بالصور.. العبري بالمهرة.. المدينة التي حولها "لوبان" إلى أطلال

> تقرير وتصوير - نجيب المحبوبي

>  يقعد طفل مهري القرفصاء أمام منزله المهدم متحسراً جراء الإعصار الذي ضرب المحافظة وحول كثيرا من مبانيها إلى ركام وخراب، فضلاً عن القتلى والجرحى في صفوف المواطنين الذي حوصروا لأيام.
وخلفت الحالة المدارية التي سرعان ما تحول إلى إعصار عُرف باسم “لوبان” أضرارًا كثيرة في البنى التحتية، قُطعت على إثرها خدمات المياه والكهرباء والاتصالات والمواصلات.


وكانت السلطات المحلية قد أعلنت في وقت مبكر بأن المهرة محافظة منكوبة، مناشدة الحكومة والتحالف والمنظمات الدولية بالتحرك السريع لإنقاذ عشرات الأسر العالقة فوق المنازل التي غمرتها المياه.
وأتت هذه الاستغاثات بعد أن تحول الوضع إلى كارثي في مدينة الغيظة، عاصمة المحافظة، ومناطق العبري، ومونغ، ومناطق وادي تنهالن والمسيلة.

منطقة منكوبة
منطقة العبري من أبرز المناطق التي اجتاحها إعصار لوبان المدمر والذي كاد أن يدمرها تماماً ويحولها إلى مدينة تحت الماء.
يسكن في هذه المنطقة الصغيرة التي تتكون من حواري شعبية، المئات من الأسر المهرية بالإضافة للعديد من النازحين.


اضطر الأهالي فيها للصعود إلى أسطح منازلهم، وآخرون إلى تبة صغيرة للنجاة من الفيضان غير المسبوق، غير أن الأمطار كانت تشتد ومنسوب مياه الأمطار يعلو شيئاً فشيئاً ليجدوا أنفسهم محاصرين فيما يشبه بجزيرة تحيط بها المياه من كل الجهات، وبينما هم كذلك يدعون الرحمن ويطلبون منه النجاة والتخفيف عنهم مما هم فيه، استجاب الله لدعائم، كما يقولون، بأن قدمت الطائرة المروحية اليمنية لإنقاذهم في الوقت المناسب.

انقطاع للخدمات
انتهى الفيضان ولكن بعد أن أصبحت “العبري” منطقة منكوبة، فلا ماء يصل لمنازل الموطنين، ولا كهرباء، ولا طرقات، والدخول إليها يتم عبر طرق ترابية تم إنشاؤها بعد الإعصار بجهود كبيرة من قيادة المحافظة التي تعمل جاهدة لإعادة خدمتي الماء والكهرباء للأهالي.


ويؤكد أبناء المنطقة التابعة لمديرية الغيظة أن ما حل بهم مؤخراً لم يشهده الآباء والأجداد من ذي قبل.
يقول الحاج سليم رويضان عوض (63 عاما): “قضيت عمري كله في هذه المنطقة، لكن لم أشاهد كهذه الكارثة التي تسبب بها إعصار “لوبان” على مدينتنا التي كادت أن تطمرها مياه السيول التي حوطتها من كل ناحية، وأجبرتنا للصعود إلى التبة لتنقذنا من مياه الإعصار”.

وأوضح في سياق حديثه لـ«الأيام» بأن “ما حدث في العبري والمحافظة من خراب ودمار لم يحدث منذ زمن الأجداد”.


وأضاف، بينما كان يشير بيده “انظر إلى هذا المنزل الواقع أمامنا كان مكونا من طابقين اثنين غير أن الإعصار أسقط نصفه في الوقت الذي كان رب الأسرة متواجدا في الدور العلوي منه بعد أن امتلأ الدور الأسفل بالمياه، ولكن بفضل الله خرج ولم يصب سوى بإصابات طفيفة جدا”.
وناشد عوض المنظمات الدولية والتحالف العربي والحكومة “سرعة النظر إلى منطقة ومدن المحافظة المنكوبة”.

وضع مرعب
فيما قال الطفل مصطفى عويضان “في بداية تساقط المطر خرجنا نلعب ولكنه سرعان ما تساقط بغزارة، وهربنا جميعاً إلى التبة بعد أن بدأت مياه السيول تحاصر منازلنا، وبقينا عليها حتى تمكنا من الخروج بواسطة المروحية التي قدمت لإنقاذنا وأبناء المدينة”.


وأضاف الشاب مالك ناصر مصبح “كنا نعتقد حينما بدأت الأمطار بالهطول بأنها ستكون خفيفة ولم نتوقع بأن كارثة كبيرة ستحل بنا، إذ استمرت بالتساقط بشكل متواصل حتى اليوم الثاني ومعها بدأ منسوب المياه بالارتفاع إلى مستوى أرضيات المنازل، وفي اليوم الثالث تساقطت الأمطار بغزارة شديدة، ولأن منطقتنا تقع بين وأديي الجزع ومشاط، انقطعت الطريق علينا وأصبحت غارقة بمياه الفيضان المتدفقة بغزارة إلى منازلنا متسببة بإعاقة التحرك بين الحواري.. كان حينها الوضع مرعبا وصعبا جداً، فكل شخص منا لا يعرف ماذا يعمل، فكلاً يريد أن ينجو بنفسه وينقذ أسرته، وهناك من شعروا بخطورة الأمر في بعض الحواري وهربوا سريعاً نحو التبة، وآخرون تم إخراجهم على متن سيارة نوع (شاص) تابع للجيش، وكثيرون حُوصروا في أسطح منازلهم.. بتنا جميعاً في هذه الأوقات الحرجة نستغيث ونطلب النجدة، أيضاً المحافظ راجح باكريت توجه باستغاثات ولكن لا أحد سمع أصواتنا، حتى أتت إلينا المروحية اليمنية وأخرجت على متنها من كانوا في مناطق الخطر، وبعد انتهاء الإعصار عاد البعض إلى بيوتهم، وآخرون ماتزال منازلهم غارقة بالمياه حتى اليوم، وهناك مشردون باتوا يسكنون في الخيام بسبب ما خلفه “لوبان” من الدمار في هذه المحافظة المنكوبة”.

وتوجه عويضان بمناشدة عبر «الأيام» إلى المنظمات الدولية والتحالف العربي والحكومة بـ“السرعة في إنقاذ المهرة مما حل بها من خراب ودمار في الخدمات والبنى التحتية”.
 
واقع لا يصدق
عادل سهيل ناله نصيب وافر من أضرار الإعصار، إذ تعرض جزء من منزله للدمار والجزء الآخر ما يزال مطموراً بمياه السيول، كما تعرضت جميع أدواته المنزلية للتلف.

احد مصابين اعصار لوبان
احد مصابين اعصار لوبان

يقول سهيل في وصف ما حل به “كان السيل مثل البحر وأوشكت منازلنا على الاختفاء، كنا كلما نصعد لمنطقة عالية يصل منسوب الماء إلى نحو أعناقنا، كنا نسير عبر الحبال، وعجزت  سيارة الشاص العسكرية من إخراجنا.. كنت أشاهد منزلي بعيني وهو يسقط ويغرق وسط المياه، كانت لحظات صعبة، ولكن نحمد الله على كل حال”.

عملية اخراج الطين الذي جرفه الاعصار للمنزل
عملية اخراج الطين الذي جرفه الاعصار للمنزل

ويضيف في حديثه لـ«الأيام»: “كان منظراً لا يصدق، فحتى اليوم مازالت الكثير من البيوت ممتلئة بمياه الفيضان، وحالياً عاد الكثيرون من أبناء المنطقة إلى منزلهم، ولكن خدمتي الماء والكهرباء مازالتا مقطوعتين تماما، وهناك صهريج واحد ينقل الماء لكافة أبناء منطقتنا غير أنه لا يكفي، ولهذا نتمنى من الجهات المعنية والمنظمات الدولية بضرورة النظر إلى منطقة العبري وإلى المهرة المنكوبة بشكل عام، ونتمنى أيضاً سرعة إعادة خدمتي الماء والكهرباء فهما أساس الحياة في أي مجتمع”.

تخوف من انتشار الأمراض

من جهته قال الشاب محمد حمود، وهو أحد أبناء المنطقة “فعلاً كانت لحظات صعيبة جداً، حيث أصبح الجميع محاصرين من جميع الاتجاهات حتى في حوارينا، فالسيل القادم من وادي الجزع كان كبيرا جداً وارتفع منسوب المياه نتيجة لتدفقت السيول نحو حوارينا من ثلاثة جهات، واضطررنا للصعود إلى الطابق العلوي بعد أن غرقت المياه الدور الأرضي”.

مواطن يتنفقد منزله بعد إعصار لوبان
مواطن يتنفقد منزله بعد إعصار لوبان

وأضاف لـ«الأيام»: “كنا نناشد الجميع لإنقاذنا وقد تم لنا من قبل الأهالي، قبل أن تصل المروحية لإنقاذ الآخرين إلى مناطق آمنة، وحالياً أصبحنا وكأننا نعيش في العصر البدائي في هذه المنطقة المنكوبة والمحرومة من المياه والكهرباء، بسبب الإعصار فضلاً عن الدمار الآخر الذي خلفه في الطرقات وغيرها.. وعلى الرغم من مرور تسعة أيام على الكارثة إلا أن الماء لم يصلنا إلا عبر صهاريج السيارة الوحيدة، وبتنا نخشى أيضاً من انتشار الأمراض والأوبئة في الأيام المقبلة بسبب المياه التي ماتزال راكدة، ومن خلال «الأيام» نناشد المنظمات الدولية بسرعة التدخل”، مشيرا إلى أن “المسؤولين بالمحافظة يبذلون قصارى جهدهم، لكن هذه الكارثة كبيرة وبحاجة لتعاون كبير من الجميع”.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى