كيف تحولت كرش من ترانزيت الجنوب إلى مدينة أشباح؟

> تقرير/ هشام عطيري

>
بحسب نص القرار الجمهوري رقم 33 لعام 1998م، ضُمت مدينة كرش، التابعة سابقا لمديرية تبن، إلى مناطق القبيطة، لتكون المركز رقم أربعة المكونة للمديرية، ورغم ذلك لا زالت كرش جنوبية الهوى والهوية.

وشكلت كرش مركزا مهما وشريان حياة لربط المناطق الجنوبية بالمناطق الشمالية، فمن يسيطر عليها يكون قد تمكن من فتح أو إغلاق منفذ مهم يتحكم بطريق رئيسي يربط الشمال بالجنوب، وهذه المدينة في حركة مستمرة بسبب موقعها الاستراتيجي ليلا ونهارا، ومنطقة حرة لبيع مختلف البضائع.


تعرضت هذه المدينة لأضرار كبيرة أثناء الحرب حيث دُمرت العديد من مبانيها الحكومية ومنازل المواطنين، كما قام الحوثيون بزراعة الألغام في مختلف مناطقها وقراها، ما جعلها تشكل خطرا كبيرا على الأهالي حيث شهدت المنطقة حوادث عديدة أودت بحياة العديد من الأطفال والنساء والرجال جراء انفجار تلك الألغام، الأمر الذي أخر عودة النازحين إلى منازلهم حتى يتم تطهير مناطقهم منها، فبعد أن سيطر الحوثيون عليها لفترة محدودة نزح منها مئات الأسر إلى مناطق أخرى بحثا عن الأمن والأمان.

بعد التحرير
وبعد تحرير كرش، بفضل الله، ثم بفضل المقاومة الجنوبية وبدعم من التحالف العربي، عادت الحياة إلى كرش وقراها تدريجيا، ولكن لازالت تعاني جراء التدمير الذي تعرضت له في مختلف المجالات الخدمية والصحية والاجتماعية، فتحولت إلى أوجاع ومعاناة يومية للمواطنين والسلطة المحلية في المديرية.

اليات مدمرة تابعه للمليشيات
اليات مدمرة تابعه للمليشيات

فحتى هذه اللحظة لا يوجد حصر دقيق للأضرار التي تعرضت لها المنطقة، كون إمكانيات السلطة المحلية في المنطقة لا تسمح لهم بعمل حصر أو نزول لجان إلى مختلف المناطق، وهو ما يتطلب دعم جهات ومنظمات لهذا العمل الإنساني لتكون هناك قاعدة بيانات صحيحة لأي مشاريع إعمار قادمة للمنطقة.

أهم الأسواق
يقول مالك دكان صغير بسوق شعبي بكرش، محمد علي سويد إن هذا السوق يعتبر من أهم الأسواق حيث يأتي إليه كل المواطنين من القرى المجاورة لشراء حاجياتهم، ويستمر من الصباح الباكر حتى بعد الظهر، وهو يشعر بالأمان بعد التحرير، ولكن يطلب مزيدا من الأمان والصدق في التعامل وفق النظام والقانون.

السوق الشعبي بكرش
السوق الشعبي بكرش

إغاثة المنطقة
كثير من المؤسسات والمنظمات الدولية والمحلية ساهمت في تقديم المساعدات الإغاثية للمواطنين في مختلف مناطق كرش، وكان من بينهم الهلال الأحمر الإماراتي.


وتظهر آثار الحرب على وجه المنطقة من خلال ما قامت به المليشيات الحوثية من تخريب، حيث بدت في تبة مرتفعة قليلا عن المنطقة مباني عدد من الإدارات الأمنية والمدنية مدمرة، والتي كانت تعمل منها قيادة مديرية القبيطة، حيث تعد كرش مركزا إداريا للسلطة المحلية للمديرية، لتباشر قيادة المديرية عملها في مبنى مدرسي تضم العديد من المرافق الحكومية التي تفتقر إلى عدم توفر الأثاث والإمكانيات البسيطة لممارسة العمل في تلك المدرسة التي خلت من طلابهاـ حيث يخبرنا أحد الموظفين أن «قيادة المكتب التنفيذي للمديرية يفترشون الأرض أثناء عقد اجتماعاتهم الدورية، ناهيك عن عدم توافر أي إمكانيات لإدارة الأمن التي تفتقر إلى وجود أطقم أمنية مجهزة بكافة المعدات لممارسة عملهم بشكل طبيعي، إلا أن الجهود التي تبذل وعزيمة وإصرار أفراد الأمن ساهمت باستمرار العمل، إضافة إلى عمل فرع مصلحة الأحوال المدنية الذي يؤدي دوره في تجميع بيانات المواطنين ونقلها للمركز الرئيسي بلحج لإصدار البطائق».

أضرار الحرب
ومن أضرار الحرب في كرش تعرض الشبكة الكهربائية إلى التدمير والتخريب، حيث كانت الكهرباء تصل من مدينة الراهدة، وهو ما أثر كثيرا على الوضع الخدماتي في المنطقة.

وأما بالنسبة للمياه فإن منطقة كرش تفتقر إلى المياه الصالحة للشرب، حيث إن المياه في كرش مالحة، وهو ما دفع المواطنين إلى شراء المياه عبر سيارات تقل خزانات مياه من مناطق بعيدة ومنها منطقة (قميح) بمبالغ مالية كبيرة، الأمر الذي ضاعف من أزمة سكان المدينة الذين يطالبون بتوفير المياه الصالحة للشرب.

المدرسة تحولت الى مجمع حكومي
المدرسة تحولت الى مجمع حكومي

وقال مواطنون لـ«الأيام»: «إن سيارة الإسعاف المقدمة من الهيئة الطبية الدولية للمنطقة، لم يتبقَ لها سوى شهر واحد فقط من عملها بسبب انتهاء العقد، والتي تعد الوحيدة في المنطقة التي تقدم خدمات الإسعاف في المركز الصحي بكرش الذي يعد مركزا مشلولا في عمله حيث لا يزيد عدد المترددين عليه عن عدد أصابع اليد».

من جانبه، قال فني الأشعة سالم أحمد إن «المركز الصحي تعرض لأضرار كبيرة أثناء الحرب وهو يقدم خدماته حاليا في الولادة وسوء التغذية والتحصين وعلاج الطوارئ والإسعافات الأولية، ويشخص العلاج للمريض مظهريا في المركز من قبل مساعد الطبيب، وتصرف له الأدوية إذا كانت متوفرة».
وأضاف لـ«الأيام»: «إن عدم توفر الكهرباء وأعطال المولد الكهربائي ساهما بشكل كبير في شل عمل المركز، إضافة إلى ما تعرضت له أجهزته ومعداته، فأغلب غرف المركز فارغة من التجهيزات، ورغم وجود جهاز أشعة وكرسي أسنان حديثين إلا أنهما لا يتم استخدامهما نتيجة عدم وجود الكهرباء، ويحتاجان إلى صيانة بسبب توقفهما لسنوات عدة».

مبنى المستشفى متوقف منذ عشر سنوات
مبنى المستشفى متوقف منذ عشر سنوات

وتابع «الأضرار كبيرة في المبنى ومشاكل عديدة يعاني منها المركز الصحي، ورغم ذلك فهم يتناوبون في المركز بشكل متواصل على بعد امتار قليلة من المركز الصحي، ويوجد عدد من المباني بنيت منذ أكثر من عشر سنوات، حيث كان من المخطط له أن يكون مستشفى إلا أن تأخر المشروع وتعثره حول هذا المبنى إلى مخازن ومستودعات لمختلف الأجهزة والمعدات الطبية والتجهيزات المختلفة».

خطر الألغام
مصدر في السلطة المحلية أكد أن «مشروع مبنى المستشفى المتوقف منذ عقد من الزمن ممكن أن يتحول إلى حقيقة ويعيد الأمل لإحياء هذا المشروع الهام الذي سيستفيد منه الآلاف من الأسر، حيث إن كافة التجهيزات الخاصة به موجودة في المبنى».. وأضاف لـ«الأيام»: «لازال الفقر يخيم على المنطقة وآثار الدمار بادية وهناك مخاوف من انفجار الألغام ما أدى إلى تأخر عودة النازحين إلى ديارهم، إلا أن المشروع السعودي لنزع الألغام (مسام)، المدعوم من قبل مركز الملك سلمان للإغاثة والإعمال الإنسانية وتنفيذ البرنامج الوطني لنزع الألغام، يهدف إلى التصدي للتهديدات المباشرة لحياة الشعب اليمني».

مباني حكومية متضررة
مباني حكومية متضررة

وتابع «في كرش يستمر فريق نزع الألغام بقيادة قائد الفريق أحمد محمد الردفاني في عمله ضمن مشروع مسام لنزع الألغام، والتي زرعتها المليشيات على الطرقات والأراضي الزراعية وبجانب آبار المياه ومنازل المواطنين».

نزع الألغام
بدوره، يقول قائد فريق نزع الألغام أحمد الردفاني إن «الفريق الثاني لنزع الألغام يعمل منذ شهر أغسطس، وقد قام بنزع عشرات الألغام المزروعة وإبطال مفعولها ونقلها إلى مواقع آمنة»، لافتا إلى أن «المليشيات زرعت الألغام في الطرقات والقرى والمدارس وحول المدارس ومراكز المياه».
وكشف الردفاني عن «وجود عدة مقذوفات مختلفة من مخلفات الحرب وصاروخية مدفعية لم تنفجر وخطيرة جدا على المواطنين، ويجري التعامل معها ونقلها إلى موقع آمن للتخلص منها وتدميرها».

ألغام منزوعه بمنطقة كرش
ألغام منزوعه بمنطقة كرش

وأشار إلى أن مهمتهم تكمن في إعادة النازحين إلى منازلهم بسلام من خلال عملية تطهير الطرقات والقرى والمدارس، والمرحلة الثانية سوف يتم العمل في المناطق الملغومة الجبلية.. مبينا أن الفريق تمكن من نزع ما يقارب 100 لغم فردي ودبابة وعبوات ناسفة مختلف الأنواع بعضها محلية الصنع.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى