى دورات تأهيلية للمعلمات في مختلف المجالات، وإنشاء دور ثانٍ لاستيعاب الطلبات المقدمة من الأهالي لتعليم أطفالهم، كون المدرسة لا تستطع استيعاب أكثر من خمسين طالبا في فصولها السبعة المتوفرة.
وتأمل الإدارة من الجهات الحكومية والخاصة ومنظمات المجتمع المدني تقديم الدعم، لتتمكن من تأهيل أفراد هذه الفئة وتدريبهم ليكونوا عناصر فاعلة في المجتمع وسوق العمل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى