اتحاد أدباء وكتاب الجنوب.. الأبعاد والدلالات

> * د. حسين العاقل

>
بمناسبة نجاح أعمال المؤتمر التأسيسي لاتحاد الأدباء وكتاب الجنوب، المنعقد يوم الخميس الموافق 29 نوفمبر 2018م، تحت شعار (بالكلمة نعزز الهوية الثقافية ونضيء الجنوب فضاء وطنيا وإنسانيا) برعاية المجلس الانتقالي الجنوبي، وحضور عدد من الأدباء الرواد المثقفين والشخصيات الثقافية والأدبية وحوالي 130 مندوبا من مختلف محافظات الجنوب. يسرني شخصيا ونيابة عن زملائي أعضاء الهيئة الأكاديمية الجنوبية، أن نعبر عن مشاعر الارتياح وعن أسمى معاني التهاني والتبريكات لمندوبي المؤتمر التأسيس على نجاحهم في استعادة مجدهم وتاريخهم الأدبي والثقافي، وذلك من خلال إشهارهم لكيانهم المجتمعي (اتحاد أدباء وكتاب الجنوب).

لقد جاء انعقاد المؤتمر متزامنا مع احتفاليات شعبنا الجنوبي بالذكرة 51 ليوم الاستقلال الوطني المجيد 30 نوفمبر 1967م، حيت شكل الأدباء والكتاب لجنة تحضيرية لصياغة وإعداد الوثائق التنظيمية والنظام الداخلي للاتحاد المعبرة عن إرادة الأدباء والكتاب في قناعتهم النضالية ومواقفهم السياسية تأسيس كيان أدبي جنوبي، يعبرون من خلاله عن تمسكهم المشروع بهويتهم الجنوبية، بعد سنوات من المعاناة والتهميش والإقصاء والتغييب، والهيمنة من قبل مركزية اتحاد أدباء وكتاب نظام الاحتلال اليمني في صنعاء، على مدى سنوات الاحتلال الاستبدادي منذ 1994م.

إن تلك المعوقات والصعوبات والخصوصيات الذاتية والموضوعية للمرحلة التاريخية التي يمر بها شعبنا، وما أفرزته سنوات الاحتلال اليمني من عيوب وتشوهات نتيجة محاولات ذلك الاحتلال المتخلف، من اتباع سياسة طمس القيم الحضارية والموروث الثقافي والإبداعي للمجتمع الجنوبي، الذي تميز به الأدباء والكتاب الجنوبيون منذ خمسينيات القرن الماضي، عندما جعلوا من العاصمة الجنوبية عدن إحدى المدن العربية والعالمية، التي شهدت نهضة ثقافية شملت مختلف المجالات الأدبية والإعلامية والصحفية، وبقيت عدن على مدى أربعة عقود مركزا مشعا للنوادي والمنتديات ودور النشر والمدارس الأدبية المنفتحة على الثقافات العالمية، فكانت بحق مدينة عربية وإسلامية تشكل حاضنة سياسية وأدبية للتعايش السلمي والتبادل الثقافي بين الشعوب والقوميات والهويات الإنسانية.

ولأن نظام الاحتلال اليمني، قد سعى بنهجه المتخلف على فرض سياسة ثقافة العادات القبلية وتقاليد المفاهيم الجاهلية، وذلك من خلال تدمير ونهب المنشآت التي لم تقتصر على المرافق والمؤسسات الحكومية العامة فحسب، بل وصل الأمر برموز ذلك النظام إلى درجة التعامل مع الهيئات والمنظمات المجتمعية والمكاسب والمنجزات الأدبية والثقافية الجنوبية بتعامل عدواني، اتسم بنوازع الحقد والانتقام، فتحولت العاصمة عدن من مدينة حضارية إلى قرية ريفية عاثت فيها جيوش البغي والاستكبار اليمني نهبا وخرابا.. وبفعل ذلك بقي مثقفوها وأبناؤها وسكانها المدنيون يندبون حظهم وهم مصدومون مما لحق بمكتسباتهم وقد صارت أطلالا خاوية على عروشها.

وبالرغم من تركة الاحتلال اليمني الثقيلة، إلا أن فئة الأدباء والمثقفين وقطاع واسع من رجالات الفكر والعلم والإبداع والسياسة وغيرهم، لم يستسلموا لجبروت سياسة الهيمنة العسكرية والقبلية، فقد استمر رفضهم وعدم قبولهم بطمس هويتهم المجتمعية، واجتثاث موروثهم الثقافي المتوارث جيلا بعد جيل، وهو ما تخلق بداخله البذور الثورية وتوالدت منه مشاعر الحماس النضالي لأبناء الجنوب، لمقاومة ذلك الجبروت الغاشم، فتشكل الحراك السلمي للتحرير والاستقلال واستعادة الدولة الجنوبية. ليتحول بعد ذلك إلى مقاومة شعبية استطاعت بفضل من الله ثم بمعنويات مناضلي شعبنا ودعم واسناد أشقائنا الكرام والأوفياء في دول التحالف العربي، بعاصفتي الحزم والأمل وغيرها من تحرير معظم المحافظات الجنوبية.

ومن ثمار هذه الانتصارات والتضحيات الجسام، يسجل أدباء وكتاب الجنوب قصب السبق ليعلنوا للرأي المحلي والإقليمي والدولي، عن استعادتهم لكيانهم المؤسسي المجتمعي، باعتباره اتحادا جنوبيا جديدا ومستقلا بذاته، وليس له ارتباط أو تبعية أو بديل من كيانات أدبية أخرى.
الجدير بالذكر بأن المؤتمر قد خرج بقرارات وتوصيات هامة، وانتخب مجلس عام للاتحاد يتألف من 45 عضوا، وأمانة عامة من 11 عضوا انتخب لها د. جنيد محمد الجنيد رئيسا للاتحاد، والأديب بدر العرابي أمينا عاما.

وبهذا الإنجاز العظيم يكون أدباء وكتاب شعبنا الجنوبي أول من جسد وأسس مداميك أهداف قضية شعبنا الجنوبي المشروعة، وذلك باستعادة هيئتهم المدنية والثقافية على طريق استكمال استعادة دولة الجنوب المنشودة كاملة السيادة.
*عضو هيئة التدريس بجامعة عدن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى