وداعا أيها الطبيب المداوي.. وداعا أيها الرجل النبيل!

> علي سالم اليزيدي

>
​البارح لم يطاوعني الهدوء والسكينة، كنت أشعر بإحساس يخنق حلقي، وفي الباكر قرأت خبر وفاة ورحيل، المغفور له بإذن الله تعالى، الدكتور أنيس سعيد وحدين، صاحب الصيت والمكانة المرموقة والساكنة قلوبنا، الطبيب الجميل الأنيق اللطيف الإنسان ابن المكلا ولاعب الدفاع لنادي كوكب المكلا، وشاهدته يلعب وينط مثل الفهد ورشيق مثل فراشة بها ألوان كل الدنيا، درس وعاد طبيبا مداويا وتحمل إلى جانب مهنته مناصب قيادية في الإدارة والرياضة والسياسة، واتصف بالشجاعة والنبل في صراعات الحكم وعلاقات إنسانية مع أصحابه وأهل البلد ويعرف العجوز والبسيط قبل الكبير، هو من أندر الرجال بيننا إذ يمتلئ قلبه بمزيج من الصفات الإنسانية والشعبية والاعتيادية جدا، وقلما تجدها في غيره وصنعت منه شخصية قريبة من الأفئدة والناس والمدينة رحمه الله وغفر له.

الدكتور أنيس سعيد وحدين ممن أحببناهم في المكلا وكل مدينة عرفته وعرفه أهلها، وبالنسبة لي كان صديقا وجمعتنا أشياء رائعة، وله الفضل بعد الله في ابتعاثي إلى الاتحاد السوفييتي عام 1983م للدراسة، حيث شكوت له مماطلة الجماعة وأذيتهم لي هنا وأن لا نية لديهم لإرسالي للدراسة غير مهتمين إلا بمجاميع بينهم محصورة، وضع يده على كتفي، قال لي بكرة تعال الظهر ونروح نكتب لك رسالة أنت وخالد السعدي، لاعب كرة السلة بنادي الشعب آنذاك، وكان مجندا (مستشار المحافظ الآن) من جمعية الصداقة اليمنية السوفيتية، ثم استدرك وقال صغها واطبعها ومر بها معك جاهزة، أنا أرسلك للدراسة وتذهب عدن وتسلمها لهم وتهتم ولعاد ترجع المكلا اجلس في عدن تابع شل لك إجازة واعطانا اسم الروسي في عدن بالمكتب هناك، أعلم أن الجماعة هنا مش متحمسين لذهابك أنت وأي حد طموح، رح بكرة.. وكان.. والله أحكيها والرجل مات وهي في رقبتي للآن.

وتابعت في عدن ونتواصل معه وقال لي المشرف الروسي نحن نحب الدكتور أنيس رجل ممتاز وطلب مني تعديل السن للأصغر شوية وفعلت في الاستمارات ووقف معي واحد اسمه مرشد شمسان في لجنة الصداقة ثم دفع بالموضوع صديقي فاروق علي أحمد ومعه أحمد سالم الحنكي (ثم لحقني كل هؤلاء الأربعة إلى موسكو بعد أشهر والتقينا الخمسة هناك ذات يوم) ومكثت في عدن شهرين والله زرت المكلا يومين خلسة لإتمام الراتب، ثم قطعوه علي مباشرة، وهم معروفين ولم انكسر سافرت ولم تمر أشهر إلا ولحقني هو لمدة سنتين دراسة عليا في سان بطرس برج (ليينجراد) سابقا وزرته هناك وعشنا أحداث 13 يناير 1986م. وكنا نتبادل نظام الرسائل السريعة ونطمئن بعض وذات مرة فتحت رسالة مني إليه برفقة طالبة بخبث وانزعجنا بعض الشيء.. رحمه الله.

لكن وهذا من الضروري أن أدمغ سيرته الرياضية بزهرة وعطر جميل، لقد كان الداعم المباشر في ظل التبرم حين بدأنا نؤسس لإطلاق البث الإذاعي المباشر لنقل مباريات كرة القدم من ملعب الفقيد بارادم بالمكلا في تجربة جديدة عام 1982م ونقلنا مباراتنا الأولي 22 مايو، أنا وعمر سالم باشامي وغالب محمد بافطيم، وما إن انتهت المباراة حتى وقف هذا الإنسان القيادي الرائع وقرر منح خمسة دينار لمعلق كل مباراة، دعما لهذه الخطوة، وكان يجلس بجانبنا أحيانا ومثله فعل الأستاذ والمدرب فرج بايوسف حارس كوكب الشحر الشهير السابق، أمثال الدكتور أنيس يحيون في قلوبنا وفي سماء مدينتهم والبسطاء والفقراء وفي ذاكرة البلد لأنهم أبناء بلد صيتهم من ذهب، إنا لله وإنا إليه راجعون.


> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى