لا كهرباء.. لمن تنادي؟!

> مازن الشحيري

> "لن تنكسر ما لم يكسرها أحد!!!".. قاعدة منطقية تعتبر إحدى البديهيات والمسلمات في حياتنا اليومية.. مشكلتنا دائماً نتحدث عن المشكلة عند حصولها فقط.. رغم أن هناك مؤشرات كثيرة تدل على حتمية وقوعها بما لا يدعو للشك.. فعلى سبيل المثال:
مشكلة الكهرباء!!.. كل المؤشرات كانت تدل على وصولنا لهذا الوضع المأساوي ولازالت تدل إلى الوصول مستقبلاً إلى ما هو أسوأ بكثير من هذا الوضع.. فمنذ أكثر من ثلاث سنوات والحكومة تستأجر المحطات الإسعافية التي حذرنا منها أكثر من مرة لأنها لا تخدم غير الفاسدين والمفسدين في هذه البلاد.. الكل يعلم أن تكلفة وقود الديزل الذي تعمل به هذه المحطات كبيرة جداً، وتدمر أي اقتصاد لأي دولة.. إضافة إلى ذلك تكاليف إيجارها المرتفعة التي لا يهتم بها المسؤولون وينصب اهتمامهم فقط بالعمولات التي يكسبونها من تلك المحطات وازدهار تجارة بيع الطاقة البديلة للمواطنين من مولدات وبطاريات وألواح شمسية وغيرها، والتي تدر عليهم المليارات في ظل عدم وجود أي رؤية مستقبلية ولا أي عمل على أرض الواقع لحل مشكلة الكهرباء من خلال بناء محطة مركزية حديثة تعمل بالغاز أو كهروحرارية أو على أقل تقدير إعادة تأهيل محطات الكهرباء السابقة والموجودة بشكل جاد..

فعلى سبيل المثال فقط محطة الكهرباء بمنطقة التواهي الفتح لم يعد أحد صيانتها أو إصلاحها إذا كانت بحاجة لذلك.. رغم أنها تعتبر من أحدث محطات الكهرباء التي تم إعادة تأهيلها قبل الحرب واستمرت بالعمل حتى أيام الحرب نفسها.. وعند ملاحظة الزيادة السكانية لمحافظة عدن بعد انتهاء الحرب حيث أصبح يسكن في م. عدن ما يقارب مليونين من البشر مقارنة بعدد سكانها قبل الحرب، حيث كان لا يتعدى مليون نسمة..

إضافة إلى العمران المتزايد والكبير للمدن السكنية على نطاق واسع والذي تقوم مؤسسة الكهرباء بمد خطوط التيار الكهربائي لها دون أي دراسة أو حتى الأخذ في الاعتبار وضع الكهرباء المتاهلك أصلا..
وكل ما يهتمون به هو الرسوم لإدخال التيار الكهربائي لتلك المدن وطبعا العمولات التي تصل إلى حد استلامهم لشقق من أجل السماح بالتركيب والربط... وهذه السلوميات أصبحت تمارس بشكل رسمي ومعلن  وليس شيئا مخفيا..

فعلى سبيل المثال كيف تسمح مؤسسة الكهرباء والحكومة من خلفها تزويد مجمع عدن مول التجاري بالكهرباء ونحن أصلا لا نملك كهرباء للمواطنين.. إضافة إلى عدم سداد المرافق الحكومية للمديونية السابقة أو الحالية رغم أنها تسديدها ملايين الدولارات كنثريات لوزراء ومسؤولين لا يعملون.. ويستلمونها ليعيشوا هم وأولادهم في الخارج برخاء وراحة..

كل تلك المؤشرات وغيرها تبين وتوضح بما لا يدع مجالا للشك أن مشكلة الكهرباء لن ترى النور قريبا.. بل سوف تتدهور بشكل مستمر.. فلن "يفيد النواح والبكاء -كما يقولون- بعد خراب مالطا" فقد حشرونا في أربع مشاكل لا تنتهى..

حجم التوليد غير كافٍ.. فإذا تم توفير التوليد المناسب للكهرباء يتم الانتقال للمشكلة الثانية وهي كمية الوقود الكبيرة ولا يمكن توفيرها.. فإذا تم توفير كميات الوقود اللازمة ننتقل إلى المشكلة الثالثة، وهي خروج مفاجئ لمحطات الكهرباء بشكل متكرر ومستمر وأعطال متواصلة بسب التخريب المتعمد أو بذريعة عدم توفير قطع الغيار وعدم تسيد مديونية الكهرباء من المواطنين والحكومة.. فإذا تم تجاوز كل ذلك ننتقل إلى المرحلة الرابعة وهي العيسي يوقف ضخ الديزل للكهرباء ويطالب بالمديونية التي على الدولة وهكذا..

دائرة مغلقة أصبحنا كشعب رهائن لها وتحت رحمتها.. دوامة يديرها لوبي فساد متكامل حكومي تجاري وعمالي.. كل ما مر الوقت يزداد قوة وفسادا.. وضحيته دائماً أبناء هذه المدينة الباسلة عدن وسائر المدن الأخرى.. لكن كل هذا لم يكن ليحدث لولا أربعة أمور أساسية:
- فساد حكومي منقطع النظير يرعى كل ذلك.

- تقاعس يصل إلى حد التواطؤ من الجهات المعادية والمعارضة لحكومة الفساد قولا ومتعاونة معها فعلا.
- سكوت مخزي ومعيب للتحالف العربي بحق شعب الجنوب الذي يسيل دماء شبابه دفاعا عن أرضه وأرض التحالف والجزيرة العربية ضد المد الفارسي، كما يقولون.

- وأخيراً التقاعس الشعبي وعدم التحرك قبل وقوع الكارثة.
وهكذا بكل المشاكل والكوارث التي عانينا ونعاني وسوف نعاني منها في المستقبل تحمل نفس السيناريو  مهما تنوعت أو اختلفت.. دائرة مغلقة لن تنكسر ما لم يكسرها أحد.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى