الشاعر الغنائي أحمد سالم البيض ورحلة الوداع الأخير

> محمد أحمد باعباد

>
في الساعة السابعة ليلا، وقت صلاة العشاء، كان المرحوم الشاعر أحمد سالم البيض، الذي اختاره الله فجر يوم الأربعاء 12/19 إلى جواره، وقد أسلمت روحه مطمئنة راجعة إلى ربها راضية مرضية، على موعد بعد الصلاة، للصلاة على جثمانه الطاهر، لتشييع ليتوارى في تربة مقبرة مسجد (عمر) عليهما رحمة الله وغفرانه ، في رحلة وداع أخير، ذهابا لا رجعة بعده، في ذمة الله في يوم الأربعاء الموافق 19 ديسمبر الجاري، وقد ودعته الجموع من السلطة المحلية بالمديرية متمثلة بمديرها العام الدكتور عدنان محمد حمران، والاتحادات الثقافية والأدبية والفنية، وناسه وأهله ومحبيه من غيل باوزير والمكلا والشحر، ونعته الجموع من ساحل حضرموت، إنا لله وإنا إليه راجعون.

لقد كانت الصور تتزاحم أمامنا، فلا نستطيع إلا أن نعانقها واحدة بعد الأخرى، من خلال دموعنا وفجيعتنا كلها تلتقي في صفات كبيرة لهذا الرجل الشاعر الإنسان، أحمد سالم البيض، فيا للفاجعة الحزينة، فالدنيا في ناظري أضيق من سم الخياط، والقلم بين أناملي يهتز ألما والعين تذرف الدموع، وإعادة الفائت محال، قضاء وقدر وقوة إيمان، بأن الموت حق والحياة حق وكل نفس ذائقة الموت، والحمد لله.

ووفاء وعرفانا لهذا الشاعر الحبيب والصديق الذي عاصرناه وعايشناه وتفاعلنا مع إبداعه، نحن وكافة الفنانين، في داخل الوطن، وتفاعل كبار الفنانين الحضرميين معه بالكويت الشقيق التي اختار الغربة على أرضها الرحبة عملا ونشاطا ثقافيا وفنيا، وتفاعلنا مع كلمات شعره الرائعة، كمبدع وهبه الله موهبة كبيرة ليقول الكلمة العاطفية والموضوعية والوطنية عشقا وهياما بوطنه حضرموت عامة ولمسقط رأسه غيل باوزير خاصة، وما أسهمت به قريحته بالشعر مع الفنانين المرحومين الملحنين الأخ جمعان أحمد بامطرف، والأخ محمد علي عبيد، كل منهم تقاسم ما جاء في ديوان شعره، فغاصا في بحره الذي لا ينقطع هديره، وطلعوا منه بالذرر وكسوها بألحان جميلة رائعة، تغنى بها الفنانون بحضرموت، ساحلها وواديها بمثل ما تغنوا بأغاني الشاعر الكبير حسين أبوبكر المحضار، الذى أثنى على ما أبدعته قريحة البيض، شاعرا مرموقا، ونالت إعجاب الجماهير المستمعة والمتابعة، لكل جديد من شعره، ولنعطِ من كلمات شعره نموذجا للحنين والعشق لمسقط رأسه غيل باوزير من مطالعها وهو في الاغتراب، يقول:
والغيل لاذكرتها سالت دموعي
وفاجأني البكاء والنحيب
فيها حبيب الصبا
شمعة فؤادي.. ومن غيره فؤادي كئيب

الشاعر أحمد سالم البيض
الشاعر أحمد سالم البيض


هذه صورة من صور حنينه لمسقط رأسه، مطلية بلون الحنين، أبعادها شوق وتلهف، وملامحها ألم وتوجع، كما وصفها الأستاذ الأديب عبدالرحمن عبدالكريم الملاحي، رحمه الله، في مقدمة ديوان الشاعر البيض (حنين مغترب)، كما أننا لا ننساه في كلمات شعره الوطنية مشاركا في ثورة أكتوبر المجيدة في 1964م واستقلال الوطن في 30 نوفمبر 1967م حيث قال:
يا شعبنا على الجهل ثور..

وغيرها في فترة الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني، وإذا عدنا لكلمات شعره العاطفية ليعبر في هذا الجانب المثير عن عواطف العاشقين، وعن أحاسيسه وانفعالاته التي لامست أوتار المزهر، فتغنى بها الهزار وغنت الحمامة، ووضع لحنها الملحن الفنان محمد علي عبيد:
ما أظن أني بدونك
في الهوى باعيش وحدي
أو بنظرة من عيونك
بحترق في نار وجدي
لا الزمن دايم ولا أيام سعدي
نحمد الله جات منك كيف لاقد جات مني.
غناها الفنان الكبير كرامة سعيد مرسال، وأبوبكر سالم بلفقيه، يرحمهما الله وبقية فناني حضرموت.

والفنان الكبير المرحوم كرامه مرسال تغنى بحنجرته الذهبية بكلمات البيض الجميلة من لحن المرحوم الفنان الشاعر جمعان أحمد بامطرف (من مننا معصوم ماقد يوم زل).
وتغنى الفنان المبدع عبدالله مخرج (بس أرجوك لا تروح)، كما تغنى بها بعد سماعه لكلماتها ولحنها عدد من فناني حضرموت وغيرهم في الخليج، مثل خالد الملا وللفنان الكبير الموسيقار عبدالرب إدريس إسهام في تلحين كلمات البيض (طيعني وارحم شبابي) تغنى بها مع وضع الموسيقى والتوزيع.  إذا استعرضنا كل من تغنى من الفنانين بحضرموت بكلمات البيض نجد منهم الفنان شيخ الفنانين سعيد عبدالمعين والجوهرة الفنان بدوي زبير، والفنان القدير مفتاح سببت، والعندليب الفنان محفوظ بن بريك والفنان الإعلامي عبدالرحمن الحداد، وغيرهم من الفنانين.

هذا هو الشاعر الراحل أحمد سالم البيض، وهو من مواليد 1940م، ويعد ثمرة من ثمار المعهد الديني بغيل باوزير، رحمه الله.. وأسكنه فسيح جناته.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى