أين راحوا أبناء البلاد الحقيقيون؟!

>
أحمد عبدربه
أحمد عبدربه
ماذا جرى للمواطنين في بلادنا؟ غابت القناعة والرضاء والتسامح والشيامة وسيطر على الناس حب المال الحرام (الفساد) والجشع وأصبح الأخ يقتل أخيه، والابن يقتل أبيه، بين الصغار والكبار كل على حد سواء.. جاؤوا أناس إلى مجتمعنا بتصرفات غريبة مريبة عجيبة
في تصرفاتهم وعاندوا الزمن وخاصموا الضمير بلا أسباب.. وانقلبت الأوضاع وجوه غريبة من طراز فريد.. وتحول كثير من الشباب إلى أعمال العنف والبلطجة وحب المال؛ فيجمعه بأي وسيلة بالسفر إلى الخارج أو العمل في مجال غير مشروع، مدمنين مضغ القات، وبيع القات أصبح المال هو الهدف..

وإذا عرضت عليه وظيفة أو فرصة عمل يقارن بكم ستوفر له من مال.. لا يفكر كيف يعمل ويرتقي بعمله ليحقق ما يريد، فهو يريد كل شيء جاهز، (أريد قطعة لحم من كبشي وأريد كبشي يمشي) هذا المثل الشعبي ينطبق على هؤلاء. للأسف إن سيطرت النزاعات الفردية والأنانية وحب الذات على الجميع.. والكل يحاول أن يكون ظالماً وله ضحايا، وابتعدنا كثيراً عن أسلوب العدل والرضاء في المعاملات.. الشقيق مع شقيقه، وزميل العمل مع زملائه، والجار مع جاره، ولم يعد أحد يسعد لنجاح الآخرين. وكأن النجاح لأي شخص هو صاعقة وكارثة على الآخرين.. يا سبحان الله!.. ماذا جرى للناس؟.. وتفرغ البعض لتدبير المكائد للآخرين وغلق الباب أمامهم.. وتفرغ البعض الآخر لحمل المباخر (جماعة الإعلام الورنيشي) وتلاوة قصائد النفاق والرياء طمعاً في المال أو طلب آخر.. ولتدبير المكائد والمقالب للآخرين.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.. حتى بعض كبار السن باعوا ضمائرهم من أجل المال.. وحاول هؤلاء تجميد مسيرة الحياة وكأنها بحيرة رائدة، وهذا ضد حركة الحياة ذاتها. وظهرت حالات للفساد والرشوة والانحراف والكسب الحرام بين من لديهم ما يكفي للمعيشة وزائد الهانئة السعيدة بما يتوافر لديهم من دخول ولكنها القناعة الغائبة.. وحب المال الحرام والطمع.. ولم يكن التورط في المال الحرام (الفساد) أبداً سببه الحاجة وضغوط المعيشة، ولدينا من يحتاج ولكنه لا يمد يده خوفاً ورهبة من هذا الحرام (الفساد) وبسبب النماذج الرديئة من الباحثين عن المال الحرام (الفساد)، أصبح الشباب ينظر إليهم على أنهم قدوة في تجميع المال فهو يشاهدهم وأولادهم ينفقون المال ببذخ وانحراف وسفه.. وزرع هؤلاء الفاسدون مقولة فاسدة «أن المال والطريق إليه هو الكسب الحرام (الفساد)» وهذا غير صحيح.. ولكنهم جعلوا الشباب يترك الرغبة في العمل والانتاج والكفاح، ويفكر فقط في المال وليس مهماً من أين يأتي؟ ومن أي طريق؟.. بما معناه قول المثل: (ابن الوز عوّام)..

وزراعة هذا المرض اللعين في أي بلد من بلدان العالم وهو (حب المال الحرام) أي (مال الفساد) كارثة على المجتمع والشباب ومستقبل هذه البلاد.
 فالبعض أصبح يشعر أن عليه جمع المال بأي وسيلة كانت، وتحول فرض الأتاوات على إنجاز المصالح ظاهرة تتم خفية وعلناً في بعض الأحيان، ولا يشعر هؤلاء بتأنيب الضمير، وفي ظل هذا المناخ الرديء تظهر موجات من النفاق والرياء والخداع والغش، فالمنافق يحاول اختراع الدسائس والفتن لمن حوله بعدة طرق متلون على كل اتجاه (أبو شريحتين)، وهناك علاقة وطيدة بين العاجزين والفاشلين وحزب أعداء النجاح، فالفاشل يصعد إلى كرسي المسئولية في غيبة المعايير الموضوعية للاختيار، ويباركه حزب أعداء النجاح فهذا يحقق لكل فريق مطامعه وأغراضه، ويحاول العاجزون الفاشلون الالتصاق بالكرسي لأطول فترة ممكنة حتى يتحقق لهم ما يطمعون فيه من الهبر أو الثراء والكسب الحرام (الفساد وسنينه)، فهم يعتقدون أن أيامهم معدودة، وأن عليهم إحراز أكبر قدر ممكن من المال خلال عملهم في هذا الموقع، فاذا خلعوا منها أصبحوا في حالة تخمة من مال الفساد، وحب المال الحرام من الفساد والحقد وكراهية النجاح والانحياز للمعايير الظالمة هي صورة غريبة عن بلادنا وأهلها، وقد اختفى الحياء من هذه الوجوه رغم أنه كان إحدى السمات الرئيسية للمجتمع في بلادنا، وكان الغني يساند الفقير بلا إعلان.. والفقير لا يمد يده طلباً للمعونة قناعة وتعففاً ورضاً.. والمحتاج لا يمد يده إلى مال الغير أو المال الحرام، والفاشل لم يكن له صوت في المجتمع بين الناجحين، ولم يعرف الناس هذه الصور من النكد والمرارة والألم عندما يسمعون عن نجاح الآخرين إلا في هذه الأيام فهي صور غريبة علينا، ولم يعرفها المجتمع الجنوبي إلا في السنوات الأخيرة، فمتى يعود الجنوبيون إلى سابق عهدهم من التزام الصدق والنزاهة وحب المال الحلال وكراهية الحرام ونبذ النفاق والرياء والارتزاق الذي يدمر المجتمع ويهدم كل القيم النبيلة؟. وينحاز للمظلوم ضد الظالم مهما كان مركزه أو موقعه، ولهذا فإنني أصرخ متى يعود الجنوبيون؟ وأين الجنوبيون؟ لمطاردة كل هذه الصور المرفوضة الذي ربنا ابتلانا بها حتى تعود بلادنا التي عرفناها على مر السنين
كلمة أخيرة: أين أبناء البلاد الحقيقيون من ما نعاني منه الآن؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى