عادات وطقوس عدنية مندثرة

> عصام عبدالله مريسي

>
ولأن عدن مجمع إنساني احتوى تعددا إنسانيا من داخل اليمن بشكل عام، فليس هناك قرية في سهل أو جبل إلا سكن ابناؤها عدن مع ما تستقبل عدن من الوافدين إليها من المحيط الإقليمي المجاور في شبه الجزيرة، عندما كانت عدن ولا زالت نجما ساطعا يبهر الأبصار مع ما أحاط بها من تهميش وتحجيم لمكانتها، لكنها تظل على مدى الحقب منارة للإنسانية والتراحم والتوافق الاجتماعي، فهي دائماً فاتحة ذراعيها لكل قادم غير آبهة لموطنه وجنسيته ولونه وشكله، فعدن هي أم الإنسانية، لهذا يظهر التمازج الثقافي والإنساني والاجتماعي والأدبي والإبداعي في كثير من نواحي الحياة في عدن، ومنها العادات والتقاليد والطقوس التي تمارس في مناسبات معينة كالزواج والوفاة واستقبال مولود أو عودة مسافر أو حتى عند البيع والشراء.

ولأن عدن حاضرة من حواضر الالتقاء الإنساني والثقافي، فلنا وقفة يسيرة مع بعض العادات والطقوس التي تمارس في مناسبات معينة، وهي في الغالب لا تخالف تعاليم الدين الإسلامي أو أنها تدخل في المباح إلا ما نذر، منها يكون شاذ وغريب وينطوي على عقائد مخالفة، خاصة وأن عدن حضن ضم حتى غير المسلمين وأعطاهم كل الحقوق التي لغيرهم من المسلمين دون تميز أو تفرقة، وكل ذلك التقارب وضع أثره على بعض العادات السائدة والطقوس التي تمارس في بعض المناسبات والمواسم.

ومن تلك الطقوس، عادة كانت تمارس عند عودة الغائب أو شفاء المريض.. والمقصود بعودة الغائب، هو عودة مسافر بعد غربته للعمل أو الدراسة أو حتى خروجه من سجنه، وشفاء المريض من مرضه، كانت هذه العادة أو الطقس تسمى (الفولة) وهي قدوم نساء الحي مهنيات وهن يحملن الحلويات المعلبة (الشكولاتة والنعنع) وربما الصرف من العملات الصغيرة المتنوعة، وبمجرد دخولهم المنزل المعني يتم بعد المباركات الإحاطة بالغائب وتمرير الهدية حول رأسه ثم بعثرتها على الأرض ليقوم الأطفال الحاضرون، وباقي الحاضرين بجمع متيسر له والاحتفاظ بذلك لنفسه، وكل هذا يجري في جو من الفرح والبهجة تطلق فيها الزغاريد والأناشيد.

ومن العادات العدنية ما يحصل عند ختان المولود الذكر في اليوم السابع من وضع إناء العسل وقطع الحلوى والنعنع والشكولاتة ودعوة كل أطفال الحي حتى يتسابقون إلى أخذ نصيبهم من الحلويات والعسل ويتذوقون مصبوب العسل وهم ينشدون «حالي حالي أيوه حالي».
ومن العادات التي اختفت واندثرت ما يحصل عند وفاة المولود الرضيع أو السقط المكتمل من دعوة صغار الحي وتمرير معجون الحنا ء على اجسادهم وسقايتهم الحليب الذي يجهز خصيصاً لصغار الحي في مثل هذه المناسبة.

ومن العادات التي كانت قائمة في عدن وتلاشت، هي إغراق الصغير المصاحب لأمه عند أول زيارة لأي بيت من بيوت الجيران ببعض الهدايا الرمزية والعطور.
ومن العادات في مواسم الرياح والعواصف طمس جوانب من وجوه الأطفال بسواد الفحم أو الدخان المتجمع على طاولة الخبز (القالب الذي يطبخ عليه الخبز).

وهناك الكثير من العادات التي ربما يطول الحديث عنها في مقال واحد وتحتاج لمجال أوسع من باب التدوين والتقيد للموروث الاجتماعي والعادات والطقوس التي سادت في عدن في حقب سابقة، وأخذت بالاندثار، بل إن بعضها تلاشى واختفى، وهو من باب التقرير وليس الإقرار لبعض العادات التي ربما تحمل مخالفات عقائدية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى