2019 عام الزعامات

> حين يكثر الزعامات يفسدون السياسة، وتنقلب الأوضاع راساً على عقب، حينها يتكاثر المسئولون ويقل عدد العمال، وتكثر البنادق وتقل المحاريث، وتنمو الأقوال ويضيع العمل..
عياش علي
عياش علي

لهذا أطلقنا عام 2015 بعام الأفاعي (ناعمة الملمس ولكنها قاتلة)، وعام 2016م بعام عيال آوى (آكل بيضات الرجال)، وعام 2017م بعام الضباع (أكلة الجيفات التي تقتل على أيدي الآخرين)، والعام المنصرم أطلقنا عليه عام القروش التي لا ترحم بفرائسها، وهذا العام يستحق أن نطلق عليه عام (الزعامات) الذي نرجو منهم تهدئة الحزازات والمضي بالقارب الجنوبي إلى شط الأمان.

بودي أن استعرض زعامتين لا يحلو هذا المقال إلا بذكرهما، والشخصية الأولى الداخل إلى عتبة الزعامات ينتمي إلى شقيقتنا الكبرى من اليمن الشمالي، الذي قمت باستقباله على الحدود بعيد التوقيع على الوحدة اليمنية 1990م، لأجل التعرف على مدينة عدن، وحين دخلت السيارة حدود محافظة لحج، كان مركزاً على أراضيها الزراعية ذات الامتداد على مد البصر، وكنت أنظر إلى تقسيمات وجهة؛ فأجده يتقلب من الاحمرار ثم الاصفرار ثم السواد الأعظم، ثم تعاود دورتها من جديد، فحاولت اكتشاف مزاجيته فسألته: كيف ترى لحج؟ قال: إنها جميلة لا توصف فهي أرض غنية بزراعاتها وبساتينها ومياهها العذبة، ثم أعاد إليّ السؤال: وكم عدد سكان لحج؟ فقلت: له رقماً مزيقاً إنهم يربوا عن مائتين ألف نسمة، فنهض من مقعده وصاح هذا ظلم وليس عدلاً، أن يمتلك هؤلاء العشرة نفر هذه البقعة الزراعية الضخمة، واستطرد بالقول: لو كان الشمال تغلب على الجنوب بهذه الوحدة، ستكون كل تلك الأراضي اللحجية ملكاً لواحد من مشايخ حاشد.
وقلت له: وأين سيذهب 200.000 لحجي ملاك تلك الأراضي؟، أجابني بقسوة وقال: لن يكونوا أحسن من أبناء تهامة!!

لقد أخطأت أنا بإعطائك رقماً سكانياً على غير حقيقة، فسكان لحج يربوا عن مائتين مليون نسمة، نعم إذا حسبتهم داخل ميادين القتال، وخارج ميادين القتال ستجدهم 200.000 نسمة فقط، قال: وماذا تقصد من ذلك؟، أقصد أن أبناء لحج ورثوا المقاومة من أجدادهم الذين انتصروا على المعتدين الأتراك وغيرهم، وعندهم مَثل يؤمنون به، "وأنهم قد يبيعون أمهم ولا يبيعون الوطن"، وهذا المثل قاله سلطانهم العبدلي محسن فضل 1839 للكابتن هينس عندما جاء لشراء مدينة عدن.
وكانت الأحزاب تخلق الزعامات أما اليوم فمدعوا الزعامات يخلقون الأحزاب، ومن هذه الزعامات المحلية (الجنوبية) التي كانت تتكلم على الطريقة اللينية فكان يقلد (لينين) في حركاته عندما كان يخطب أمام الجمهور، حتى فاجأه أحد المواطنين ولفت انتباهه بأن تلك لم تكن حركات (لينين) بل حركة (الكاميرا) في بداية اختراعها، حيث كانت تهتز تلقائياً عند التصوير.

ومن هذه الزعامات من كان يسمح لشاربة بالتمدد على طريقة هولاكو، فقد جاء مرة وحضر اجتماعاً تربوياً بلحج وقام بتوجيه سؤال للحاضرين: ما معنى كلمة (أرخبيل)؟ وقد شاعت هذه الكلمة أثناء حضور بعثة الأمم المتحدة في عدن من أجل استقلال الجنوب العربي، فلم يسمح الزعيم أي إجابة من الحاضرين، عندها مسح شاربيه وتوعد بتصفية كل التربويين الذين لم يجيبوا على سؤاله، وخرج من الاجتماع مقهوراً، لكن أحد العقلاء همس في أذنيه بأن لا يبالغ في العقوبة فهؤلاء جيل الثورة، وعليكم تأهيلهم بدلاً من تصفيتهم، وأضاف "إذا أنت خرجت وسلمت من التصفيات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى