المرضى النفسيون بعدن.. إهمال وحرمان وغياب العلاج

> تقرير/ وئـام نجيب

> فئة المرضى النفسيين واحدة من الفئات الأكثر إهمالاً من قبل أفراد المجتمع، وقل من يدافع عنها وعن حقوقها الطبيعية والإنسانية.
ومعرفة المزيد عن هذه الشريحة ومعاناتها أمر شاق، وعملية البحث عن الحقائق المتعلقة بها يتطلب مجهودا غير عادي، ويستوجب الزيارة إلى حيث ينزلون.

«الأيام» قصدت مستشفى الأمراض النفسية والعصبية في العاصمة عدن، وتمكنت من دخول المبنى من خلال مصدر يعمل فيه، والتجول بين أقسام المصحة في الوقت الذي لا يُسمح فيه إلا للعاملين فيها.

وفي قسمي الرجال، واللذين هما عبارة عن عنابر طويلة تحوي مجموعة من الأسِرّة بعدد أقل من المرضى الذين يفترش بعض منهم الأرض، المكان تفوح منه الروائح الكريهة والتي تنم عن ضعف النظافة، وأقل ما يُقال في وصفه بأنه شبيه بالسجون المركزية وليست أقسام للعلاج والتطبيب النفسي، ولكل قسم منها بوابة حديدية كبيرة بها فتحة نافذة صغيرة توصد ليلاً بأقفال.

ومراعاة لظروف المرضى وحساسية الموضوع الإنساني التقطت «الأيام» صورة لبعضهم بصعوبة، مع مراعاة عدم إظهار وجوههم خلالها.
وفي الوقت الذي حاول الكثيرون من موظفي المصحة إظهار الجانب الإيجابي والمبالغة فيه، على حساب الحقيقة المرة التي يُعاني منها النزلاء الذين يزيد عددهم عن مئتي مريض ومريضة، أوضح بعض ممّن لا تزال ضمائرهم حية جانبا من مأساتهم الإنسانية بشفافية.

هل الوضع الحالي في مستشفى الأمراض النفسية والعصبية التعليمي يُساعد في تحسن حالة المريض، ويهتم بكافة حقوقهم التي كفلها لهم الدين والقانون والطب؟ أم أن الأمر عكس ذلك تماما؟
سؤال طرحته «الأيام» على مصادر طبية عاملة في المشفى فكان الجواب: «إن عدم اهتمام إدارة المشفى بأوضاعه العامة مكّن 8 مرضى من الهروب خلال الشهر الماضي، نتيجة لعدم إغلاق البوابة الخلفية للمشفى، والتي يتم عبرها إدخال المستلزمات إلى المرضى، وتحوله إلى ممر للمواطنين الساكنين بالحي المقابل للمشفى».


وهذه البوابة خاصة بالمصحة، غير أن عدم إغلاقها من قبل المعنيين سهل للمواطنين اتخاذها طريقاً أسهل للوصول إلى منازلهم في الحي القريب منه، وهو ما مكّن في المقابل المرضى من الهروب.

وأوضح المصدر الطبي لـ«الأيام» أنه سبق أن أُبلغ مدير المصحة بضرورة إغلاقها لاسيما أنه قد هرب من خلالها مرضى في وقت سابق، وكذا لِما تُشكله من خطورة على المرضى والحراسة على حدٍ سواء إلا أنه لم يستجب لتلك المطالب، بحسب قوله.

وأضاف: «المرضى يُعانون أيضًا من نقص في الرعاية، وتغيب مستمر للممرضين والأطباء، والمؤسف أن هذا يحصل بعلم إدارة المصحة ومدير التمريض، فضلاً عن حرمانهم من المساعدات المقدمة من فاعلي الخير - وهي كثيرة جداً -  نتيجة لتكديس غالبيتها في المستودع الخاص بالمصحة، وكذا نقص في الفرش والأسرة بالأقسام الخاصة بالرجال، وهناك مرضى ينامون على الأرض».

وأوضح المصدر لـ «الأيام» أن «الإدارة ترفض تشغيل المولد الكهربائي لفترات طويلة على الرغم من توفر مادة الديزل، وهو ما عرض بعض المرضى للإصابة بتقرحات في الجسم (دمامل أو صنافير)».
 
سمسرة بمعاناة المرضى
وأكد مصدر طبي آخر في المصحة لـ«الأيام» أن «المُمرضين لا يتحصلون على علاوة النوبة والخطورة والمواصلات، ولا تطبيب في المستشفيات الأخرى، فضلاً عن الحالة العامة السيئة جداً للمشفى، فالأقسام غير مؤهلة، وعدم توفر ميزانية تشغيلية كافية، مع تزايد مستمر في أعداد المرضى، في ظل إغلاق معظم الأقسام لعدم تأهيلها وخلوها من النظافة».


ويوجد في المستشفى - بحسب تصريح المصدر- 8 أقسام سريرية، وأخرى غير سريرية منها العيادات والهزات الكهربائية، تضم 208 مرضى، و83 ممرضا وممرضة بينهم 20 في مرحلة التقاعد، وهو ما يجعل الممرضين في القسم الواحد عاجزين عن تغطية العمل فيه بالشكل المطلوب، كما أن من بين هؤلاء الممرضين من يتصفون بالأمانة وآخرون لصوص حيث يلجؤون للاتفاق مع بعض أهالي المرضى لإبقائهم لأكبر فترة ممكنة مقابل مبلغ مالي.
 
إدارة سيئة
وأوضح المصدر في سياق تصريحه لـ«الأيام» أن المختبر والصيدلية الخاص بالمستشفى لا يعملان بشكل مستمر، فضلاً عن خلوهما من الطبيب المناوب.

وقال: «توجد 3 أقسام للرجال، يتراوح عدد المرضى في كل واحد منهم بين 30 - 40 مريضا، بسعة 26 سريراً للقسم، فيما لا تتعدى نزيلات القسم الخاص بالنساء الـ 25 مريضة».

قسم الرجال
قسم الرجال

وأعاد المصدر هذا الإهمال والنقص الكبير في الاحتياجات الأساسية والنقص في الكادر الطبي وعدم توفر أدوات النظافة الكافية «للإدارة السيئة وغياب الاهتمام من قِبل الجهات المعنية»، مطالباً في السياق بـ «إنزال لجنة لإيجاد حلول جذرية لمشاكل المستشفى، وتحميل كل شخص مسؤولية عمله ومهامه».

تهرّب
وحاولت «الأيام» جاهدة الوصول إلى المدير العام لمستشفى الأمراض النفسية والعصبية د. طلال العامري للاستيضاح عن المعلومات التي توصلت إليها، غير أنه تهرب لأكثر من مرة رغم إعطائه مواعيد بذلك، تهرباً من الإجابة، ولتغيبه المتكرر عن الدوام، كما أفادت بذلك مصادر «الأيام».​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى